الحمدلله الذي علم الإنسان مالم يعلم وأبان طريق الهدى والشر وأفهم
وحذر من دروب الشر والفتنة وسلم والصلاة والسلام على النبي الأكرم والرسول الأعظم
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فاتقوالله عباد الله : " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق
تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " . . " ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي
خلقكم من نفس واحدة وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به
والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً "
عباد الله : نحن نعيش في زمن متسارع وحقبة من الزمن تملؤها أجهزة
رقمية وأخرى الكترونيه ملأت البيوت والدور والمنازل والقصور حتى صار البعض إن لم
يكن الكل لايستغني لحظة واحدة عنها بل صارت عند بعض الناس ليست كماليات ولا حاجيات
بل ضروريات فالله المستعان ، حتى ضيع الكثير من فرائض الله ومن حقوق عباد الله
ماكان سبباً في هلاكه وخسارته في الآخرة وضياع عمره في الدنيا في حالة لايفيد فيها
ولا يستفيد ، ويلهث مع ذلك سريعاً خلف جديد تلك الأجهزة ، ويتتبع بشعف مسعور عن
ماينزل بالأسواق قبل نزوله ودخوله البلاد ويبحث من أجل ذلك في كل الآفاق لكي يفاخر
خلانه ويباهي أقرانه بجهازه الحديث لايجاوز عقله عينيه ولا أرنبة أنفه ووجنتيه
مــابال قومي يلهثون بلا وجل * قِـبَل الشرور بحالة لاتُحتمل
يتتبـعون جديدها وحـــديثها * فنأى بنفسك قبل تجريح المُقل
يتتبـعون جديدها وحـــديثها * فنأى بنفسك قبل تجريح المُقل
ويتصفح ليله ونهاره في أودية الرذيلة قد أثرت
فيه أفكار دخيلة ويلحقه مايلحقه وهو يتصفح من هذه المواقع ومن مكتبات مرئية وآخر
صوتيه وصور عبثية من الآثام مايعلم به البصير العلام ، فلابد حينها من مزاحمة
الباطل المنشور بالحق الظاهر المنصور ، حتى لايتصدر أهل الباطل بباطلهم الرجيم
ويُقصى أهل الحق ويتجمهر العامة على السقيم واللئيم من أرباب الفسق وقلة الديانة
وأصحاب التفاهات وسوء الأخلاق والخلاعات ، فمتى ينشط عباد الله في نهج طريق الخير
والنشر المفيد والإعلان اللافت الهادف في زمن لايتصدر فيه إلا من صُدّر بإعلان على
وجه قد خطط له مسبقاً في منتج مثير ينافس على الصدارة في كثرة المشاهدات ويقضي
الناس به أوقاتهم بدلاً من أن يلفهم لفيف أهل الباطل .
إن الإنتاج المفيد والمتميز الذي أصبح ضرورة في عصرنا في كتابة مقال
نافع أو نشر فتوى أو تأسيس موقع شبكي شرعي أو فتح قناة دينية أو نشر علم أو مقطع
دعوي وغير ذلك بجهد فردي أو جماعي له ثأثيره الإيجابي على نطاق واسع في المجتمعات
المسلمة العربية وغير العربية ويضرب أصقاع الأرض في لحظات معدودة ويكتب الله له
القبول والإنتشار بإخلاص صاحبه إذا كان من أهل الإخلاص والصدق ، ينبه الغافل ويعلم الجاهل ويذكّر الناسي ويدعو لدين الله ويدل التائه الحيران إلى
معالم الهداية والإيمان ، ويبني بيوتاً ويصنع مجداً ، ويُدخل فرحاً وأنساً لبيوت
ضائعه في وقت فُرص سانحة ، فلا بد معشر الإخوة المصلين أن نستغل هذا الفيض التقني
ونجنده لدين الله وبكل ماأوتينا من قوة وليكن زادنا في ذلك تقوى الله والحرص على
تبليغ الدعوة والخير في أطراف من الأرض لم يصلها صدى الإسلام ، ولم يبلُغهم هذا
الدين وإن كان الله تكفّل ببلوغ هذا الدين مشارق الأرض ومغاربها في قوله صلى الله
عليه وسلم من حديث تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول :
" ليبلغنّ هذا الدين مابلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت
مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يُعز الله به
الإسلام وذلاً يُذل الله به الكفر " رواه أحمد في مسنده والطبراني في
مسند الشاميين والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى .
وهذا لايعني أن الرجل منّا يتوانى أو يتكاسل عن نشر هذا الدين والبذل
لتبليغه ، لأنه لاشك في أن الله يُبلغ دينه بأيدي يستعملها في طاعته وطلب مرضاته ،
فاستبق الخيرات وكُن منهم ، وسارع وبادر وانهض واعزم على نية الخير والسعي الجاد
في كسب الوقت واعمل في صلاح نفسك وإصلاح مجتمعك ومن حولك كي تكون نبراساً يُحتذى
وقدوة في الخير يُقتدى ، ويدعو له الناس ويكون لبنة هداية وبناء يفيض بالعطاء وذلك بسعيه في محاربة الفساد ونشر الخير في
البلاد ودرء الفتنة والنصح لكل مسلم ، فكن كل يوم ترتقى في درجات الفضائل وتبتعد
وتحذر من دروب الرذائل ، وكن ممن خيره إلى الناس واصل مستديم وكذا طبع الكريم :
" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسُبحان الله وما
أنا من المشركين " . . " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً
وقال إنني من المسلمين " .
