الحمدلله الواحد الديّان الكريم المنّان الذي هدى إلى سبيل الإيمان وحذّر من سبل الشيطان وأظهر دينه على سائر الملل والأديان والصلاة والسلام على المبعوث بالنور والبيان نبينا محمدّ عليه وعلى آله وصحبه أهل الثبات والإحسان ومن تبعهم واقتفى أثرهم بصدقٍ وإيمان أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله - فتقوى الله بحقّ سفينة النجاة وسبيل الثبات إلى الممات ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تُقاته ولا تموتنّ إلا وانتم مسلمون ) .
عباد الله : الإنتكاسة والرجوع بعد الإستقامة ، والزيع بعد الضلال ، وقسوة القلب بعد لينه وانكسارِه كلّ ذلك داءٌ ابتُلي به بعضٌ من أفراد أمتنا من فئات الشباب في الغالب فياتُرى ماسبب هذه الإنتكاسة وياأولي الألباب ماأسباب الضياع والحيرة بعد الهداية والرشد ؟
عباد الله : تأملوا معي قول الله تعالى : (( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )) هذه الآية نزلت في رجلٍ من بني إسرائيل يُقال له : " بلعام ابن باعوراء " أو " بلعام ابن أُبرَْ " هذا الرجل أكرمه الله بأن علّمه اسمه الأعظم - سُبحانه - الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ، وأكرمه بإجابة الدعاء وكان إذا رفع رأسه نظر إلى العرش فبعثه موسى - عليه السلام - إلى ملك مدين فدعاه إلى دين موسى ، ولكن ملك مدين أغواه وطمّعه بالدنيا وأقطعه أرضاًَ فاتبع بلعامُ دينه وترك دين موسى وانسلخ من الدين بالكليّة وقد روى ذلك القرطبي في تفسيره عن ابن مسعود وابنِ عباس ، وقيل : أنه كان طلب منه بنواسرائيل - وقيل الجبّارون الذي استولوا على بيت المقدس - وكان مُجاب الدعوة - سألوه أن يدعو على موسى عليه السلام فنهاه الله عن ذلك ، فأصرّ على ذلك فسقط لسانه على صدره . . وذلك مثلٌ من أمثال الإنتكاسة والضياع ، وروي أيضاً أن الله سلبه ذلك بسبب عدم شكره على تلك النعمة التي أوتيها . .
عباد الله : كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور " وهو حديث رواه الصحابي عبدالله بن سرجس رضي الله عنه وهوعند ابن ماجه وأورد مثله النسائي في سننه ، ومعنى الحور بعد الكور : أي الرجوع إلى الضلال بعد الهداية وفسّره بعض المحدثين بأنه : الرجوع إلى الكفر بعد الإيمان ، والكور مأخوذ من تكوير العمامة ومناسبة ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم شبّه الذي يرجع إلى الضلال بعد الهداية بصاحب العمامة الذي قام يفلُّها بعد أن عقدها على رأسه ، وكذلك هذا الذي عقد الإيمان في قلبه رجع للضلال فأخرج ذلك الإيمان من قلبه ونفسه نسأل الله العافية .
عبادالله هناك أسبابٌ للإنتكاسة نُجملها باختصار :
- منها عدم شكر الله على الهداية فمن لم يشكر الله على الهداية من خالص قلبه وصميم نفسه أوشك أن يعود للفسق والضلال من جديد .
- ومنها عدم سؤال الله الثبات والعزيمة على الرشد وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل برّ والفوز بالجنة والنجاة من النار ، فأكثر من هذا الدعاء دائماً وأبداً في سجودك وصلاتك ووقتِ إجابة الدعاء
- ومنها طول الأمل وكم من أناس أوردوا القبور وكانوا يؤملون فتخطفتهم يد المنون قبل أن يحوزوا مايؤملون .
- ومنها اتباع الهوى فاتباع الهوى مُضلّ ومن اتبع هواه زلّ ، وكما ورد في شأن بلعام الآنف الذكر حيث قال الله عنه : " ولكنّه أخلد إلى الأرض واتبع هواه " . . وذكر أسباب الإنتكاسة على سبيل الذكر لاالحصر فاحرص أن تقع في شيء منها واحذر أسبابها وخطوات الشيطان فيها . . أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
============ الخطبة الثانية =============
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :
عباد الله : إن مما يُنجي من الإنتكاسة أن يحذرالعبد من الوقوع في أسبابها وأن يحرص الإنسان على صلاح قلبه الذي إذا صلُح صلح سائر الجسد وأن يدعو الله دائما وأبداً أن يهديه ويدلُه على صراطه المستقيم وأن يثبت قلبه ولا يزيغُه وأن يحرص على دعاءٍ ورد في القرآن وهو قول الله تعالى : ( ربّنا لاتُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) يقوله ربّنا ليُعلّم عباده أن يلجؤا إليه متضرّعين داعين مبتهلين منيبين تائبين من كل ذنبٍ هاجرين لكل معصية ، فسرّ الهداية تكمُن في التخلص من كبائر الذنوب أولاً ، فمن تاب منها كان أقرب إلى الهداية من غيره وأبعد عن الإنتكاسة ، ومن أصرّ على كبيرة أو جمع كبائر عدة ، فهذا أبعدُ عن الهداية وأقربُ من الإنتكاسة مادام أنه يُعاقر تلك الكبائر ( إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مُدخلاً كريما ) وسرّ الثبات تكمُن بعد توفيق الله في طهارة القلب من كل أمراضه سواءً كان مرض شهوة أم مرض شُبهة
فوالذي أبان للناس طريق الهداية وحذرهم من الغواية وهداهم النجدين إن طهر قلبُك من تلك الأمراض أفلحت وهُديت وثبتّ ومن كل شرٍ وُقيت . .
