إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له ومن يُضلل فلا هادي له واشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بين يدي الساعة فأنار به البصائر وبصّر بالرب القلوب وفتح الله به أعيناً عُمياً وآذاناً صمّا وقلوباً غُلفا فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين وسلمّ تسليما ًكثيراً أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فما أقرب النجاة والفلاح من المتقين وأبعدها عن غيرهم من الخلائق المفرّطين ( ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم )( ومن يخش الله ويتّقْه فأولئك هم الفائزن )
عباد الله : كبيرة من الكبائر الموبقة ارتكبها خلقٌ كثير من الناس بحجة ضغط الواقع واستفحال الطمع المستشري في المجتمع ، واللهث وراء المال بجلبه وبغض النظر عن طريقه وكسبه ، وإغراء أهل الشهوات وتزيين الحرام بتلبيسه بالحلال والسعي وراء الثراء المزعوم وخلط الباطل بالحق المعلوم من أجل اللبس على الفهوم ، كبيرة أذن الله فيها بالحرب على ارتكبها في الدنيا بمحق المال وخسارة المقدرّات وإرسال البلايا والآفات على من يتعامل بها ، وفي الآخرة بالعذاب والبوار وسوء المصير مع خبط الشيطان له حين القيام من القبر عند البعث والنشر ، فلعلكم عرفتموها وعرفتم صاحبها ومصيره ومنقلبَه الذي إليه ينقلب ، تلك هي كبيرة الربا وذلكم هو حال المرابي حينما أخبر الله عنه بقوله : ( الذين يأكلون الربا لايقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحلّ الله البيع وحرّم الربا فمن جاءه موعظةٌ من ربّه فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيزٌ ذو انتقام ) .
عباد الله : قد كان أهل الجاهلية ممن يتعامل بالربا فقد كان الرجل يسقترض مالاً من رجل ٍ لحول كامل فإذا أتى عليه الحول قال له صاحب المال إمّا أن توفي وإما أن تُربي فيفرح المدين المستقرض بذلك ثمّ تمر عليه سنون عديدة وهذا حاله كلّما أتاه صاحب المال يُطالبه طلب الإمهال مع الربا حتى يكثُر الدين فلا يبقى له شيءٌ يقتات به في عيشه ولا يجد عيالُه مايسدون به رمقهم فلمّا جاء الإسلام أبطل ذلك وحذّر منه كل التحذير وحذر أصحابه من سوء العاقبة والمصير ، وقال في خطبته الشهيرة في حجة الوداع والتي كانت من رواية جابر بن عبدالله رضي الله عنه كما في صحيح مسلم :
" ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء أهل الجاهلية موضوعة وأول دم ٍ أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مُسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذيل ، وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع ربانا ربا العباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع كلّه " أي مهدر لايُطالب به أحد من آل عبدالمطلب وقال أيضاً كما في صحيح مسلم : " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء "
وقال صلى الله عليه وسلم : " ماظهر في قوم ٍالربا والزنا في إلا أحلّوا بأنفسهم عقاب الله " أخرجه أحمد والحاكم وأبويعلى وصححاه ، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : " درهم رباً يأكله الرجل وهو يعلم أشدّ عند الله من ست ٍوثلاثين زنية " وصحح إسناده بعض أهل العلم وهذا يدلل على خطر الربا وأثره المشين على الفرد خاصة والمجتمع عامّة فالواجب الوقوف والإنتهاء عمّا نهى الله عنه وإلا فالعقوبة إذا وقعت شاملة عامّة فهل من يقظ ٍ يحذرمن مغبّة ذلك وسوء مآله ويحرص على الكسب المباح في ماله كلّه
عباد الله : الربا له أبواب كثيرة ولكن يجمعها ربا الفضل وربا النسيئة فمن وقع في أي نوعٍ منهما فقد وقع في الربا وربا الفضل هو ربا الزيادة في أحد العوضين كأن يأخذ مالا ً ديناً ويرد أكثر منه مشارطة بينها وربا النسيئة وهو تأخير أحد العوضين عن التسليم في الحال كمن يبيع تمر بتمر ديناً أو برّ ببرّديناً أي مؤجلاً ، وقلنا في ربا الفضل مشارطة بينهما أي على سبيل الشرط ، أما لو كانت الزيادة من قِبَل المستقرض تبرّع بها من عنده بدون اشتراط بينهما مُسبق فهي جائزة لأن النبي صلى الله عليه وسلم زاد جابر بن عبدالله وزاده كما ورد في الصحيحين وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إن خياركم أحسنكم قضاء " كما ورد في صحيح مسلم ، ومن قدّر الله عليه أن دخل في شركة تتعامل بالربا أو تأخذ قروضاً ربوية وتستعين بها في نشاطها المطروح فعليه أن يخرج منها برأس ماله لقوله تعالى ( فإن تُبتم فلكم رؤوس أموالكم لاتظلمون ولا تُظلمون ) ولا يُعرّض ماله للتلف والمحق فإن الله تعالى توعّد بمحق الربا في الدنيا والآخرة فقال جلّ ذكره " يمحق الله الربا ويُربي الصدقات والله لايُحب كل كفّارٍ أثيم "
