الجمعة، 24 نوفمبر 2017

خطبة عن مولد النبي عليه الصلاة والسلام ومعجزاته

الحمدلله الجواد التواب الكريم الوهاب الذي أنزل الكتاب وأجرى السحاب وهزم الأحزاب ، بيده البطش والرحمة والعذاب والصلاة والسلام على النبي والعِترة والأصحاب ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحساب أما بعد :
عباد الله اتقوا الله تعالى فالتقوى أكرم نسب وأفضل حسب وأسمى طلب " ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبير " .

عباد الله : إن أفضل من سبق الناس بالتقوى والديانة والعقل والأمانة والرزانة وحسن البطانة هم الرسل وأفضل الرسل وخمسة وهم أولوا العزم من الرسل : نوحٌ وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمدٌ صلى الله عليهم أجمعين وخير البرية ابراهيم عليه السلام وأفضل الرسل محمد صلى الله عليه وسلم الذي كرمه ربه وأعلى مقامه وهو القائل عن نفسه عليه الصلاة والسلام : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " .
فهذه وقفة وتأمل مع مولده وحياته ومعجزاته والكلام في سيرته وحياته ودعوته يطول ولكن حسبنا أن نستطلع بعض الجوانب التي تفيدنا أكثر في ديننا وسلوكنا ، فقد ولد عليه الصلاة والسلام في شهر ربيع الأول عام الفيل وقد أختلف في يوم مولده فقيل في اليوم التاسع وقيل الثامن وقيل الثاني عشر وفي ذلك حكمة لعل من يحتفل بمولده الآن يرتدع عن غيه في إقامة الموالد النبوية وإن كان الأكثر يذكر أن مولده في اليوم الثاني عشر وفي مولده معجزة فقد رأت أمه نورا ً أضاء لها قصور الشام ففي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا عبدالله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك إني دعوة أبي ابراهيم وبشارة عيسى بي ورؤيا رأت أمي ، وكذلك أمهات الأنبياء يرين ، وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نوراً أضاء لها قصور الشام " أخرجه الإمام أحمد وصححه ابن حبان .

