فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ومن ثمَّ اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ مُحدثةٍ في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : إن من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وتميل إليه بطبعها البشري أمر النكاح والنكاح أمر محبب للنفوس تميل إليه النفس وهو من متاع الحياة الدنيا وبه يكون النسل والذرية وبه يجد العبد راحة من هموم الدنيا وشُغلها ويجد السكينة والطمأنينة وقد أخرج النسائي والإمام أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( حبّب غلي من دنياكم النسالء والطيب وجُعلت قرة عيني في الصلاة ) وفي الحديث الآخر في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ) .
عباد الله : قد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم فئة الشباب على الزواج فقال : " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ومعنى وجاء أي : يقطع عن الشهوة ولكنّ كثيراً من الشباب يعزف عن النكاح ويرغب عنه بسبب عدة أمور إما مالية أو عادات اجتماعية أو عجز أو فجور وهو أشنعها وأقبحها ، وحثّ الشباب في هذه الفترة على الزوج حين الإقتدار - ولو أن يستدين العبد - خيرٌ له من أن يبقى معرّضاً للفتنة أو ينجرّ لفعل الحرام إذا كان ممن لايحفظ فرجه أو يخاف على نفسه وليتوكل على الله في ذلك ووليعلم أن الله مُعينه لامحالة وقد ورد ذلك في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله والمُكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف ) ولا أفضل من هذه القربة لفئة الشباب خاصّة .
عباد الله : حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على التزويج لمن يرُضى عن دينه وخُلُقه وإلا كانت الفتنة في الأرض والسطو على الأعراض والفساد المستطير والشر والفواحش فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) وفي رواية : ( وفسادٌ كبير ) .
وظهرت مؤخراً عادة سية لايقرها الشرع ولا العرف وهي منع المرأة من النكاح - معشر الإخوة - وهو مايسمى بالعضل مع بلوغِ بعضهن إلى حد العُـنوسة ، وكل ذلك مع الأسف يتم بحجج واهية إما طمعاً في مالها أو أمور خفية لايقرّها العقل ولا صاحب الفطرة السليمة ، وتعدّ هذه جريمة وإثم وقد نهى الله عن ذلك في حق الثيب والبكر حيث قال الله تعالى : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لاتعلمون ) .
فاللهم إنا نسألك لنا وللمسلمين العفاف والحشمة والخير وشكر النعمة والمغفرة والرحمة ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
========== الخطبة الثانية ==========
الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لاإله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين وسلّم تسليماً كثيراً أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله ( واتقوا يوماً تُرجعون إلى الله ثمّ توفى كل نفسٍ بما كسبت وهم لايظلمون ) - عباد الله : إن تسهيل أمور الزواج هي مسؤولية تقع على كل ولي أمر ومن حق الولد أن يتزوج وكذلك الفتاة والنسل والذرية مطلبٌ شرعي وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تزوجوا الودود الولود فإني مُكاثرٌ بكم الأنبياء يوم القيامة " أخرجه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الأوسط ، وذات مرة جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أصبتُ امرأة ذات حسبٍ وجمال وإنها لاتلد أفأتزوجها ، قال : لا ، ثم أتاه الثانية فنهاه ، ثم أتاه الثالثة فقال : تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم " أخرجه أبوداود والنسائي رحم الله الجميع .