الحمدلله الذي أنعم على الإنسان بالبيان وعلمه الحكمة والقرآن والصلاة والسلام على المبعوث بالبينات والفرقان نبينا محمد وعلى آله وصحبه أولي الفضل والعرفان وعلى كل من تبعهم بإحسان وإيمان وسلم تسليماً كثيرا أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله ، " ولقد وصينا الذين من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله مافي السموات ومافي الارض وكان الله غنياً حميداً " .
واعلموا أن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة في دين الله بدعه وكلّ بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
معشر المسلمين - إن شر مايُبتلى به المسلم هو لسانه وكلامه وحديثه وبيانه وإن من آفات اللسان ظاهرة بدأت تكثر في زماننا ويغذيها الجهل والإستهانة بها وآثارها ويعلمها ويورثها مع الأسف بعض الآباء للأبناء وبعض الأجداد للأولاد والأحفاد وذلك شأن يؤلم القلب والفؤاد وهذه اللظاهرة هي اللعن الذي استمراه بعض الناس على تحذير الله ورسوله منه ومن آثاره وخطورته على اللاعن في مستقبل أمره وآخرته ، وقد حذا البعض حذواً في ذلك خطيراً ومنحى ًجليلاً مريرا حتى أصبح له عادة ومفاخرة وتحية في مجلس ناديه ومجاهرة حتى أصبح طبعا له وسليقة آسرة نعوذ بالله من الخذلان ومن انتكاس الموازين في النفوس والأذهان ، فكم يسع ذلك الرجل من الوقت كي يتمكن من ترك هذا السلوك الخطير وهذه العادة السيئة التي رسخها في طبعه ونفسه بمرور زمن نرجو أن لايكون طويلاً ، فعلى كل من ابتلي بذلك أن يبادر لمجاهدة نفسه ومحاسبتها قبل ذهاب عمره ويتحرى في ذلك الأسباب ويرغب في ذلك بالدعاء والتوبة للسميع التواب يقول سبحانه : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .
- معشر المسلمين : إن خطورة اللعن ومحاذيره تتجلى في أمور :
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أنه كان ممن قبلكم من السلف الصالح ومن صالحي الأمة ممن مضوا وقضوا نحبهم أن الرجل كان يحسب كل كلمة يتلفظ بها في يومه ، وكل ذلك مخافة الزلل والندم يبتغون بذلك طريق السلامة والعافية ، فكانوا أبعد الناس عن اللعن والشتيمة والوقوع في الأعراض والولوغ في الحرمات ، فسلموا وظفروا بجيرة الله تعالى في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
معشر المسلمين : ليكن نصب أعيننا في ذهابنا ورواحنا وغدونا ومسيرنا قوله صلى الله عليه وسلم " وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " ومن قُدر له أن يلعن أحداً لايستحق اللعنة ، فليكثر له من الإستغفار ، وليكثر من الدعاء له في ظهر الغيب في أوقات الإجابة من جوف الليل وأدبار الصلوات وبين الأذان والإقامة لعل الله أن يغفر لكلا الإثنين إنه سميعٌ مجيب .
وهنا تساؤل ربما يطرحه البعض فيقول : كيف نجمع بين قول الله تعالى في شأن من يكتم ماأنزل الله من البينات والهدى حيث يقول : ( إن الذين يكتون ماأنزل الله من البنات والهدى من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) وبين الحديث : " المؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " أو قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : " إني لم أبعث لعّانا ً وإنما بُعثت رحمة "
فيُقال : أن الآية في شأن من يستحق اللعنة وأما الحديث ففي شأن من لايستحقها .
يامن بُليت بقــولك الفتـّان * واللعـن أرع ِالسمــــع للـتبيــان ِ
أعرض عن الأعراض وارع كرامةً * فلربّ قولٌ جرّ للكفران ِ
هذا وصلوا وسلموا على البشير الهادي في الحواضر والبوادي محمد بن عبدالله صاحب الحوض والشفاعة وشفيعنا يوم تقوم الساعة ، اللهم أحيا على سنته وتوفنا على ملته واحشرنا في زمرته وأدخلنا في شفاعته وأوردنا حوضه واسقنا منه شربة لانظمأ بعدها أبداً ياسميع الدعاء .
