الخميس، 24 أغسطس 2017

خطبة عن الأسماء الحسنى

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمدلله الذي توحد بالربوبية وتفرد من بين الخلائق بالألوهية وشرع لعباده الدعاء باسمائه وصفاته التي تدل على ذاته العليه ، والصلاة والسلام على المبعوث للبشرية من رب البرية وعلى آله وصحبه ومن تعبهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيراً : 
أما بعد : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عباد الله فهو سبيل الهدى وسواه طريق الردى 
" ياايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا  وأنتم مسلمون " 
" ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "   ثم اعلموا - عباد الله - أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار 
عباد الله : إن الله من رحمته بعباده وفضله عليهم أن بين ذاته سبحانه بأسماء ووصفها بصفات ليعرف الخلق ماهيته وطريقة دعائه وكيفية سؤاله وعبادته وذلك من عظيم الإحسان وواسع الإمتنان ولو طلب من عباده غير ذلك لكان لكان له ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وإن من أعظم الطرق لإجابة الدعاء والقرب من الحق سبحانه والتزلف له هو معرفة اسمائه وصفاته التي بها يُعبد وبها يُحمد ويُشكر ويثنى بها عليه ويُذكر ويُمدح ويدُعى ويستغفر ، ولا تنسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لله تسعا وتسعين اسما مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة "  وهذا الحديث متفق عليه واحصائها يكون بحفظها والعمل بها ولو أن الرجل منا عرف هذه الأسماء وحفظها واستعمل في حاجاته وأدعيته مايناسب لكان هذا ممن يُرجى له الدخول بإذن الله تعالى في هذا الفضل العظيم وهو الظفر بدخول الجنة والفوز بالمنازل العالية فيها ، ومن فضل الله على خلقه أن جاءت هذه الأسماء بما يناسب حوائج الناس ويتوافق مع حاجاتهم ومطالبهم في دعائه وإليكم قطوفاً دانية من أسماء الله التي يجهلها البعض فمنها : 
  • اسم الله : القدوس : ومعنى القدوس المتنزه عن كل نقص ودنية فهو منزه عن العيوب والنقائص ويستعمل هذا الإسم في مدح الله تعالى والثناء عليه وتنزيهه عن أقوال المشركين ومن الأسماء التي توافق هذا الإسم اسم الله " الجميل " وقد ورد في الحديث : " إن الله جميل يحب الجمال " 
  • ومنها اسم الله : البارئ والبارئ قريب من اسم الله الخالق والمصور ولكن البارئ هو من فِعل الخلق وتركيبه والتصوير الذي في اسم الله المصور هو وضع ملامح للمخلوق يعرف بها عن غيره والخالق وكذلك الخلاق وكلاهما اسمان من اسماء الله تعالى معناهما التقدير للفعل قبل الدخول فيه ، فيكون ترتيبها في ايجاد الشيء أن يُخلق الشيء أي يقدر ثم يبرأ ثم يُصور والإنسان مر بهذه الأطوار الثلاثة . 
  • ومن أسماء الله تعالى : الظاهر والباطن فالظاهر أي المعتلي على خلقه فليس فوقه شيء فهو قريب من اسم الله الأعلى والعلي ويُدعى به في طلب النصر والتمكين هو واسم الله النصير والقوي والعزيز والقاهر والقهار وأما اسم الله الباطن فمعناه الذي ليس دونه ولا تحته أحد فهو محيط بكل العالم ومن أسمائه المحيط ويعلم بواطن الأمور وخفاياها ولو أن الداعي دعا على العدو باسم الله الباطن في إفشال مكرهم وكشف غدرهم . 
  • ومن أسماء الله تعالى : المُقيت ومعناه المدير للقوت والذي هو قائم على أرزاق الخلائق كلهم من البشر والبهائم ، وقيل معناه : الذي يشهد كل الأحوال ويُدعى به في طلب الرزق والكسب والعيش هو واسم الله الرزّاق والرازق  
  • ومنها أيضاً : اسم الله الشهيد ومعناه الذي هو مطلع وشاهد في كل حال على الخلائق كلهم في أي مكان وزمان . 
  • ومنها أيضاً :  السبوح : أي تسبه الخلائق كلهم وخصوصاً الملائكة قال الله تعالى في شأنهم : " يسبحون الليل والنهار لايفترون " . 
  • ومن أسماء الله تعالى : الديان ومعناه الذي يدين الخلق بأعمالهم ويجازيهم ويحاسبهم فيدين أولاً ثم يُحاسب وهو الحسيب سبحانه الذي يحاسب على كل صغيرة وكبيره ولا يأخذ ذلك منه جهدا أوكلفة فهو سريع الحساب كما أخبر الله جل وعلا في كتابه . 
  • ومنها الوارث وهو الذي يرث الخلائق كلهم ويحييهم ويميتهم كما قال تعالى ( وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون )  وله ميراث السماوات والأرض سبحانه وتعالى ولو الرجل دعا بهذا الإسم عند الخوف من ضياع شيء بعد مماته واستعمل معه اسم الله الحفيظ لكان دعاءه مما يُرجى به الأجر والإجابه .
  • ومنها كذلك :  المقدم والمؤخر :  فهو مقدم للأمور ومؤخر لها لحكمة وهو يشمل عامة الأمور وخواصها ويشمل حالات الإنسان كلها فالله جل وعلا يؤخر للإنسان أمراً يُحبه ويتمنى الحصولَ عليه لمصلحة يعلمها ويُقدم للإنسان أمراً يكره - أي الإنسان - تقديمه لصالحه ولمصلحة يعلمها جلا وعلا ومما يمكن تطبيقه في واقعنا على أهل الشام في هذا الوقت فإن الله أخر النصر عنهم لحكمة خفية مع أن الناس تدعو في هذا الوقت وتبتهل وهو سبحانه حكيم ولا يُضيع دعاء الداعين ولا ابتهال المُلحين ولكن يؤخر الإجابة لسبب لايُفصح عنه ولا يُطلع عليه أحداً من خلقه وذلك لحكمته وخبرته في الأمور وبتفاصيل دقيقة لايتصورها ابن آدم وهو الحكيم الخبير . 
  • ومنها كذلك اسم الله البرّ : أي المحسن فاعل البِر الذي هو الخير أوما سمعتم أصحاب الجنة حين يدخلوها كما حكى الله عنهم ( إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) 
  • ومنها اسم الله الصمد : وهو الذي تصمد إليه الخلائق أي تلجأ إليه في قضاء الحوائج فهو الملجأ عند احتدام الأمور وعسرها 
  • وأخيراً من أسماء الله تعالى : الحيي أي الذي يستحي من خلقه سبحانه ويستحي أن يرد يدا الداعي صفراً حين يدعوه كما ثبت في الحديث فهل نعدم خيراً من ربنا وهو يستحي جل وعلا من عباده المؤمنين وهل ندع الدعاء بسبب عجلة في الأمر . .   لاندري حينها ماهو الأصلح لنا وماهو الأفضل لحالنا ؟ 
فاللهم ياحيي ياستير يامجيب ياقريب ياقدير تول أمرنا وأصلح أحوالنا ويسر أمورنا واعصمنا من المنكرات واجعلنا ممن يدعوك بأسمائك الحسنى في الخلوات والجلوات ياواسع العطايا والهبات . 
واستغفروا ربكم ثم توبو إن ربي قريب مجيب  . 

