الثلاثاء، 25 مايو 2021

خطبة عن زلة العالم والجدال في القرآن

الحمدلله الذي جعل لعباده الصالحين نوراً ، وأورثهم لذة الطاعات وكان بهم خبيراً بصيراً ، وأعانهم على فعل الخيرات تفضلاً منه وتيسيراً والصلاة والسلام على المبعوث للناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذي قضوا بالحق وبه يعدلون فلقاهم نضرة وسروراً وجنة وحبوراً صلى عليهم وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .

عباد الله : الجدال في كتاب الله بلا علم يستهين به كثيرٌ من الخلق والله ورسوله حذر من الجدال في القرآن بلا علم وجعل المجادلة في القرآن من طبع الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض فقال سبحانه : ( مايجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) فالجدال ذمّه الله تعالى ووبخ من يجادل في الله أو في كتابه بغيرعلم فقال سبحانه : ( هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لاتعلمون ) وقال في سورة آل عمران : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكمات هن أم الكتاب وأخرُ متشابهات فأما الذين في قلوبهم مرض فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا وما يذكّر إلا أولوا الألباب ) . 
وعدّ النبي صلى الله عليه وسلم الجدال والمراء في القرآن ، ففي الحديث الذي أخرجه أبوداوود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مراءٌ في القرآن كفر " وفي لفظٍ آخر أيضاً : " المراء في القرآن كفر " وبين صلى الله عليه وسلم أن ذلك سبب لهلاك الأمة إذا اتفقوا عليه فذات مرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوماً يتدارؤون في القرآن - أي يُغالب بعضهم بعضاً بالحجة - فقال موبخاً لهم : " إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله عز وجل بعضه ببعض وإنما كتاب الله يُصدّق بعضه بعضاً ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ، فما علمتم منه فقولوا به وما جهلتم فكلوه إلى عالمه " ومن يقول بالقرآن برأيه فهو على خطرٍ حتى لو كان أصاب فيما يقول وفي الحديث : " من قال بالقرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " وفي حديث أخرجه الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن عباس وهو حديث حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اتقوا الحديث عني فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ومن قال بالقرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " ومن القرآن من يعلمه عامة الناس وهذا الواضح من القرآن الذي يعلمه حتى الصغير وهذا لابأس أن يستشهد به الناس ويذكرونه بمعناه حتى العوام ومنه مايعلمه أهل اللغة أو تعرفه العرب من كلامها وهذا يردّ لأهل المعرفة باللغة العربية فلا ينبغي أن يُفسره عوام الناس ومنه مالايعلمه إلا العلماء وهذا كالمتشابه من القرآن وأحكام النزول وسببه والناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد وبعض معاني الألفاظ ومدلولاتها فهذا يجهله الكثير من الناس حتى أهل اللغة وهذا الذي خصّه النص فلا بدّ أن يوكل تأويله إلى العلماء وأهل الفقه والتفسير .
عباد الله : يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " يهدم الإسلام ثلاثة : زلّة العالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين " وقد أورده الدارمي في سننه بسند صحيح وأورده ابنُ عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله وقال : " شبه العلماء زلّة العالم بانكسار السفينة لأنها إذا غرقت غرق معها خلقٌ كثير وإذا ثبت أن العالِم يُخطئ ويزلّ لم يجُز لأحد أن يُفتي ويدين بقولٍ لايعرف وجهه " انتهى ويقول ابن عباس رضي الله عنهما يقول : " ويلٌ للأتباع من عثرات العالم ، قيل كيف ذلك ، قال : يقول العالم شيئاً برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله فيترك قوله ذلك ، ثم يمضي الأتباع - أي على قوله الأول " انتهى
إخوة الإيمان : من العلماء من يُقدّر الله له الزلة بأسباب عدة ويرجع عن قوله - إن أراد الله به خيراً - ولكن من يتبعه في قوله الأول الذي عَدَل عنه لايعلم فتجد أنه يعمل بقوله سنين عدة إلى الممات وهذا من تواكل العوام وقلة الحرص على السؤال وتفقّد التوجه الذي يصير إليه طول الحياة ، فالعلماء بشرٌ يُخطئون ويصيبون وهم ولله الحمد لايصدرون عن رأيهم بل نهجهم الكتاب والسنة في ذلك واللوم عنهم مرفوع والوزر عنهم موضوع مادام أنهم استفرغوا وسعهم في البحث عن الحق وأفتوا به ، ولكن بعض الناس يُصرّ على التمسك بقول الشيخ الفلاني وهو يعلم أن الحق خلافُه فهذا هو الملوم في فعله وإصراره ولا مانع أن يسأل مرة أخرى إذا وجد عالماً هو أعلم من شيخه الأول الذي أفتاه ، والعلماء ليسوا على درجة واحدة فهم متفاوتون كما أن الصحابة رضوان الله عليهم ليسوا على درجة واحدة في الفقه والعلم ولكنهم كلهم عدول .