عباد الله : من تبصّر بشأن الربا وآثاره يجد أن الله ماحرّمه إلا لحكم عظيمة يجهلها الكثير من الناس فمنها على الفرد أنه يقتل الإنتاجية في الفرد فإذا علم المُبتلى ومن وقع في فخّ الربا أنه سيقضى أكثر حياته أو كلها في سداد الديون لفلان أو فلان فسيكون ممن يلجأ إلى ترك العمل والإجتهاد في الكسب لأنه يعلم أنه سيكدح من أجل تأمين قوت نفسه وعياله ومن ثمّ يأخذ ذلك كلّه المرابي ولا يُبقي له شيئاً وذلك أن المرابي لايهمّه إلا تحصيل الدين ونزع المال من جيوب من وقعوا في شباكه ، ومن آثاره على المرابي نفسه أنه يقتل فيه أثر الشفقة والرحمة فيكون إنساناً مادياً لايعرف حق الله في هذا المال الذي آتاه الله إياه فتنة له وامتحاناً مع منع الزكاة في ماله والتي هي حقٌ للفقير ، مع أثر الربا على أولاده والذي في الغالب أنه لاينتفع بهم وكما قال صلى الله عليه وسلم : " جسدٌ نبت من سُحت فالله أولى به " .
ومن آثارها الاقتصادية على المجتمع تقويض المشاريع النافعة في البلد وذلك أن صاحب المشروع إذا علم بعدم الجدوى من أي مشروع سيقيمُه لأنه لايستطيع التحرر من الديون التي تلاحقه فلن يُقدم على إنشاء أي مشروع ينفع مجتمعه وأهل بلده بسبب ملاحقة الشركات أو المؤسسات الربوية التي لم تُبق له شيئاً .
ومن آثاره الاقتصادية أيضاً : تزايد البطالة في المجتمع وحصول مايُسمى بالتضخم والذي يُنذر بكساد السلع ( أي عدم إقدام الناس على شرائها ) ومن ثم انهيار الأسواق وضعف الاقتصاد بالجملة ووقوع البلد في مصاف الدول الفقيرة في المستقبل ومن سبر الواقع وجد أن ذلك خير شاهد ، عصمني الله وإياكم من شرّ الربا وآثاره وأغنانا سبحانه بحلاله عن حرامه وبفضله عن من سواه أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي واكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي رحيمٌ ودود .
============= الخطبة الثانية =============
الحمدلله ذو الفضل المبين القوي المتين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وقدوة الخلق أجمعين نبينا محمد ٍوعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم وعنّا معهم إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله تعالى عباد الله ثمّ اعلموا - رحمكم الله - أنه يجب على المرء المسلم أن يبحث عن طرق الكسب المشروعة ولا يقحم ماله في مواقع كسب محرمة وليستصحب مخافة الله في ذلك ومما ينغي أن يحذر منه الإكتتاب في أي شركة مختلطة تستقرض قروضاً ربوية أو لديها نظام يقوم على الفائدة الربوية والغرر وقد أفتى بحرمة ذلك كبار أهل العلم ومنهم فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وهو المُفتى به من قِبَل اللجنة الدائمة والمجامع الفقهية .
ومما ينبغي أن يحذر منه المسلم التداول بالبورصات العالمية والتي في الغالب تقوم على الإقراض بفائدة وكذلك جريان ربا النسيئة والفضل فيها ولا يحصل فيها التقابض في مجلس العقد ، وتجد إعلاناتٍ في جوالك تغري بالثراء عندما تتصفح بعض المواقع ومنها المسماة بالفوركس ( وهي شركة تداول عملات ) فالحذر منها علماً أنه يدخلها التحايل وقد فقد كثير من الناس أموالهم بسبب المجازفة وقد سُئل عنها مجمع الفقه الإسلامي فأبان حرمتها وذكر مانصّه :
" يرى المجلس أن هذه المعاملة - أي التداول بالفوركس - لا تجوز شرعاً للأسباب الآتية :
أولاً : ما اشتملت عليه من الربا الصريح ، المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض ، المسماة (رسوم التبييت) ورسوم التبييت وهي زيادة مشروطة تُفرض على المستثمر إذا لم يتصرف في الصفقة في اليوم نفسه ، فهي من الربا المحرم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279 .
ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع ...) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال : حديث حسن صحيح . وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم .
ثالثاً : أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعاً ، ومن ذلك :
1- المتاجرة في السندات ، وهي من الربا المحرم ، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم ( 60 ) في دورته السادسة .
2- المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز " أي بين المختلطة وغيرها .
عباد الله : قد كان أهل الجاهلية ممن يتعامل بالربا فقد كان الرجل يسقترض مالاً من رجل ٍ لحول كامل فإذا أتى عليه الحول قال له صاحب المال إمّا أن توفي وإما أن تُربي فيفرح المدين المستقرض بذلك ثمّ تمر عليه سنون عديدة وهذا حاله كلّما أتاه صاحب المال يُطالبه طلب الإمهال مع الربا حتى يكثُر الدين فلا يبقى له شيءٌ يقتات به في عيشه ولا يجد عيالُه مايسدون به رمقهم فلمّا جاء الإسلام أبطل ذلك وحذّر منه كل التحذير وحذر أصحابه من سوء العاقبة والمصير ، وقال في خطبته الشهيرة في حجة الوداع والتي كانت من رواية جابر بن عبدالله رضي الله عنه كما في صحيح مسلم :
" ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء أهل الجاهلية موضوعة وأول دم ٍ أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مُسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذيل ، وربا الجاهلية موضوع وأول رباً أضع ربانا ربا العباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع كلّه " أي مهدر لايُطالب به أحد من آل عبدالمطلب وقال أيضاً كما في صحيح مسلم : " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء "
وقال صلى الله عليه وسلم : " ماظهر في قوم ٍالربا والزنا في إلا أحلّوا بأنفسهم عقاب الله " أخرجه أحمد والحاكم وأبويعلى وصححاه ، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : " درهم رباً يأكله الرجل وهو يعلم أشدّ عند الله من ست ٍوثلاثين زنية " وصحح إسناده بعض أهل العلم وهذا يدلل على خطر الربا وأثره المشين على الفرد خاصة والمجتمع عامّة فالواجب الوقوف والإنتهاء عمّا نهى الله عنه وإلا فالعقوبة إذا وقعت شاملة عامّة فهل من يقظ ٍ يحذرمن مغبّة ذلك وسوء مآله ويحرص على الكسب المباح في ماله كلّه
عباد الله : الربا له أبواب كثيرة ولكن يجمعها ربا الفضل وربا النسيئة فمن وقع في أي نوعٍ منهما فقد وقع في الربا وربا الفضل هو ربا الزيادة في أحد العوضين كأن يأخذ مالا ً ديناً ويرد أكثر منه مشارطة بينها وربا النسيئة وهو تأخير أحد العوضين عن التسليم في الحال كمن يبيع تمر بتمر ديناً أو برّ ببرّديناً أي مؤجلاً ، وقلنا في ربا الفضل مشارطة بينهما أي على سبيل الشرط ، أما لو كانت الزيادة من قِبَل المستقرض تبرّع بها من عنده بدون اشتراط بينهما مُسبق فهي جائزة لأن النبي صلى الله عليه وسلم زاد جابر بن عبدالله وزاده كما ورد في الصحيحين وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إن خياركم أحسنكم قضاء " كما ورد في صحيح مسلم ، ومن قدّر الله عليه أن دخل في شركة تتعامل بالربا أو تأخذ قروضاً ربوية وتستعين بها في نشاطها المطروح فعليه أن يخرج منها برأس ماله لقوله تعالى ( فإن تُبتم فلكم رؤوس أموالكم لاتظلمون ولا تُظلمون ) ولا يُعرّض ماله للتلف والمحق فإن الله تعالى توعّد بمحق الربا في الدنيا والآخرة فقال جلّ ذكره " يمحق الله الربا ويُربي الصدقات والله لايُحب كل كفّارٍ أثيم "
عباد الله : من تبصّر بشأن الربا وآثاره يجد أن الله ماحرّمه إلا لحكم عظيمة يجهلها الكثير من الناس فمنها على الفرد أنه يقتل الإنتاجية في الفرد فإذا علم المُبتلى ومن وقع في فخّ الربا أنه سيقضى أكثر حياته أو كلها في سداد الديون لفلان أو فلان فسيكون ممن يلجأ إلى ترك العمل والإجتهاد في الكسب لأنه يعلم أنه سيكدح من أجل تأمين قوت نفسه وعياله ومن ثمّ يأخذ ذلك كلّه المرابي ولا يُبقي له شيئاً وذلك أن المرابي لايهمّه إلا تحصيل الدين ونزع المال من جيوب من وقعوا في شباكه ، ومن آثاره على المرابي نفسه أنه يقتل فيه أثر الشفقة والرحمة فيكون إنساناً مادياً لايعرف حق الله في هذا المال الذي آتاه الله إياه فتنة له وامتحاناً مع منع الزكاة في ماله والتي هي حقٌ للفقير ، مع أثر الربا على أولاده والذي في الغالب أنه لاينتفع بهم وكما قال صلى الله عليه وسلم : " جسدٌ نبت من سُحت فالله أولى به " .