وقد ُذكر أنه وُلد مختوناً ولم يثبت في ذلك حديث يستند إليه في ذلك وقد لاقى في صغره مالاقى وإنه عاش طفولته يتيماً فقد مات والده قبل ولادته بأشهر وماتت أمه وله من العمر ست سنين ومات جده وله من العمر ثمان سنوات وكان يرعى الغنم لأهل مكة وقبل بعثته عليه الصلاة والسلام حبب إليه التعبد والخلوة في غار حراء وكان على طريق الغار حجر يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث وقد ذكر ذلك عليه الصلاة والسلام وقد لاقى في دعوته بعد البعثة من أذى قريش وثقيف ومن ثم الأحزاب أذىً كثيراً وعمه أبا طالب كان يدافع عنه ويقول :
وعرضت دينا قد علمتُ بأنه * من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذارِيَ سُبّة ٍ* لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
ويقول في الدفاع عنه :
والله لن يصلو إليك بجمعهم * حتى أوسّد في التراب دفينا
ثم توفي بعد ذلك كله عمه أبو طالب قبل هجرته بثلاث سنوات وقد فقد رسول الله عليه الصلاة والسلام تلك اليد التي تمده بالعزيمة فحزن على عمه حزناً عظيماً ومن ثم عوضه الله بإسلام عدد من كفار قريش بعد ذلك وبالهجرة فجاء الفرج له من الله بعد أن طورد وحوصر عليه الصلاة والسلام حصاراً ظالماً غاشماً من بطون قريش بشعب أبي طالب ثلاث سنين وقطعت عنهم الميرة أي الطعام فبلغ بهم الجهد مبلغاً عظيماً حتى أرسل الله الأرضة فأكلت تلك المعاهدة الجائرة وكل ذلك ليجري البلاء على نبيه ويستحق تلك الدرجة الرفيعة بين الأنبياء ويُعلّم أمته على الصبر وتحمل المشاقّ في سبيل الدعوة إلى الله والله قادر أن ينصره بلمح البصر ويعّزه بسويعات معدودة فكم تعب عليه الصلاة والسلام من أجل أمته وفي الأخير يأتي أناس يتجرؤون على جنابه من أراذل الناس وليتهم من الأمم الأخرى بل ممن ينتسبون لأمته فويل ٌلهم من عذاب يوم شديد ومن عقوبة الله والوعيد .
ولنقف وإياكم مع بعض ٍمن معجزاته التي تظهر مقامه وعلو قدره عند ربه والتي وردت في كتب السنة والتاريخ لتروا مدى نصرة الله له ومدّه بالمعجزات والكرامات التي لم تكن لغيره عليه الصلاة والسلام وأعظمها انشقاق القمر فرقتين يراهما القريب والبعيد على حدٍ سواء يقول الحق في ذلك : " اقتربت الساعة وانشق القمر " وتلك أكبر معجزة ظهرت في عصره وفي العصور المتأخرة إلى قيام الساعه وإن الإنشقاق ليتبين للباحثين وللناظرين الفلكيين بالمناظير الفلكية الحديثه .
- ومنها : حادثة الإسراء والمعراج التي وقعت في شهر رجب على الصحيح وفيها من عجائب قدرة الله بقطع المسافات بجسد من طين بلمح البصر يقطع فيها النبي عليه الصلاة والسلام أطباق السماوات ومفاوز الأرض بوقت يسير في ليلة واحدة ، يذهب إلى موقع يُسمع فيه صريف الأقلام على الصحف وذلك تحت العرش ثم يرجع من ليلته وينام على فراشه ولم يختل عقله ولم يعتلّ جسده إن في ذلك لآيه وأحدنا لو صعد إلى الفضاء قليلاً لأحس باختناق شديد بسبب نقص الهواء والأكسجين في ذلك المكان .
- ومنها : إخباره بانتصار الروم على الفرس بعد انتصار الفرس على الروم ووقع ذلك بعد حوالي سبع سنوات .
- ومنها : نُطق الذئب بنبوته عليه الصلاة والسلام : فعن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " عدا الذئب على شاةٍ فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه قال : ألا تتقي الله تنزع مني رزقاً ساقه الله إلي فقال : " ياعجبي ذئبٌ مقعٍ على ذنبه يكلمني كلام الإنس " فقال الذئب : " ألا أخبرك بأعجب من ذلك ، محمدٌ صلى الله عليه وسلم بيثرث يخبر الناس بأنباء ماقد سبق " قال : فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة " فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام وأسلم . رواه الترمذي والحاكم والبيهقي في دلائل النبوة ، وقال : " اسنادٌ صحيح " ورواه أحمد والبزار بنحوه مختصرا ً وذ ُكر عن ابن اسحاق أن الذي كلم الذئب سلمة بن الأكوع الصحابي الجليل رضي الله عنه .
- ومنها شهادة شجرة السلم وعذق النخلة برسالته عليه الصلاة والسلام فقد أخرج المحدث الدارمي رحمه الله في سننه عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : " كنا في سفر فأقبل أعرابي فلما دنا منه ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين تريد ؟ " قال : إلى أهلي ، قال : " هل لك من خير ؟ " قال : وما هو ؟ قال : " تشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمدا ً عبده ورسوله " قال : ومن يشهد على ماتقول ، قال : " هذه السلمه " فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهدها ثلاثاً فشهدت ثلاثاً أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها . والحديث أخرجه ابن حبّان في صحيحه وصححه الألباني .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بمَ أعرف أنك نبي ؟ فقال : " إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة تشهد أني رسول الله " فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينزل من النخلة حتى سقط بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " ارجع " فعاد " فأسلم الأعرابي رواه الإمام أحمد والترمذي وابن حبّان في صحيحه وصححه والحاكم كذلك وقال بعض المحدثين : اسناده صحيح على شرط الشيخين .
- ومنها : تكثير الطعام بين يديه ليكفي الجيش والفئام من الناس ونبع الماء بين يديه وتسبيح الحصى وحنين الجذع وسجود البهائم وشكواهم له وكذلك الطير والمعجزات كثيره وحسبنا من ذلك بعضها وذلك غيض من فيض ونهر من بحر وقلة من كثرة ونقطة من جرّه ، فاللهم بصرنا بالسنة والكتاب وبسيرة النبي الأعظم والآل ذوي الألباب ياكريم ياوهاب أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .

============= الخطبة الثانية ===============

الحمدلله خلق خلقه من عدم وهدى بالكتاب والقلم وفضل هذه الأمة على سائر الأمم والصلاة والسلام على النبي ذي الفضائل والكرم الذي أنار ربنا به الظُلـَم وعلى آله وصحبه ذوي البصائر والقيم ومن تبعهم بإحسان صلاة ًوسلاماً بعدد اللفظ والكلِم أما بعد :

عباد الله : اتقوا الله تعالى واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
واعلموا أن لنبينا حقوقاً كثيرة أوجبها الله علينا وعلى رأسها الإيمان به واتباع سنته ونهجه في الحياة والممات والدفاع عنه عند من يشوه جنابه وينال من عرضه ويشتمه رفع الله قدر نبينا وأعلى مقامه ولايجوز السكوت أبداً بمجلس يُنال فيه من عرضه عليه الصلاة والسلام والله قد كفى نبينَا من يفعل ذلك على وجه الإطلاق " إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون ". فلاتحزنوا ولاتهنوا ولا تضعفوا وجاهدوا في الله حق جهاده واحذروا من الإبتداع في دين الله الذي أكمله نبينا نبي الرحمة ولا شك أن ذلك يُغضبه ولا يرتضيه ومما خالف فيه كثير من هذه الأمة ماكان عليه نبينا عليه الصلاة والسلام وما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين بدعة " الإحتفال بالمولد النبوي " التي ماأنزل الله بها من سلطان ، وماأمر بذلك أحدٌ من علماء هذه الأمة المعتبرين ولكن هي بدعة محدثة أحدثها الفاطميون الباطنيون في مصر في المائة الرابعة من الهجرة ودعوا الناس لذلك على يد الشقي المدعو ( المعز الفاطمي ) ومن ثم انتقلت هذه البدعة عبر العصور ومثلها التشيع والزندقة إلى أن وصلنا هذا الداء ، ومن المؤسف أن بعض الدول تولي هذه البدعة عناية منقطعة النظير وتمنح إجازة رسمية لأجهزتها الحكِِومية والتعليمية ، ليتفرغوا - بحسب زعمهم - لأداء الطقوس البدعية ، وبعض علِمائهم ذكر أن صيام هذا اليوم سنة وهو الثاني عشر من ربيع الأول فحسبنا الله ونعم الوكيل . . فياللعجب من حال هؤلاء المتعالمين وأهل الجهل الذين ماأُتي هذا الدين ولا انخرم إلا من قِبـَلهم فذلّوا ولُعنوا وضلوا وأضلوا وتسلط عليهم وعلى غيرهم أعداء الإسلام فصاروا بذلك كما قال الشاعر :
تجهموا أدنى المنازل بعد أن كانوا قمم * صاروا بذا أضحوكة بين الخلائق والأمم
ومما يندى له الجبين والقلب لحال أولئك لايستكين أنهم يجتمعون على المعازف والطبول والتوسل بجاه الرسول وطلب المدد منه والعون وحالهم هناك هو حالهم لو ظفروا بالوصول لقبره والتمسح به وهو القائل عليه الصلاة والسلام :" اللهم لاتجعل قبري وثناً يُعبد " فجمع أولئك بين الكبائر والشرك والبدعة فهل ترجو هذه الأمة نصراً وعزاً وكرامة .
فاللهم تول أمر هذه الأمه واهد ضالهم وبصر تائهم وأرشد حائرهم للعض على الكتاب والسنة ومجانبة الهوى والبدعه في القول والعمل وجنبنا ربنا الزلل والضلال والعلل وتأويل المبطلين وتحريف الجاهلين .
هذا وصلو وسلموا على نبي الرحمة والهدى والحكمة محمد خاتم النبيين ورسول رب العالمين .