ولابد أن نلتمس العذر للعالم فيما لو كان هناك مجانبة للصواب في فتواه والخطأ في الغالب نادرٌ وقليل ولكن لابد أن نحذر من فئة تستغل مثل هذه الأخطاء لتمرر شبهاتهم وحقدهم فهناك فئة من مجتمعنا من ينطوي قلبه على خبث نيّة ويصطاد في الماء العكر ، فكشف الله أمرهم وردهم على أعقائبهم خائبين ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم من سائر الخطايا والأوزار فاستغفروه يغفر لكم إنه هو العزيز الغفار .

============== الخطبة الثانية ==============

الحمدلله ذو الحمد والعطاء المحمود والصلاة والسلام على صاحب اللواء المعقود والحوض المورود نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أهل الفضل والجود ومن تبعهم بإحسان أفضل الصلاة والتسليم إلى اليوم الموعود أما بعد :

فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن مما يُضل الخلق ويهدم الدين والملة الأئمةُ المضلين والذين خافهم النبي صلى الله عليه وسلم على أمته فقال : " وإنما أخاف على أمتي الأئمةَ المضلين " أخرجه الترمذي وأبوداوود وغيرُهم . . وإضلال أئمة الضلال ليس بجديد الحدوث ولا وليد العصر فإنه ماأضل اليهود ولا النصارى إلا أئمة الضلال منهم من الأحبار والرهبان بسبب أكلهم لأموال الناس بالباطل وكتمهم مافي الكتاب واتباعهم للأهواء وصدهم عن سبيل الله وكفرهم ببعض الكتاب وإيمانهم ببعض ولا تسأل عن أقوام تسيّرهم أهوائهم وشهواتهم وإذا كان ذلك وقع في سالف العصر فهذه الأمة ستتبع من قبلها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : " لتتبعن سَنَن َ من كان قبلكم حذو القُذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه " والمراد بالقذة ريش السهم والمقصود من ذلك المبالغة في فعل كل مافعلوه ونهجوه من السبل كما يتساوى السهمان بجانب بعضهما البعض .
ولذا من أمثلة ذلك ماقاله النبي صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى : " حتى إن كان منهم من أتى أمّه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك " والرواية هذه حسّنها بعض أهل العلم  .
يقول سفيان بن عيينة رحمنا الله وإياه : " من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبّادنا ففيه شبه من النصارى " فالعبرة باتباع المنهج الرباني واقتفاء الأثر النبوي وإلا كان الزيغ والضلال واتباع اليهود والنصارى في نهجهم وسبيلهم خلّص الله الأمة من أسباب الفتنة والزيغ والضلال . . ثم صلوا وسلموا على رسول الله فقد امركم الله بالصلاة والسلام عليه . .

السبت، 15 مايو 2021

خطبة عن استثمار طاقة الشباب بما ينفع .

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضلّ له ومن يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله -عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكلُ محدذة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .

عباد الله : الشباب قوة الأمة وأذرع الدفاع والعز والكرامة وعليهم الأمل بعد الله جل وعلا في استرداد مجد هذه الأمة وعزها وكرامتها ، وتجد أعداء الإسلام يستهدفونهم ويخططون لإفسادهم وإغراقهم بالشهوات والملذات لكي ينصرفوا عن دينهم ويلهوا بلعبهم وينصرفوا عن قاضاياهم وقضايا أمتهم ، وأعداء الإسلام من الغرب النصراني واليهودي تركيزهم على فئة الشباب من أمة الإسلام من قديم الزمان وهم اليوم أشدّ تركيزاً وأكثر لأنهم يعلمون أنه إذا استيقظ الشباب وصدقوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله أنه لامكان لدول الغرب على الخارطة ، وأنهم سيزلزلون عروشهم ويفتحوا الأمصار ويسلبوا منهم كل دار  . 

أخي الشاب : لابد أن تكون على حذر من الإعلام ومابثه أعداء الإسلام من تهميش لقضايا أمتك وأن تكون على يقين بأن الله ناصرٌ دينه ومعزٍ لأوليائه طال الزمان أو قصُر وأن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده وإن ورث بعضها أعداء الإسلام من اليهود والنصارى فليس ذلك دليل محبة الله لهم وعهد الله كما أورد في كتابه ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ) ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) فالإسلام سيغطي الأرض لامحالة ، وكما ورد في الحديث الطويل : " ثم يُلقي الإسلام بجرانِه في الأرض " أي بثقله في الأرض كره كاره أو رضي راضٍ ، ولكي ياأخي مادورك في إصلاح نفسك وإصلاح من حولك وإصلاح أسرتك ؟ ، مادورك في إنكار المنكر بالتي هي أحسن والصبر في سبيل ذلك ؟  مع الأمر بالمعروف والبعد عن مواطن الفتن والحذر من دخول المواقع المشبوهة في جهازك الذي تحمله ، ولو ابتلاك الله بذلك فبلغ عن كل ماتراه منكراً والعافية والسلامة من ذلك كله لايعدلها شيء . 

صدقك مع الله - أخي الشاب - يبدأ من الإيمان أولاً فثبّت أركان الإيمان ومعانيه في قلبك واعلم أن الإيمان منج ٍ من تسلّط الأعداء ومثبّتٌ للعبد حين زعزعة الأمور وطغيان الفتنة ، وتذكّر حال أهل الكهف والذين قال الله عنهم : (إنهم فتيةٌ أمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوَا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شططا) نجاهم من الله من قومهم المشركين فسلموا من الفتنة ، وكذلك كل من صدق مع ربه وأخلص لله تعالى .

 ولوم النفس يجعل العبد أكثر صدقاً وأبعد عن النفاق وسمو النفس المتكبرة ، فالنفوس ثلاثة : النفس الأمارة بالسوء وهي أسوأ الأنفس وهي القريبة من عقوبة الله وسخطه والتي تتبع هواها في سائر الأمور مالم تتب والنفس اللوامة وهي النفس التي تذنب وتتوب وهذه يُرجى لصاحبها الخير مادام أنه يبادر للتوبة والإستغفار والندم توبة كما أخبر بذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والنفس الثالثة وهي المطمئنة وهي التي اطمأنت بموعود الله وصار فعل الخير لها عادة وطبعاً وبعيدة كل البعد عن الشر فليس للشيطان عليها سبيل يقول الحق تبارك وتعالى عنها : ( ياأيتها النفس المطمئنة * إرجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) فاللهم اجعلنا وإياهم من أصحاب هذه النفس . 

عباد الله : وإنه في هذه الإجازة الصيفية الطويلة يشكو الكثير من الفراغ وتضيع كثيرٌ من الأوقات بلا استثمار ولا نفع فينبغي أن لاتمرّ أوقاتنا هباءاً منثوراً وأن نحرص كل الحرص على استثمار أوقاتنا في مايعود علينا بالفائدة والنفع ، وليكن لكل واحدٍ منّا هدف ، ولايتم ذلك إلا بالإصرار والعزيمة فالعمل الدؤوب وإن قلّ يهزم الكثير المتتابع المنقطع ، والسبيل لذلك هو تنظيم الوقت والذي لاينظم وقته يحصد الندامة والحسرة وضياع الأعمار بما لاينفع وتنظيم الوقت يجعل العبد يسير إلى ربه بخطى ثابته لامتذبذبة ولا يجعل للفارغين ولمن يعيش سبهللاً عليه سبيلا ، وتنظيم الأوقات يجعل العبد يعمل للدنيا والآخرة معاً فيؤدي بذلك كل حق ٍعليه ويصلح دنياه وآخرته ويقوم بشؤون أسرته وأولاده ويرضي ربه وخالقه ويمتّع في هذه الدنيا متاعاً حسناً . 

عباد الله : لنحذر جميعاً من الفراغ ومن السبل التي توصل إليه ومن مصاحبة الفارغين لأن الفراغ مفسدة للنفس ومضيعة للوقت والفارغ أقرب للشر من الخير ومن لم تشغله نفسه بالطاعة شغلته بالمعصية ، ولا يعني أن استثمار الفراغ يعني عدم الراحة والسكينة بل من المتعة استثمار الفراغ والإشتغال بما ينفع ، ولهذا تجد في المسابقات العلمية وفي النوادي الصيفية ، وفي الإجتماعات العائلية من المتعة والفائدة والأنس مالا تجده إذا كنت فارغاً ، مع أن الفراغ يُعد خطوة من خطوات الشيطان  وهل يتصيد من البشر إلا الفارغين 

إن الشباب والفراغ والجِدة * مفسدة للمرء أي مفسدة  . . . فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة شبابٌ وفراغٌ وغنى وهو الجِدة حصل الفساد والإفساد في البلاد والعباد ، فلابد معشر الآباء والمربين أن نأخذ بأيدي الأبناء والشباب لما ينقذهم ويخلصهم من الفراغ الممل الذي يعانونه وأن نشغلهم ويشغلوا أنفسهم بما يُفيد ولو في أمور الدنيا بما لا يضرّهم ويهدم خُلقهم وبما يبني مستقبلهم فيخرجون من هذه الأعمال بخبرة وفائدة تعود عليهم بالنفع والخير . . أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم . 

=============== الخطبة الثانية ================

الحمدلله الذي وعد عباده بالمزيد نحمده وهو العلي الحميد ونثني عليه ونشكره وهو الشكور المجيد والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعبيد نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أفضل الصلوات والتسليم إلى يوم المزيد أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن العمر أوقاتٌ تمضي ولا تعود وتذكروا أن من خلق الله من يتمنى الفراغ الذي أنتم فيه لكي يُقدم فيها صالحاً ويستغلها في القربى لخالقه والعمل لربه ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه باستثمار الفراغ واستغلال الوقت ، لأن العبد لا يدري ما الذي يعْرض له في مستقبل حياته فقال عليه الصلاة والسلام : " اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شُغلك وحياتك قبل موتك " أخرجه البيهقي والحاكم والمنذري في صحيح الترغيب والترهيب من حديث ابن عباس رضي الله عنه . 

ولو فتشت في أحوال بعض الكفار أو اليهود والنصارى كيف يعمل لدنياه تجد عجباً ويفعل ذلك ولا يرجو من الله جنته ولا يخاف ناره وصدق الله حين قال : ( عاملة ناصبة * تصلى ناراً حامية ) فكيف بمن يرجو من الله دخول دار النعيم ويخاف من عذابه الأليم . 

تجد من هؤلاء الكفار بالجملة من لايحب أن يجلس فارغاً أبداً وعندما سئل بعض المخترعين عن اليوم الذي سيأخذ فيه إجازة قال : " في اليوم الذي يسبق جنازتي " أليس أنت أخي المسلم أولى وأجدر  بأن تعمل ولو بالقليل على الدوام بأعمال ترضي الله من هؤلاء الذين يعملون لدنياهم . 

بلى وكيف ذلك والله يقول : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) . 

والحقيقة إذا فتشت في هذه الدنيا فستجد أن لامستراح إلا بعد الموت ، فكن من المتستريحين بعد الموت ولا تكن من المستراح منهم فاللهم وفقنا وقوّنا على فعل الخيرات وترك المنكرات واستغلال الأوقات بما يرضيك ياإله الأرض والسماوات ... ثم صلوا وسلموا ،،، .

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...