============ الخطبة الثانية ============
الحمدلله ملأ حمده الأرضين والسماوات والصلاة والسلام على المبعوث بالبينات وعلى آله وصحبه المسابقين للخيرات وعنا معهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التغابن والحسرات أما بعد : 
عباد الله : أمر الله جل وعلا بدعاءه بأسمائه الحسنى وحذر من الإلحاد في اسمائه في آيات من كتابه العزيز فقال في سورة الأعراف  : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ماكانوا يعملون ) بل شمل ذلك الوعيد حتى الإلحاد في الآيات فقال : ( إن الذين يلحون في آياتنا لايخفون علينا أفمن يُلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامه اعملوا ماشئتم إنه بما تعملون بصير ) 
والإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته  هو الميل بها عن معناها وتأويلها أي تفسيرها بمعنى مخالف ليس هو مرادٌ لله تعالى في ذلك الإسم أو أو تعطيل معناها كما تقول بعض الفرق فتقول : هو رحيم بلا رحمه وغفور بلا مغفرة ولطيف بلا رأفة ولطف فيثبتون الإسم وينفون المعنى خوفاً - كما يزعمون - أن ذلك يلزم منه تشبيه الله بخلقه وهم ينفون له اليدين التي أثبتها الله تعالى له في كتابه فقال : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ..)  وينفون الساق هي ساق الله تعالى التي لاتشبه ساق الخلق بأي حال ولا تماثلها لافي الحجم ولا الكيفية فقال تعالى : ( يوم يُكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) تعالى الله عن فعلهم . 

  • ومن صور الإلحاد في أسماء الله تعالى تشبيه صفات الله أو اسمائه بصفات وأسماء المخلوقين وذلك من أعظم الجور والظلم وقد ورد في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من شبه الله بخلقه كفر "  . 
  • ومن صور الإلحاد كذلك أن تُفسر بمعنى فاسد أو تُنفى حقيقتها وتُوصف بالمجاز لاالحقيقة فيفسر ويأول صفة اليد بالنعمة وصفة الإستواء على العرش بالإستقرار وصفة الساق بأنها غير حقيقة كما يقول بعضهم فيقول في صفة الساق كمثل قول بعض العرب : " كشفت الحرب عن ساقها " وهذا عند العرب كلام مجازي ليس حقيقي فالحرب ليس لها ساق أما الله فله ساق تليق بجلاله وعظمته من غير تحريف للمعنى ولا تعطيل للجوهر ولا تشبيه ولا تمثيل بالمخلوق وهو الذي أخبر عن صفاته سبحانه بنفسه وهو أعرف بنفسه من خلقه فلا يحل لنا ولا لغيرنا إلا أن نثبت ماأثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله عليه الصلاة والسلام من دون الوقوع في محاذير شرعية ولامخالفات عقدية .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنظل بأسبابه واجعلنا من حماة الحق وجنابه ياذا الجلال والإكرام .  





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...