الأربعاء، 15 نوفمبر 2017

خطبة عن الشهرة

الحمدلله هدى بالبينات والهدى ولم يخلق الخلق سُدى وحذر من سلوك سبل الردى والصلاة والسلام على نور الدجى وغيظ العدا نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الفضائل والفداء وعنا معهم ومن اهتدى أما بعد : 
فاتقوا الله عباد الله فالتقوى من الله نور وبرهان ونجاة من المهالك والنيران ، ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً 
تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ) .
عباد الله : إن من نعم الله على العباد أن جنبهم السبل الردية وهداهم لسلوك السبل السوية الموصلة إلى رضوانه سبحانه وتعالى وإن من شقاء بعض العبيد سلوك سبلٍ لاتُرضي الله جل جلاله ولاتهديه إلا إلى الهلاك والبوار وإن كان يتحصل بتلك الطرق على مرغوبه وشهوته حينا وزمانا في الدنيا ومن ثم يؤول به الحال لسوء العاقبة والمصير ومن هذه الطرق " طريق الشهرة " الذي افتتن به كثير من الناس على حساب الدين وضياع الديانه والسقوط في أوحال الفتنة وذهاب الوازع الديني من أجل الإرتقاء إلى منبر الكلمة وإن كان الضحية دينُه وأمانته بل وأسرته وأولاده أعاذنا الله وإياكم من هذا الطريق ، إن الذي يريد هذه الشهرة المقيته هو في الواقع يسلك سبيل السخط من الله والعقوبة وأول من يدخل في حديث : " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايُلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم أبعد مابين المشرق والمغرب " فالكتابة في الواقع في برامج التواصل الإجتماعي التي هي كما يعتقد الكثير بابٌ للشهرة تجري مجرى الكلام باللسان وإن لم يتلفظ بذلك بلسانه ، فما الكتابة في الواقع إلا تعبير عما يجول في الفؤاد وتصدقه الجوارح واللسان ولكن مالذي يدعو هؤلاء لمثل هذه الأفعال العظيمة من تناول لثوابت الشريعه أو رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام
 بالثلب والسب والشتم من قِبل هؤلاء المهووسين بالشهرة والراكضين وراء تلك الفتنة المغرية والسوءة البالية . 
عباد الله : إن من أكثر الأسباب التي تجعل مثل هؤلاء يلهثون وراء سراب الشهرة  ولايرعوون ولا يحسبون لدينهم ولايُحسّبون لسوء مصيرهم هوعدم ترشيد وإشباع هذه الشهوة بطريق مباح وميسور ، ولأن تكون ذنب في الحق خيرٌ من أن تكون رأساً في الباطل . . وكان السلف رضوان الله عليهم يعتقدون مثل ذلك 
وقال أيوب السختياني رحمه الله: ما صدق عبدٌ قط فأحب الشهرة، وقال بشرٌ الحافي : ما اتقى الله من أحب الشهرة، وقال يحيى بن معاذ : لا يفلح من شممت منه رائحة الرئاسة، وقال ابن الحداد: ما صدّ عن الله مثل طلب المحامد وطلب الرفعة: المنصب، والرياسة وكذلك الشهرة . وفي الحديث  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ماذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه "  يعني على حساب دينه وعقيدته والمعنى :  أن حرص المرء على المال والشرف ويدخل في الشرف الشهرة كأشد من ذئبان أرسلا في الغنم ؟  فماذا تتوقعون أن يصنعا ، فلا شك أنها سيفسدان في الغنم ويعيثان بها أشد الفساد ، فكذلك حرص الرجل على الشهرة والمال يعيث ذلك بدين المرء فسادا ً ويدمر خلق الإنسان ويفسد عليه كيانه وديانته ، فيوالي من أجل ذلك ويعادي لذلك ويكون ولاءه مدخولاً لاخالصاً للحق سبحانه وذلك يدخل في شرك المحبة الذي هو نوع من أنواع الشرك فلنحذر عباد الله من هذه الآفة التي سرى خلفها الكثير بلا تمعن ولاتروي .
عباد الله : وإن من أسباب ذلك أيضاً شح النفوس وطغيان الشهوة ومرض الشهرة من أمراض الشهوات فالنفس بطبعها تميل لحب الشهرة والرئاسة بسبب شح النفس وحب الظهور وقد حُذرنا من الشح وأخيه الهوى ففي حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم أمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا " رواه أبو داوود وكذلك حديث معاوية رضي الله عنها والذي جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " وإنه ليخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلـَبُ بصاحبه ، فلا يبقى مفصل ٌولا عرق إلا دخله " وسنده صحيح  ، والكـَلَب داء يصيب الإنسان من عضة الكلْب فيهلكه ويصيب الكلْب بحالة من الجنون والهوس بعض الناس ومهاجمتهم - حمانا الله وإياكم .

