الخميس، 5 مايو 2022

خطبة عن دوام العمل بعد رمضان وصيام الست من شوال

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفاً فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : إن مما ينبغي للمسلم بعد أداءه لفريضة الصيام أن يلزم الإستقامة على طريق الهداية ولا يحيد عن درب النجاة ويتعاهد إيمانه وتقواه على الدوام فهذا هو الذي يفوز ويعلو ويبشّر وينجو ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة التي كنتم تُوعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ماتشتهي أنفُسكم ولكم فيها ماتدّعون * نُزلاً من غفور رحيم ) .
والإستقامة : ليس أن تجتهد في الطاعات بقدر ماهو ترك للمنهيات فكثير من الناس يسهُل عليه فعل الطاعة ولكن يصعُب عليه ترك المعصية ، وترك المعصية أوجب وأولى لأن ترك المعصية عام في الشرع لكل معصية وإثم وأما الطاعات فيأتيها العبد المسلم على قدر طاقته ونشاطه فيكون أخص من هذا الباب وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه مااستطعتم " رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
عباد الله : هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام يعمل بها المسلم في شؤون حياته كلّها وما زلّت قدم عبد في الآخرة وما عُذّب في قبره ولا ناله العذاب والعقوبة إلا بسبب ذلك فتجد أنه ممن وفقه الله للصدقة فتجده باذلاً للمال في وجوه الخير ولكن عنده كبيرة خفيّة يفعلُها توبق نفسه وتورده الجحيم ، فياليته لم يتصدّق واجتنبها لكان أسلم له ، وتجد آخر يصوم الأيام من أيام النفل كصيام ست من شوّال والإثنين والخميس والأيام البيض ولكن ممن دخل في المعاملات الربوية ولا يبالي لهثاً وراء المال فهذا يجب عليه أن يتركَ أكل الربا وحينها ينتفع بصيامه وإلا لم يستفد من صيامه ، وهكذا على هذا النحوك من الأمثلة والخلاصة من ذلك : أن تفتّش - أخي المبارك - عن المعصية والكبيرة في حياتك إن كنت ممن ابتُلي بذلك ومن ثمّ تتجتنبُها وتُلزمُ نفسك وتتعاهَدُها لتنال الكرامة وتكفير السيئات
( إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عننكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مُدخلاً كريما ) .
عباد الله : وإن من تمام الطاعة ولزوم النهج القويم في التعامل مع النفس أن تداوم على الطاعة ولا تنقطع ، فعملٌ قليل دائم خيرٌ من كثير منقطع وحريّ بالذي يداوم على الطاعة أن يصلَ المنزل ويحوزَ الدرجة الرفيعة ، وذلك أن النفس ليست على درجة واحدة من النشاط في كل الأوقات ومن جعل عمله ديمة وشارط نفسه على ذلك أن لايترك ذلك العمل الذي اشترطه على نفسه ولو في وقت فتوره ومرضه حسب استطاعته ، كان من عباد الله السابقين ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون ) وذلك العمل فعل الأنبياء والمرسلين وذلك أن علقمة النخعي رحمه الله سأل عائشة رضي الله عنها : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختص من الأيام شيئاً - أي يجتهد فيها غير المواسم - قالت : لا ، كان عمله ديمة ، وأيكم يُطيق ماكان رسول الله يُطيق ؟ أخرجه البُخاري .
عباد الله : الإستمرار في عمل صالح حتى الممات - إخوة الإسلام - هو نهجٌ نبوي حيث كان صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته - أي داوم عليه - وكان كذلك آل محمد عليه الصلاة والسلام إذا عملوا عملاً أثبتوه وأحب الأعمال إلى الله ماداوم عليه صاحبه كما ثبت في السنة وعلى العبد أن يحرص ويسدد ويقارب ويجتهد قدر استطاعته ، فما هذه الدنيا إلا مزرعة للآخرة وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سددوا وقاربوا ، واعلموا أنه لن يُدخل أحدُكم عمله الجنة وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ " فنسأل الله أن يُعيننا جميعاً على أنفسِنا، وأن يهدينا ويوفقَنا لسبل مرضاته ، ونيل كرامته . . أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .

=========== الخطبة الثانية ===========

الحمدلله الذي منّ بفضله على الأنام وهداهم لسبل السلام والصلاة والسلام على المبرّأ من الخطايا والآثام نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليماً كثيرا أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن السلف الصالح ممن سبقنا كانوا يحرصون على الدعاء بقبول رمضان أشهراً بعد انصرام شهر الصوم ، وكانوا يهتمون لقبول العمل كثيراً ، ففي الأثر عن فضَالة بن عُبيد رضي الله عنه قال : " لأن أكون أعلم أن الله قد تقبّل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها " لأن الله يقول : ( إنما يتقبل الله من المتقين ) وقال عبدالعزيز بي أبي روّاد رحمه الله : " أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح ، فإذا فعلوه ، وقع عليهم الهم أيُقبل منهم أم لا ؟ فهم يمتثلون قول الله تعالى : ( والذين يؤتون ماءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ) . . وكان علي رضي الله عنه أنه كان ينادي آخر رمضان فيقول : " ياليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ؟ ومن هذا المحروم فنعزيه ؟ " . . ومن علامات القبول : إتباع الحسنة بالحسنة ، والعملِ الصالح بالعمل الصالح فالفريضةُ تُتبع بالنافلة والزكاة تُتبع بالصدقة وصوم رمضان يُتبع بصوم الست من شوال وفي ذلك ورد النص عن المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر " أخرجه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وعنا أجمعين ، فاحرص أخي الموفق على ذلك مادمت في وقت الصحة والإمهال ، ولو أن تصومها مفرّقة إذا كان يشق عليك سردها ، ومن صام يوم الإثنين والخميس لينال الأجرين بذلك كان له مانوى وقد أفتى بذلك كبار أهل العلم في بلادنا وغيرها . . فاللهم ارزقنا القوة والعون على مرضاتك وعلى كل عمل صالح يُرضيك عنا ووفقنا للخير حيثما كنّا . . ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...