فاتقوا الله عباد الله ، " ولقد وصينا الذين من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله مافي السموات ومافي الارض وكان الله غنياً حميداً " .
واعلموا أن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة في دين الله بدعه وكلّ بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
معشر المسلمين - إن شر مايُبتلى به المسلم هو لسانه وكلامه وحديثه وبيانه وإن من آفات اللسان ظاهرة بدأت تكثر في زماننا ويغذيها الجهل والإستهانة بها وآثارها ويعلمها ويورثها مع الأسف بعض الآباء للأبناء وبعض الأجداد للأولاد والأحفاد وذلك شأن يؤلم القلب والفؤاد وهذه اللظاهرة هي اللعن الذي استمراه بعض الناس على تحذير الله ورسوله منه ومن آثاره وخطورته على اللاعن في مستقبل أمره وآخرته ، وقد حذا البعض حذواً في ذلك خطيراً ومنحى ًجليلاً مريرا حتى أصبح له عادة ومفاخرة وتحية في مجلس ناديه ومجاهرة حتى أصبح طبعا له وسليقة آسرة نعوذ بالله من الخذلان ومن انتكاس الموازين في النفوس والأذهان ، فكم يسع ذلك الرجل من الوقت كي يتمكن من ترك هذا السلوك الخطير وهذه العادة السيئة التي رسخها في طبعه ونفسه بمرور زمن نرجو أن لايكون طويلاً ، فعلى كل من ابتلي بذلك أن يبادر لمجاهدة نفسه ومحاسبتها قبل ذهاب عمره ويتحرى في ذلك الأسباب ويرغب في ذلك بالدعاء والتوبة للسميع التواب يقول سبحانه : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .
- معشر المسلمين : إن خطورة اللعن ومحاذيره تتجلى في أمور :
- أن الرجل عندما يُطلق اللعنة - فإن لم يكن الملعون أهلاً لها - فسوف تعود لصاحبها الذي أطلقها وهذه من أشد العقوبات وأنكى المصائب والويلات على ابن آدم فقد ثبت في سنن أبي داوود من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الرجل إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء ، فتُغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتُغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإن لم تجد مساغاً ، رجعت إلى الذي لُعن فإن كان لذلك أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها )) وقد جود اسناده بعض أهل العلم منهم ابن حجر العسقلاني .
- وكذلك أن لعن المسلم كقتله وسفك دمه نعوذ بالله وهذا أشد ماورد في اللعن ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وأحمد في مسنده من حديث ثابت بن الضحاك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لعن المؤمن كقتله " ورواه البخاري بلفظ : " ومن لعن مؤمناً فهو كقتله ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله "
- ومنها أن اللعن كبيرة من كبائر الذنوب وذلك إجماع من المرسلين والصحابة والمسلمين عامة ، فقد أورد الطبراني عن سلمة بن الأكوع - الصحابي الجليل - قال : " كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أنه أتى باباً من الكبائر " .
- ومنها : أن اللاعن لايكون شفيعاً ولا شهيداً يوم القيامه فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن اللعانين لايكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامه " وفي ذلك حرمان وعقوبة في يوم ٍ شديد الفاقه والحاجة لعمل صالح يرفع في المنازل أو يُنجي من عذاب النار وهو يوم القيامه ، فتصور حالك في موضع ترى فيه والدك أو ولدك يُعذب - لاسمح الله - ثم تريد أن تتكلم وتشفع فلا يُسمع منك ولا يُلتفت إليك .
- ومنها أيضاً : أن الذي يلعن ليس مؤمناً معتدلاً بل هو من فساق المسلمين وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " رواه الترمذي وابن حبان وأخرجه الحاكم وجود اسناده الذهبي وحسن اسناده الحافظ العراقي وذلك من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه .
- أن اللعن سبب لدخول الجحيم وذلك فيمن يلعن شيئاً لايستحق اللعنة ومن يُكثر منه على وجه الخصوص ، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبدالله بن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( يامعشر النساء تصدّقن وأكثرن الإستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا أكثر أهل النار ؟ قال : " تكثرن اللعن وتكفرن العشير ، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبّ منكن ، فقالت : وما نُقصان العقل والدين ؟ قال : " أما نُقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، وتمكث الليالي ماتُصلي وتفطر في رمضان فهذا نُقصان الدين " .
- ومنها أن لعن الشيء يُذهب بمنافعه كما ذكر بعض العلماء ويقطع خيره وهو يقع إذا وافق ساعة اجابة وكان الشخص ممن يستحق بسبب فسقه ، فلو أن والداً لعن ولده - لاقدر الله - لأنه ماأطاعه في أمر ما ، وقام الوالد بلعنه ووافقت ساعة اجابة فقد شقي الإثنان الوالد والولد ، وذلك أن الولد حصل له الشقاء بسبب لعن أبيه له ، والوالد شقي بشقاء ابنه ودعاءه عليه .
فاللهم أعذنا من شر أنفسنا وألهمنا رشدنا وألزمنا العدل في الفعل والقول ، أقول ماسمعتم فما كان منه صواباً فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله لي ولكم ولعامة المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي غفور رحيم
========== الخطبة الثانية ===========
الحمدلله العظيم الشان القدير المنان الرحيم الرحمن والصلاة والسلام على من أبان الديانة أحسن بيان للإنس والجان نبينا محمد وعلى آله وصحبه أولي الألباب والأذهان وسلم تسليماً كثيرا . . أما بعد : فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أنه كان ممن قبلكم من السلف الصالح ومن صالحي الأمة ممن مضوا وقضوا نحبهم أن الرجل كان يحسب كل كلمة يتلفظ بها في يومه ، وكل ذلك مخافة الزلل والندم يبتغون بذلك طريق السلامة والعافية ، فكانوا أبعد الناس عن اللعن والشتيمة والوقوع في الأعراض والولوغ في الحرمات ، فسلموا وظفروا بجيرة الله تعالى في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
معشر المسلمين : ليكن نصب أعيننا في ذهابنا ورواحنا وغدونا ومسيرنا قوله صلى الله عليه وسلم " وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " ومن قُدر له أن يلعن أحداً لايستحق اللعنة ، فليكثر له من الإستغفار ، وليكثر من الدعاء له في ظهر الغيب في أوقات الإجابة من جوف الليل وأدبار الصلوات وبين الأذان والإقامة لعل الله أن يغفر لكلا الإثنين إنه سميعٌ مجيب .
وهنا تساؤل ربما يطرحه البعض فيقول : كيف نجمع بين قول الله تعالى في شأن من يكتم ماأنزل الله من البينات والهدى حيث يقول : ( إن الذين يكتون ماأنزل الله من البنات والهدى من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) وبين الحديث : " المؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " أو قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : " إني لم أبعث لعّانا ً وإنما بُعثت رحمة "
فيُقال : أن الآية في شأن من يستحق اللعنة وأما الحديث ففي شأن من لايستحقها .
يامن بُليت بقــولك الفتـّان * واللعـن أرع ِالسمــــع للـتبيــان ِ
أعرض عن الأعراض وارع كرامةً * فلربّ قولٌ جرّ للكفران ِ
هذا وصلوا وسلموا على البشير الهادي في الحواضر والبوادي محمد بن عبدالله صاحب الحوض والشفاعة وشفيعنا يوم تقوم الساعة ، اللهم أحيا على سنته وتوفنا على ملته واحشرنا في زمرته وأدخلنا في شفاعته وأوردنا حوضه واسقنا منه شربة لانظمأ بعدها أبداً ياسميع الدعاء .