عباد الله :  ومن أسباب ذلك التشبه بمن سلك هذا الطريق وإن كان من أشقى الناس والصاحب ساحب والهوى سالب ولكل فضيلة محارب ، ثم اعلموا عباد الله أن من هداه الله ووفقه سخر ووظف هذه الشهوة بما يخدم دينه ويرضي خالقه ويزيد من نفع المجتمع الذي يعيش فيه فيعلو بذلك شأنه ويكسب قبول ومحبة الناس ودعاءهم ، ويتفانى في سباق محموم بنصرة قضايا المسلمين في كل مكان والبخيل في هذا الشأن من بخل بجاهه وفقنا الله وإياكم لكل خير ورشد وصلاح واستعملنا في طاعته وجعلنا من خدام دينه ومن يجاهد في الله جق جهاده . . 
أقول ماتسمعون فما كان من رشد وصواب فمن الله وإن كان سوى ذلك فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله الغفور لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي غفور رحيم . 

============ الخطبة الثانية =============


الحمدلله ذو الجلال والإكرام الملك القدوس السلام والصلاة والسلام على المبعوث للأنام وعلى آله وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان وعنا معهم إلى على مدى السنين والأعوام أما بعد : 
إن مما يجدر الإشارة إليه في هذا الموضوع أن المجتمع في زماننا هذا يُفسد بسبب اصرار الكثير من الناس على تداول مواضع عن الشهرة وتصرفات غير مدروسة وخصوصاً من طبقة الشباب هداهم الله وكذلك الخوض في تداول أخبار القدوات السيئة في بلادنا كالفنانين وبعض اللاعبين ولو كان هؤلاء من بلدان لاتنطق باللغة العربية أصلاً فيقوم بتمليع منهجهم بعض المعتوهين والمغفلين المحسوبين على أمتنا من الشباب خاصة وغيرهم على وجه العموم ، ومما ينبئ بهشاشة وسفه بعض المراهقين هداههم الله عدم التروي والتؤدة وإعمال الفكر في جدوى ميتناول أو يرسل من أخبار عن هؤلاء المشاهير حتى أنه يتمنى بعض الصالحين أن يكون أمثال هؤلاء المشاهير وإن كانوا على ضلال مبين (( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون )) مع أن البعض من هؤلاء يركب مركب الكذب والإفتراء لكي يكون ذلك طريقه إلى الشهرة بأسرع طريق فخابوا وخسروا وذلوا وما ربحوا ، ولم يسلم حتى النساء من هذا الداء ولعل البعض سمع عن فتاة قامت بتصوير نفسها زاعمة أنها ستنتحر من أجل أن تقطع للشهرة أسرع طريق فضج بعض الناس ووقع في مصيدة هذه وقام  من قام بالنشر والإرسال على نطاق واسع ومن ثم في الأخير تبين كذب هذه الفتاة وأمثالها ممن باعوا دينهم وضميرهم وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام أشد التحذير من كذبة تبلغ الآفاق . 
عباد الله : إن علاج مثل هذا الداء المستشري هو بالوقوف عند المسلمات والثوابت في الشريعة التي تُحذر من هذا الصنيع ووتوعد صاحبه بأشد العقوبة وتتم أيضاً بنصب خشية الله بين الأعين ومراقبة الله جل جلاله في السر والعلن والتخلص من عامة أمراض الشهوات التي فتكت بالسواد الأعظم من المسلمين إلا من رحم الله والناس فيها مابين مقلّ ومكثر وجريح ومخدوش وغارق بعضه أو كله في مستنقع الشهوات وفي أنهار المنكرات والبلايا والسيئات ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " فإن لم يستجبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله إن الله لايهدي القوم الظالمين " 
فاللهم اصرف عنا كل فتنة ونجنا من كل سوء ومحنة واجعلنا ممن يعض على الكتاب والسنة فيوصله ذلك لدار النعيم والجنة ياذا الفضل والمنة . 

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...