الحمدلله اللطيف الخبير السميع البصير خلق فسّوى وقدّر فهدى وهو القوي القدير والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أولي الفضل والتبجيل والتقدير وعلى من تبعهم بإحسان وعلينا معهم صلاة وسلاماً دائبين من الإله الودود الكبير أما بعد :
فاتقوا الله - ياعباد الله - فبالتقوى تصلح النفوس وتزين الطباع فمن خشي الله واتقاه أطاع ومن عصاه تنكب عن صراطه وضاع ومن الله الهداية وعلى الرسول البلاغ .
عباد الله : الغلظة والجفاء خُلقان ذميمان وطبعان في النفس قبيحان وهما من أقبح الأخلاق وأرذل الصفات وأدناها والله حث نبيه على اللطف والملاطفة واللين مع عباد الله المؤمنين والمسلمين وبين أن الغلظة والجفاء منفران للخلق عن صاحب هذين الخُلُقين فقال سبحانه :
( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً عليظ القلب لانفضوا من حولك . . ) الآية والقبول لايوضع في الأرض لجافي الطباع وغليظ القلب وأغلظ الله القول في شأن الوليد بن المغيرة لكونه جافي الطباع غليظ القلب متكبر عن قبول الحق فوصفه بأقبح الأوصاف وأدنى الصفات فقال سبحانه ( ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشّاء بنميم * منّاعٍ للخير معتدٍ أثيم * عُتل بعد ذلك زنيم * أن كان ذا مالٍ وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) والعُــتلّ هو من جفا طبعه وغلُظ ، والهمّاز : المغتاب ، والزنيم : الدعيّ في قومه ، وبين صلى الله عليه وسلم أن الجفاء في النار وأن بذاءة اللسان طريقٌ إليه ودرب يوصل إلى قسوة القلب والذي يوصل إلى العقوبة والعذاب ، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الحياء من الإيمان والإيمان في الجنّة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار " رواه الإمام أحمد وابن حبان والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
عباد الله : وإن من أسباب لين القلب وصلاح النفس السكن في المدينة وهُجران السكن في البادية والصحراء ولذا نهى صلى الله عليه وسلم عن السكن في البادية إلا في زمن الفتنة فقال : " من سكن البادية جفا ومن أتى السلطان افتُتن ومن تتبع الصيد غفل " وذلك أن السكن في الصحراء يغلّظ الطباع وينشر الجهل ويبتعد المسلم فيها عن مجالس الذكر وعن المودة والرحمة حين معاشرة الناس وعن الملاطفة في القول كما هو الحال حين السكن في المدينة أو القرية وما استثني من ذلك إلا في زمن الفتنة :" يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتبع به شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن " وسكنه في البادية يكون في آخر الزمان حين تنتشر الفتن .
عباد الله : وكلماء كثُر العلماء والمتعلمون وانتشرت ثقافة الأخلاق والأدب بين الناس قلّ الجفاء وزاد بين الناس البذاءةُ في القول ولذا قال مالك بن أنس : " ماقلّت الآثار في قوم إلا كثرت فيهم الأهواء ، وإذا قلت العلماء ظهر في الناس الجفاء " وقال سفيان الثوري " إياك ومجالسة أهل الجفاء ، ولا تُصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ، ولا تصاحب الفاجر ولا تجالسه " وما قال ذلك رحمه الله إلا لأن المخالط المعاشر المجالس لأي صنفٍ من أصناف البشر في الغالب أنه يتأثر بمن يُخالطه ويتسرب لنفسه من أخلاق المُجالسين حتى لو كان حريصاً على عدم التأثر بهم .
فأهل الجفاء ينفر الناس منهم وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الجفاء يكون في أهل الإبل خاصة وأن أهل الغنم هم أهل سكينة ووقار ولذا أخرج البخاري من حديث عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا إن القسوة في أهل القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومُضر ) والمقصود بقرن الشيطان أي الفتن والبدع مع فتنة الدجال وأتباعه وليس المقصود أن الشيطان يخرج منهم ولكن يخرج في بلادهم من قِبل المشرق كما وردت بذلك الأحاديث .
فاتقوا الله - ياعباد الله - فبالتقوى تصلح النفوس وتزين الطباع فمن خشي الله واتقاه أطاع ومن عصاه تنكب عن صراطه وضاع ومن الله الهداية وعلى الرسول البلاغ .
عباد الله : الغلظة والجفاء خُلقان ذميمان وطبعان في النفس قبيحان وهما من أقبح الأخلاق وأرذل الصفات وأدناها والله حث نبيه على اللطف والملاطفة واللين مع عباد الله المؤمنين والمسلمين وبين أن الغلظة والجفاء منفران للخلق عن صاحب هذين الخُلُقين فقال سبحانه :
( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً عليظ القلب لانفضوا من حولك . . ) الآية والقبول لايوضع في الأرض لجافي الطباع وغليظ القلب وأغلظ الله القول في شأن الوليد بن المغيرة لكونه جافي الطباع غليظ القلب متكبر عن قبول الحق فوصفه بأقبح الأوصاف وأدنى الصفات فقال سبحانه ( ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشّاء بنميم * منّاعٍ للخير معتدٍ أثيم * عُتل بعد ذلك زنيم * أن كان ذا مالٍ وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) والعُــتلّ هو من جفا طبعه وغلُظ ، والهمّاز : المغتاب ، والزنيم : الدعيّ في قومه ، وبين صلى الله عليه وسلم أن الجفاء في النار وأن بذاءة اللسان طريقٌ إليه ودرب يوصل إلى قسوة القلب والذي يوصل إلى العقوبة والعذاب ، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الحياء من الإيمان والإيمان في الجنّة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار " رواه الإمام أحمد وابن حبان والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
عباد الله : وإن من أسباب لين القلب وصلاح النفس السكن في المدينة وهُجران السكن في البادية والصحراء ولذا نهى صلى الله عليه وسلم عن السكن في البادية إلا في زمن الفتنة فقال : " من سكن البادية جفا ومن أتى السلطان افتُتن ومن تتبع الصيد غفل " وذلك أن السكن في الصحراء يغلّظ الطباع وينشر الجهل ويبتعد المسلم فيها عن مجالس الذكر وعن المودة والرحمة حين معاشرة الناس وعن الملاطفة في القول كما هو الحال حين السكن في المدينة أو القرية وما استثني من ذلك إلا في زمن الفتنة :" يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتبع به شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن " وسكنه في البادية يكون في آخر الزمان حين تنتشر الفتن .
عباد الله : وكلماء كثُر العلماء والمتعلمون وانتشرت ثقافة الأخلاق والأدب بين الناس قلّ الجفاء وزاد بين الناس البذاءةُ في القول ولذا قال مالك بن أنس : " ماقلّت الآثار في قوم إلا كثرت فيهم الأهواء ، وإذا قلت العلماء ظهر في الناس الجفاء " وقال سفيان الثوري " إياك ومجالسة أهل الجفاء ، ولا تُصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ، ولا تصاحب الفاجر ولا تجالسه " وما قال ذلك رحمه الله إلا لأن المخالط المعاشر المجالس لأي صنفٍ من أصناف البشر في الغالب أنه يتأثر بمن يُخالطه ويتسرب لنفسه من أخلاق المُجالسين حتى لو كان حريصاً على عدم التأثر بهم .
فأهل الجفاء ينفر الناس منهم وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الجفاء يكون في أهل الإبل خاصة وأن أهل الغنم هم أهل سكينة ووقار ولذا أخرج البخاري من حديث عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا إن القسوة في أهل القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومُضر ) والمقصود بقرن الشيطان أي الفتن والبدع مع فتنة الدجال وأتباعه وليس المقصود أن الشيطان يخرج منهم ولكن يخرج في بلادهم من قِبل المشرق كما وردت بذلك الأحاديث .
كفانا الله وإياكم شر الفتن والبلايا وأجزل لنا المِنح والعطايا إنه ولي ذلك والقادر عليه ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
========== الخطبة الثانية ==========
الحمدلله ذي الجود والإحسان والفضل والإمتنان والصلاة على المبعوث بالفرقان والحجة والبيان صلى الله عليه وعلى آله أهل التقى والإيمان وعلى من تبعهم بإحسان أما بعد :
عباد الله : إن مما يُبشر به من إطرح الجفاء والشدة والفظاظة والغلظة أن النار تحرم عليه أو أنه يحرم على النار ففي الحديث الذي رواه الطبراني وابن حبان وأورده المنذري في صحيح الترغيب والترهيب والبغوي في شرح السنة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وعنا أجمعين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم بمن تُحرّم عليه النار " وفي رواية " أو بمن يُحرّم أو تحرُم عليه النار ، على كل قريبٍ هين سهل لين " وإن مما يُؤسف له أن بعض الناس - هداه الله - إذا رأى رجلاً ممن يلاطف بالخطاب ويُلين القول ويخاطب الناس بأخلاق وعبارة فيها لطفٌ وملاينة يتهمه بقلة العقل والحمق ، وهذا من قلة الدين والجهل والفظاظة وهؤلاء دعاة جفاء وأبعد الناس مجلساً عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة كما ورد في الحديث ، مع الله أمر بني اسرائيل ممن كان قبلنا حيث قال :
( وقولوا للناس حسنا ً ) وأورد المنذري في الترغيب والترهيب وروى الترمذي مثله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة غُرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها ) فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يارسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائماً والناس نيام " .
هذا وصلوا وسلموا على النبي المختار والعترة الأطهار