ومن آثارها الاقتصادية على المجتمع تقويض المشاريع النافعة في البلد وذلك أن صاحب المشروع إذا علم بعدم الجدوى من أي مشروع سيقيمُه لأنه لايستطيع التحرر من الديون التي تلاحقه فلن يُقدم على إنشاء أي مشروع ينفع مجتمعه وأهل بلده بسبب ملاحقة الشركات أو المؤسسات الربوية التي لم تُبق له شيئاً .
ومن آثاره الاقتصادية أيضاً : تزايد البطالة في المجتمع وحصول مايُسمى بالتضخم والذي يُنذر بكساد السلع ( أي عدم إقدام الناس على شرائها ) ومن ثم انهيار الأسواق وضعف الاقتصاد بالجملة ووقوع البلد في مصاف الدول الفقيرة في المستقبل ومن سبر الواقع وجد أن ذلك خير شاهد ، عصمني الله وإياكم من شرّ الربا وآثاره وأغنانا سبحانه بحلاله عن حرامه وبفضله عن من سواه أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي واكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي رحيمٌ ودود .
============= الخطبة الثانية =============
الحمدلله ذو الفضل المبين القوي المتين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وقدوة الخلق أجمعين نبينا محمد ٍوعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم وعنّا معهم إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله تعالى عباد الله ثمّ اعلموا - رحمكم الله - أنه يجب على المرء المسلم أن يبحث عن طرق الكسب المشروعة ولا يقحم ماله في مواقع كسب محرمة وليستصحب مخافة الله في ذلك ومما ينغي أن يحذر منه الإكتتاب في أي شركة مختلطة تستقرض قروضاً ربوية أو لديها نظام يقوم على الفائدة الربوية والغرر وقد أفتى بحرمة ذلك كبار أهل العلم ومنهم فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وهو المُفتى به من قِبَل اللجنة الدائمة والمجامع الفقهية .
ومما ينبغي أن يحذر منه المسلم التداول بالبورصات العالمية والتي في الغالب تقوم على الإقراض بفائدة وكذلك جريان ربا النسيئة والفضل فيها ولا يحصل فيها التقابض في مجلس العقد ، وتجد إعلاناتٍ في جوالك تغري بالثراء عندما تتصفح بعض المواقع ومنها المسماة بالفوركس ( وهي شركة تداول عملات ) فالحذر منها علماً أنه يدخلها التحايل وقد فقد كثير من الناس أموالهم بسبب المجازفة وقد سُئل عنها مجمع الفقه الإسلامي فأبان حرمتها وذكر مانصّه :
" يرى المجلس أن هذه المعاملة - أي التداول بالفوركس - لا تجوز شرعاً للأسباب الآتية :
أولاً : ما اشتملت عليه من الربا الصريح ، المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض ، المسماة (رسوم التبييت) ورسوم التبييت وهي زيادة مشروطة تُفرض على المستثمر إذا لم يتصرف في الصفقة في اليوم نفسه ، فهي من الربا المحرم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279 .
ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه ، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة ( السمسرة ) ، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع ، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل سلف وبيع ...) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال : حديث حسن صحيح . وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه ، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم .
ثالثاً : أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعاً ، ومن ذلك :
1- المتاجرة في السندات ، وهي من الربا المحرم ، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم ( 60 ) في دورته السادسة .
2- المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز " أي بين المختلطة وغيرها .
فاللهم جنبنا سائر المحرّمات والشبهات وارزقنا الإستغناء بالطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين يارب العالمين .