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . . . . . .
فاتقوا الله عباد الله - فتقوى الله بحقّ سفينة النجاة وسبيل الثبات إلى الممات ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تُقاته ولا تموتنّ إلا وانتم مسلمون ) .
عباد الله : الإنتكاسة والرجوع بعد الإستقامة ، والزيع بعد الضلال ، وقسوة القلب بعد لينه وانكسارِه كلّ ذلك داءٌ ابتُلي به بعضٌ من أفراد أمتنا من فئات الشباب في الغالب فياتُرى ماسبب هذه الإنتكاسة وياأولي الألباب ماأسباب الضياع والحيرة بعد الهداية والرشد ؟
عباد الله : تأملوا معي قول الله تعالى : (( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )) هذه الآية نزلت في رجلٍ من بني إسرائيل يُقال له : " بلعام ابن باعوراء " أو " بلعام ابن أُبرَْ " هذا الرجل أكرمه الله بأن علّمه اسمه الأعظم - سُبحانه - الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ، وأكرمه بإجابة الدعاء وكان إذا رفع رأسه نظر إلى العرش فبعثه موسى - عليه السلام - إلى ملك مدين فدعاه إلى دين موسى ، ولكن ملك مدين أغواه وطمّعه بالدنيا وأقطعه أرضاًَ فاتبع بلعامُ دينه وترك دين موسى وانسلخ من الدين بالكليّة وقد روى ذلك القرطبي في تفسيره عن ابن مسعود وابنِ عباس ، وقيل : أنه كان طلب منه بنواسرائيل - وقيل الجبّارون الذي استولوا على بيت المقدس - وكان مُجاب الدعوة - سألوه أن يدعو على موسى عليه السلام فنهاه الله عن ذلك ، فأصرّ على ذلك فسقط لسانه على صدره . . وذلك مثلٌ من أمثال الإنتكاسة والضياع ، وروي أيضاً أن الله سلبه ذلك بسبب عدم شكره على تلك النعمة التي أوتيها . .
عباد الله : كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور " وهو حديث رواه الصحابي عبدالله بن سرجس رضي الله عنه وهوعند ابن ماجه وأورد مثله النسائي في سننه ، ومعنى الحور بعد الكور : أي الرجوع إلى الضلال بعد الهداية وفسّره بعض المحدثين بأنه : الرجوع إلى الكفر بعد الإيمان ، والكور مأخوذ من تكوير العمامة ومناسبة ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم شبّه الذي يرجع إلى الضلال بعد الهداية بصاحب العمامة الذي قام يفلُّها بعد أن عقدها على رأسه ، وكذلك هذا الذي عقد الإيمان في قلبه رجع للضلال فأخرج ذلك الإيمان من قلبه ونفسه نسأل الله العافية .
عبادالله هناك أسبابٌ للإنتكاسة نُجملها باختصار :
- منها عدم شكر الله على الهداية فمن لم يشكر الله على الهداية من خالص قلبه وصميم نفسه أوشك أن يعود للفسق والضلال من جديد .
- ومنها عدم سؤال الله الثبات والعزيمة على الرشد وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل برّ والفوز بالجنة والنجاة من النار ، فأكثر من هذا الدعاء دائماً وأبداً في سجودك وصلاتك ووقتِ إجابة الدعاء
- ومنها طول الأمل وكم من أناس أوردوا القبور وكانوا يؤملون فتخطفتهم يد المنون قبل أن يحوزوا مايؤملون .
- ومنها اتباع الهوى فاتباع الهوى مُضلّ ومن اتبع هواه زلّ ، وكما ورد في شأن بلعام الآنف الذكر حيث قال الله عنه : " ولكنّه أخلد إلى الأرض واتبع هواه " . . وذكر أسباب الإنتكاسة على سبيل الذكر لاالحصر فاحرص أن تقع في شيء منها واحذر أسبابها وخطوات الشيطان فيها . . أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
============ الخطبة الثانية =============
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :
عباد الله : إن مما يُنجي من الإنتكاسة أن يحذرالعبد من الوقوع في أسبابها وأن يحرص الإنسان على صلاح قلبه الذي إذا صلُح صلح سائر الجسد وأن يدعو الله دائما وأبداً أن يهديه ويدلُه على صراطه المستقيم وأن يثبت قلبه ولا يزيغُه وأن يحرص على دعاءٍ ورد في القرآن وهو قول الله تعالى : ( ربّنا لاتُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) يقوله ربّنا ليُعلّم عباده أن يلجؤا إليه متضرّعين داعين مبتهلين منيبين تائبين من كل ذنبٍ هاجرين لكل معصية ، فسرّ الهداية تكمُن في التخلص من كبائر الذنوب أولاً ، فمن تاب منها كان أقرب إلى الهداية من غيره وأبعد عن الإنتكاسة ، ومن أصرّ على كبيرة أو جمع كبائر عدة ، فهذا أبعدُ عن الهداية وأقربُ من الإنتكاسة مادام أنه يُعاقر تلك الكبائر ( إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مُدخلاً كريما ) وسرّ الثبات تكمُن بعد توفيق الله في طهارة القلب من كل أمراضه سواءً كان مرض شهوة أم مرض شُبهة
فوالذي أبان للناس طريق الهداية وحذرهم من الغواية وهداهم النجدين إن طهر قلبُك من تلك الأمراض أفلحت وهُديت وثبتّ ومن كل شرٍ وُقيت . .
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . . . . . .