الخميس، 12 أغسطس 2021

خطبة عن الإسبال واللباس

 الحمدلله الذي أنعم على عباده بوافر النعم وهو أهل الجود والكرم أوجد عباده من العدم وأسبغ عليهم من ستره وعافيته من نشأته في باطن الرحم إلى انتقاله لبيت الدود والرِّمم والصلاة والسلام على المبعوث لسائر الأمم نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد : 

فاتقوا الله -عباد الله - فالتقوى من حقّقه كان معصوماً من الموبقات يردُ آمناً في يوم العرصات إلى رب الأرض والسماوات ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ماقدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون )   ( ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فُرقاناً ويُكفّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ) . واعلموا - رحمكم الله - أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكلُّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار . 

عباد الله : أنعم الله على ابن آدم نعماً كثيرة منذ أن نزل أبونا آدمَ عليه السلام من الجنة إلى هذه الأرض ومن تلك النعم نعمة الملبس والذي أباح الله لابن آدم لبسه واقتناؤه والزينة التي حث الله على التزين بها مما أباحه الله حيث قال سبحانه : ( قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقومٍ يعلمون ) وجعل الله ذلك اللباس من آياته سبحانه الدالة على وحدانيته فقال سبحانه :   ( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يُواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) يقيه من الحر ومن البرد ويستر عورته به ويفرق عيشه عن البهائم والحيوان واللباس من الله كرامة لأنه من الطيبات حيث يقول سبحانه :    ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) واللباس حلّة وزينة وأباح الله للإنسان أن يلبس ماشاء وجعل لهذا اللباس ضوابط أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا مالم يُخالطه إسراف أو مخيلة " أخرجه النسائي وابن ماجه وأحمد رحمهم الله وإيانا جميعاً . 

عباد الله : من الضوابط المهمة جداً في اللباس هي أن لايكون الثوب أو القميص مُـسبَلاً فالإسبال في الثياب هو كبيرة من كبائر الذنوب موجب للعذاب والعقوبة من الله لصاحبه إذا لم يتب حيث يُحذر المصطفى عليه الصلاة والسلام من ذلك وتأمل كيف رُتبت هذه العقوبة بأشد أنواع الألفاظ التحذيرية منها لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد حيث قال عليه الصلاة والسلام : " ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم ، المسبل والمنّان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب  " أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذرّ رضي الله عنه 

وفي الحديث الآخر الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ماأسفل من الكعبين من الإزار ففي النار "   فانظر كيف توعد الله هذا المسبل بالعذاب الأليم والذي يبدأ من عذاب القبر إلى ويمتدُّ إلى ماشاء الله فهل من معتبر وهل من متعظ معشر المسلمين ، ولو فكرت وتأملت في كيفية التوقي من هذا الأمر لوجدته سهلاً يسيراً فبضعة ريالات تتوقى هذا الأمر والوقوع فيه ولكن ماأضل ابنُ آدم إلا هواه ونفسُه الأمّارة بالسوء وأكثر مايستهين به من الناس من فئة الشباب . 

عباد الله : يعتقد بعض الناس أن من مسبلاً ولم يُصاحب إسباله خيلاء ولا كبر أنه يسلم من وعيد الله وعذابه يوم القيامة وهذا معشر الإخوة اعتقادٌ خاطئ جانب الصواب لمن فقِه في دين الله وتتبّع النصوص الشرعية فالإسبال محرّم بذاته وإن صاحبه كبرٌ أو خيلاء تضاعفت على العبد العقوبة والدليل على ذلك أن الله جمع  التحذير من الإسبال والخيلاء جميعاً في حديث واحدٍ ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لاجناح فيما بينه وبين الكعبين ، ماكان أسفل من الكعبين فهو في النار ، من جرّ إزاره بطراً لم ينظر الله إليه " أخرجه الإمام أحمد وأبوداود وابن ماجه وقال النووي في المجموع : " إسناده صحيح "  .  

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه عند البخاري رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجلٌ يجرّ إزاره إذ خُسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " ولم يُذكر أنه جرّ إزاره خيلاء فدلّ أن الإسبال بذاته محرّم وأما من يستدل بقصة أبي بكر رضي الله عنه حينما قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لست ممن يصنع ذلك خيلاء ) فالجواب عليه أن يُقال : إن أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يُسب إزاره أصلاً ولكن مع الحركة ينزل أحد شقي الإزار مع كثرة الحركة بعكس من لبس الثوب الطويل وهو يرى أنه طويل لأنه تعمد الإسبال فأسبل إزاره من اللبسة الأولى ولا يستطيع أن يتعاهده كل مرة وأجاب ابن حجر صاحب كتاب " فتح الباري شرحُ صحيح البخاري " عن هذه الشبهة وقال : " وهذا إن كان الثوب زائداً على قدر لابسه فهذا قد يتجه المنع فيه على جهة الإسراف فينتهي إلى التحريم ، وقد يتجه من ناحية التشبه بالنساء وهذا أمكن من الأول وقد صحح الحاكم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة ، وقد يتجه المنع من جهة أن لابسه لايأمن من جهة تعلق النجاسة به  " انتهى كلامه  .  

 وتحريم الإسبال يُعتبر من البيّن الواضح حرمته في المسائل الفقهية ومن كبائر الذنوب ومن يتتبّع المشتبه من النصوص لكي يُحل ماحرّم الله أو يحرم ماأحل الله ففي قلبه مرض ومريدٍ للفتنة سواءاً لنفسه أو لغيره ، والنبي صلى الله عليه وسلم حذّر من اتباع المشتبه من النصوص في الحرام خاصة وأن من فعل ذلك فقد وقع في الحرام ولذا قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمورٌ مشتبهات لايعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشُبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشُبهات وقع في الحرام ) فالحذر من التهاون في ذلك رزقني الله وإياكم اجتناب المحرمات وعمل الصالحات أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم . 

============ الخطبة الثانية ============

الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلاة على النبي الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - واحرصوا كل الحرص على تعويد الأبناء والبنات على اللباس المحتشم والمنضبط بضوابط الشرع ، واحذروا وحذّروا من الألبسة العارية أو التي فيها خدش للحياء والعفة أو فيها نشر للفتنة والرذيلة بين المسلمين ومن يفعل ذلك ويصرّ عليه ويتباهى به في محافل الناس بحضور الجموع من النساء والرجال فإن له نصيبٌ من قول الله تعالى : " إن الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون " . 

وعلى المرء أن يحفظ حياءه وعفته وهذا للرجال والنساء على حد سواء وإن كان في اللباس يُشدد فيه على المرأة أكثر من الرجل والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " . 

ومما ينبغي أن يحرص عليه من يقتني الألبسة أن يحذر من الكلمات الشركية أو الكفرية أو التي تعني الفجور والفسق أو الرموز المحرمة شرعاً في تلك الألبسة التي يشتريها أو أحد أفراد أسرته أو أهله ونحن في زمن ووقت هاجمت فيه الثقافة الغربية تلك الألبسة ونشرت وروّجت لها الشركات المتواطئة معها أو التي لاتؤمن إلا بالمادة والربح على سبيل نشر المنكر ونبذ الأعراف والتقاليد التي أقرها المجتمع المسلم وهذبها الشرع الحنيف ، ومن المفترض أن يعتز المرء بلغته ودينه ولا يسمع للغة غربية أوشرقية أن تخترق كيانه أو كيان أسرته ، لأن من أرخص لغته صار عالة على الأمم الأخرى وانسلخ من هويته وصار تبعاً لتلك الأمة التي تأثر بلغتهم  حتى يتطور به الأمر مع الوقت بسبب تساهله فيتبعهم في عاداتهم وطبائعهم ومن ثم دينهم فاللهم أصلح شباب وبنات المسلمين واحم حوزة الدين وانصر من نصر دينك وكن عوناً لأوليائك حرباً على أعداءك يارب العالمين 



الأحد، 8 أغسطس 2021

خطبة عن تعظيم الصلاة وفتح المحلات حينها

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونتذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وفتح الله به أعيناً عُمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفا فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : يعظ الواعظون ويلحون ، وينبه الناصحون ويسعى الغيورون بكل ماأوتوا من قوّة لتنبيه الخلق وتذكيرهم بشأن ركن الدين الأعظم وعموده المتين ، كل ذلك النصح يتم بالقول الواضح المكين والدليل المبين ، وتجد كثيراً من عباد الله من يتغافل عن عظيم شأن الصلاة ومن يهمشها في حياته أو يبيع ويشتري خلال وقت الصلاة ويتشاغل عنها بأتفه الأسباب ، فيامسلم وياعبدالله من ضيع الصلاة أو تشاغل عنها وأهملها فهذا لاوزن له عند الله ولا يبالي الله به في أي وادٍ هلك وهذه حقيقة من عرفها عرف أنه في هذه الحياة مخلوقٌ لعبادة ربه ومولاه ومن لم يكن الله مولاه فالشيطان وأرباب السوء أولياءه .
هذه الصلاة - ياعباد الله - وصية الله لمن قبلنا ووصية الله لهذه الأمة ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة ) ومن لم تقم له صلاته ولم يقيمها كما أمر الله وشرعَ نبيه عليه الصلاة والسلام لم تقم له أموره وتعسّرت عليه أحواله وخسر دينه ودنياه فياصاحب التجارة وياصاحب العمل وياصاحب المؤسسة وياصاحب المحل يعدك الله بالرزق وحسن العاقبة والأفضل من ذلك مغفرة الذنب وتكفير الخطايا والسيئات إن أقمت صلاتك كما يريد ربك ، وأمرت بها من تحت ولايتك ، ومن يعمل لديك ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لانسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفاً من الليل إن الحسنات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) .
عباد الله : يهون أداء الصلاة والقيام لها والحرص عليها على من كان يخشى الله ويخافه ويتقيه ويرجو ماعند الله ويعلم أنه راجعٌ إليه ومحاسب على أعماله إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ وذلك أن الله يقول : ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين * الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ) فلابد أولاً من الحرص على كل وسيلة تزيد في خشية العبد وتزيد إيمانه وتقواه ومن لم يكن عنده خشية وخوف من الله فإنه لايبالي بضياع هذا الركن العظيم من الدين فأكمل الناس خشية وخوفاً من ربه هو أعظمهم حرصاً على الصلاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم في سكرات الموت يحرص على الصلاة مع أنه يوعك كما يُوعك رجلان أشداء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتقول عائشة رضي الله عنها كما أورد البخاري رحمه الله : " لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه ، استأذن أزواجه أن يمرّض في بيتي فأذنّ له ، فخرج تخط رجلاه في الأرض - أي من المرض بين عباس ورجل آخر - قال عبيد الله وهو من رواة الحديث : فأخبرت عبدالله - أي ابن عباس - بالذي قالت عائشة ، فقال لي عبدالله بن عباس : " هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمّ عائشة ، قال : قلت : لا ، قال : " هو علي بن أبي طالب " ، وكانت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تُحدّث أ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا دخل بيتي واشتدّ به وجعه ، قال : " هريقوا علي من سبع قِـرب لم تُحلّ أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس ، فأجلسناه في مخضب لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ثم طفقنا نصب عليه من تلك القِرب حتى طفق يشير إلينا بيده أن قد فعلتُن ، قالت ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم " فتأملوا كيف يحرص على أن يحضر إلى الصلاة مع أنه لايستطيع القيام إلا بمشقة ومساندة من الغير ومع ذلك أمرهم أن يصبوا عليه سبع قرب لم تُحل أفواههن لبرودتهن لكي يحضر الصلاة لكي وينشط للخروج للناس فأين الأصحاء الذين يضيعون هذه الصلاة من أجل تفاهة من تفاهات الدنيا أو تغافلاً وكسلاً ولا تسل عن حرص السلف الصالح في ذلك فقد سُطّر عنهم أروع الأمثلة في حرصهم العظيم على إدراك أول الوقت فضلاً عن تكبيرة الإحرام مع إتمام وضوئها وخشوعها وركوعها وسجودها وسننها ومن ذلك :
* أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رحمه الله صلى وجرحه يثعب دماً
* ماقاله وكيع بن الجراح عن الأعمش قال رحمه الله : " اختلفت إلى الأعمش قريباً من سنتين مارأيته يقضي ركعة "
* وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاة العشاء في جماعة أحيا بقيّة ليلته لاينام حتى يصبح .
* ويقول سعيد بن المسيّب رحمنا الله وإياه : " ماأذن المؤذن ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد "
* وكان ابراهيم بن ميمون المروزي صائغاً فكان إذا سمع المؤذن يؤذن بالصلاة وفي يده مطرقة وضعها وترك عمله مباشرة وذهب للصلاة .
* ومحمد بن سماعة التيمي مكث أربعين سنة لم تفته تكبيرة الإحرام إلا يوم أن ماتت أمه فصلى خمساً وعشرين صلاة يريد التضعيف .
وفي سير أعلام النبلاء للذهبي رحمه الله وإيانا أجمعين أن عامر بن عبدالله بن الزبير وهو من كبار التابعين سمع المؤذن لصلاة المغرب وكان في سكرات الموت فقال لمن حوله خذوا بيدي إلى المسجد ، فقالوا له :إنك عليل ، قال : أسمع داعي الله فلا أجيبه ؟ فأخذوا بيده ، فدخل مع الإمام في الصلاة فركع ركعة ثمّ مات رحمه الله .
والأمثلة كثيرة ياعباد الله ولو أردت أن تُحصي بعضاً منها لطال بك المقام ولكن ماالذي قرب أولئك السلف الصالح إلى الله ؟ وصار لهم محاسن تروى في التأريخ ؟ وفي المُقابل ماالذي أبعد الكثير من عباد الله عن الله وعن الحرص على الآخرة التي فيها فصل القضاء والحساب والجزاء والنعيم أو العذاب .
ماقربهم ولا أبعدهم إلا الصلاة والتي هي رأس مال المسلم عند ربه بها الفوز والنجاة أو العذاب والخسران .
ويدلل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول مايحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر " والحديث عند أبي داوود والترمذي والنسائي رحمهم الله وإيانا أجمعين .
فاللهم أيقظنا لتدارك التفريط في الصلوات وأصلح ياكريم قلوبنا وأعمالنا قبل الممات أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم من كل الخطايا والأوزار فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو العزيز الغفار .

=========== الخطبة الثانية ==========

الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم وبارك على الهادي الأمين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

فاتقوا الله -عباد الله - وخذوا على أنفسكم عهداً بالحرص على هذه الشعيرة العظيمة التي هي الحبل المتين الذي بينك وبين الله فلا تقطعه بالتهاون والكسل أو بترك الصلاة في المسجد ، فالصلاة في المسجد فرضٌ واجب فلا تُقبل صلاة من صلى في بيته إلا من عذر كمرض مقعد وخوف شديد وأما المسافر فهو من أهل الأعذار أيضاً ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عُذر " أخرجه أبوداوود وابن ماجه ، ولم يُرخّص النبي للأعمى الذي أتاه وشكى له أنه لايجد قائد يقوده إلى المسجد بل أمره أن يأتي مع أنه أعمى فكيف يكون حال المبصرين ؟ ويذكر رجلٌ ثقةٌ من أهل هذه المدينة أنه يعرف اثنين كانا آيتين في المحافظة على الصلاة قد كبُرا فعندما كانا لايستطيعان الذهاب للمسجد مشياً أصبحوا يأتون إليها زحفاً على الركب حتى توفاهما الله عز وجل ، فهل لنا في السلف قدوة وفي الصالحين من الخلف ، ومن لم يكن له واعظٌ من نفسه لن تنفعه المواعظ ولا الدروس ( إنما تُنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشرّه بمغفرةٍ وأجر كريم )
صلاة المرء عنوانُ الفلاح * وأصلٌ للسعادة والنجاحِ
فلا يُرجى لمهمـلِها نجاةٌ * ولا فرحٌ وليس بمستراح ِ
ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل عليما : " إن الله وملائكته يُصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...