وتمثّـل دائماً قولَه عليه الصلاة والسلام : " بلغوا عني ولو
آيه " وقوله صلى الله عليه وسلم : " نضّر الله امروأ ً سمع منّا حديثا
فحفظه حتى يبلغه غيره فرُبّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ورُب حامل فقه ليس
بفقيه " أخرجه الترمذي في سننه وحسّنه من حديث زيد بن ثابت
رضي الله عنه .
أي أن البعض فقط بتبليغه للحديث لايدري ماالذي يُجري الله على يديه
من استنباط الأحكام وإن كان استنباطها من غيره - أي من قِبل غيره من العلماء
والفقهاء وطلاب العلم - فيجري له من الخير مالايُحصى فقط بنشره ذلك الحديث أو تلك
الفائدة التي تعود في أصلها لدين الله . . أجرى الله على يدي وأيديكم الخير وضاعف
الله لنا ولكم الأجور يوم البعث والنشور إنه قدير غفور حليمٌ شكور وأمننا
نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة وتفضل علينا بالعلم والهدى والحكمة
وبارك لنا في الأعمار والأعمال التي تُوصل لرضوانه والجنة ، أقول ماسمعتم وأستغفر
الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي
غفور رحيم .
========== الخطبة
الثانية ==========
الحمدلله الذي وعد عباده الطائعين بالنعيم المقيم وحذر العاصين من
دار الجحيم وأرسل رسوله للعالمين حجة على الخلق أجمعين ، صلى الله عليه وعلى آله
ومن تبعه بإحسان وعنا معهم إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن خير منازل الناس في الدنيا والآخرة
هم العالمون العاملون والداعون الباذلون المناصرون لدين الله والمبلغون عن رسول
الله مايهتدي به الناس لكل الخلائق والأجناس وقد مثّل النبي صلى الله عليه وسلم
الناس في ذلك وقسمهم في هذا الشأن إلى ثلاث طوائف مشبهاً إياهم بالمطر الذي يصيب
الأرض :
· فطائفة قبلت هدى الله فعلمت وعلّمت ونفعت ونشرت الخير ودعت لدين الله
وحثتالناس ودلتهم على كل خير وجاهدت في
ذلك فهؤلاء بأفضل المنازل
· وطائفة علمت ولم تعمل ولكن نفعت غيرها بإيصال العلم له فنفع الله بها بإيصالها للعلم فقط مع وجود التقصير فهؤلاء نفعوا غيرهم ولم ينفعوا أنفسهم فهم أقل بكثير من الطائفة الأولى وعليهم أن يبادروا بإصلاح أنفسهم حتى يتقبل الله منهم
· وطائفة علمت ولم تعمل ولكن نفعت غيرها بإيصال العلم له فنفع الله بها بإيصالها للعلم فقط مع وجود التقصير فهؤلاء نفعوا غيرهم ولم ينفعوا أنفسهم فهم أقل بكثير من الطائفة الأولى وعليهم أن يبادروا بإصلاح أنفسهم حتى يتقبل الله منهم
ويضاعف لهم المثوبة والأجر
· وطائفة لم تعلم ولم تعمل وإن علمت ماعملت ولا توصل الخير والهدى والنفع لأحد فهؤلاء بأخبث المنازل وأدنى المراتب ولا يسلمُ مثل هؤلاء من عذاب الله إلا من تداركه الله ووفقه للتوبة النصوح قبل الممات ومغادرة الحياة فاللهم تداركنا بلطفك .
· وطائفة لم تعلم ولم تعمل وإن علمت ماعملت ولا توصل الخير والهدى والنفع لأحد فهؤلاء بأخبث المنازل وأدنى المراتب ولا يسلمُ مثل هؤلاء من عذاب الله إلا من تداركه الله ووفقه للتوبة النصوح قبل الممات ومغادرة الحياة فاللهم تداركنا بلطفك .
وقد ورد ذلك مفصلاً في حديث أبي موسى الأشعري
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مثلُ مابعثني به الله عز وجل من
الهدى والعلم كمثل غيثٍ أصاب أرضاً فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ
والعشب الكثير ، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها
وسقوا ورزعوا ، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لاتُمسك ماءاً ولا تُنبت كلأً ، فذلك
مثلُ من فقِه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثلُ من لم يرفع
بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " .
اللهم أصلح على أيدينا واستعملنا في طاعتك ورضوانك ونجنا من عذابك
ونيرانك واجعلنا مباركين أينما كنا ياودود ياكريم ياذا الفضل العظيم ، وأعذنا
اللهم من علم لاينفع وقلبٍ لايخشع وعين لاتدمع ودعوة لايُستجاب لها . .
هذا وصلوا وسلموا على الهادي البشير والسراج المنير كما أمركم الله
بالصلاة والسلام عليه
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق