الأحد، 4 ديسمبر 2022

خطبة عن الريح والرياح وآثارها وما ورد فيها

الحمدلله القوي القهار ، العزيز الجبار ، الذي يأتمر كل شيء بأمره طوعاً أو كرهاً وهو المحيط بالأقدار يكور النهار على الليل ويكوّر الليل على النهار ، والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحشر والقرار أما بعد :  

فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .

عباد الله : إن من جند الله تعالى ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) الرياح والريح والريح تأتي بالعذاب والعقوبة غالباً في كتاب الله كما قال الله تعالى في شأن قوم عاد : ( فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنُذيفهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا . . ) والرياح تأتي بالبشرى والخير والغيث غالباً كما قال تعالى : ( وأرسلنا الرياح لواقح فانزلنا من السماء ماءاً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ) وهذا في الأغلب وقليلاً ماتأتي الريح في النفع والخير كما قال الله تعالى في شأن سليمان عليه السلام : ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب ) .

عباد الله : أقسم الله بالذاريات وهي الرياح التي تذروا التراب ، ولا يُقسم الله إلا بعظيم وليس لأحد ٍأن يُقسم إلا بالله ، والرياح نعمة من نعم الله تعالى وفضله فهي تلقّح السحاب وتسوقه وتزجيه إلى حيث ما أمر الله فيُنزل الله بذلك الغيث للعباد وذلك قول الله تعالى :   ( والله الذي يرسل الرياح بُشراً بين يدي رحمته حتى إذا أقلّت سحاباً ثقالاً سُقناه لبلدٍ ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نُخرج الموتى لعلكم تذكّرون ) وربط بين الرياح ونزول الماء في قوله : ( وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماءاً طهوراً * لنحيي به بلدة ميتاً ونُسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيرا ) ومن نعمة الله تعالى على العباد في الرياح أنها تسوق الفلك والسفن الجارية ولولا ذلك لسكنت تلك السفن فمن يُخرجها من أوساط البحار والمحيطات فذلك قول الله تعالى: ( ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام * إن يشأ يُسكن الريح فيضللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) وإذا هاجت الريح في تلك البحار جعلت أمواج البحار كالجبال كما وصف الله سفينة نوح ( وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال ) وصارت رُعباً وعذاباً لمن حقّ عليه القول ، وكم من سفن عظيمة رست في قعر البحار بسبب الرياح التي تُهيّج البحر فينتضح على العصاة وذلك تخويف الله وترهيبه في قوله : ( أم أمنتم أن يُعيدكم فيه تارةً أخرى فيُرسل عليكم قاصفاً من الريح فيُغرقكم بما كفرتم ثم لاتجدوا لكم علينا به تبيعاً ) . 

عباد الله : الريح الباردة الشديدة سمّاها الله في كتابه صرصرا كما هو حال الريح التي أرسلت على قوم عاد ، وإذا كان معها بَرَد شديد صارت ريحاً فيها صر ، كما أخبر الله تعالى عن مال الكفار الذي ينفقونه في الدنيا رجاء ثواب الله - فيما يعتقدون - فقال تعالى : ( مثلُ ماينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )  . 

والصبا والدبور نوعان من أنواع الريح ، فالصبا ريحٌ شرقية نصر بها يوم الأحزاب نبيُنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك قول الله تعالى في سورة الأحزاب : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجُنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً ) والدَبُور ريحٌ غربية أهلكت بها عاد ففي الحديث المتفق عليه عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نُصرت بالصبا وأهلكت عادٌ بالدبور " . 

ومن صور العذاب بالريح في حياتنا المعاصرة حادثة تسونامي التي وقعت في العام خمسٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة وضربت دولاً من جنوب شرق آسيا وكذلك إعصار كاترينا الذي وقع بعد تسونامي بعام وضرب أمريكا وخلف أضراراً كبير في الأرواح والممتلكات وتسبب كلاً منهما في قتل الآلاف من البشر وما هذه الكوارث التي تكون بتقدير الله إلا بما كسبت أيدي الناس ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليُذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) 

عباد الله : الهواء نعمة عظيمة وتحرّكه نعمة أكبر ، فلو سكن لتضرر الإنسان والحيوان ولهاجت كثير من الروائح السيئة ولما طُردت السموم والأمراض من الأرض عن ابن آدم وعن الكائنات الحيّة يقول كعب الأحبار رحمه الله تعالى : " لو حُبست الريح عن الناس ثلاثاً لأنتن مابين السماء والأرض "  ،  مع العلم أن الهواء النقي  يساعد في تحسين معدلات الصحة لدى الإنسان ويحمي الرئتين من العاهات الصحية ويساعد على الإسترخاء الذي يُذهب التوتر والقلق لدى البعض وللهواء فوائد كثيرة لامجال لذكرها وهو من فضل الله تعالى ونعمه التي لاتُعدّ ولا تُحصى . 

عباد الله : الريح من خلق الله وتقديره ويتضجر من هبُوبها كثير من الناس ولا يحل لابن آدم أن يسب الريح ولو تضرر منها  لأنها مأمورة لاتدبير لها ولا تصرّف إلا بإذن خالقها ومُرسلها سبحانه وفي الحديث الصحيح : " لاتسبوا الريح فإنها مأمورة " أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرهم  ، فاللهم اهدنا للرضا بعد القضاء وأعذنا من شرّ الأعداء وجهد البلاء ودرك الشقاء ياسميع الدعاء ياواسع العطاء أقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم . 

============= الخطبة الثانية ==============

 الحمدلله الذي خلق كل شيءٍ فقدّره تقديراً ، والصلاة والسلام على من أرسله الله للثقلين الجن والإنس بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليماً كثيرا ، أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن من مما أرشد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عند هبوب الريح الدعاءُ بما ورد ففي حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم أنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها ، وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرّها وشرّ مافيها ، وشرّ ما أرسلت به " وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح قال : " اللهم لقَحَاً لاعقيماً " رواه البخاري في الأدب المفرد والطبراني وابن حبان وصححه الألباني  ومعنى لقَحَاً : أي تُلقح السحاب  ، وأما حديث : " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " فهو حديث ضعفه كثير من أهل العلم . 

ومن فوائد هذه الأدعية أن الله يصرف الشرّ عن قائلها بإذنه سبحانه ويعصمه من شرور الحوادث فأشبه قول هذه الأدعيه الوردَ اليومي الذي يقال في الصباح والمساء والذي يُعطي قائله حصانة من مردة الجن والشياطين وشياطين الإنس وكل ذلك أسباب لحفظ الله للعبد من كل مايحذر . 

وما تأتي المضرّة لابن آدم من الريح وغيرها إلا من قلة اعتصام العبد بربه وعدم فعل الأسباب أو معصية الله ورسوله وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين رجوعه عليه الصلاة والسلام من غزوة تبوك أنه قال لأصحابه : " ستهب عليكم الليلة ريحٌ شديدة ، فلا يقُم فيها أحدٌ منكم ، فمن كان له بعير فليشّد عقاله "  فهبت ريحٌ شديدة ، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء . . فانظروا كيف التهاون بعصيان المصطفى والذي هو من عصيان الله تعالى وكيف كان مصير الرجل  وكيف حملت هذه الريح المأمورة هذا الرجل لتقطع به مئات الكيلو مترات ، بسبب تهاونه وعصيانه لله المقدر وللرسول الذي لاينطق عن الهوى ، ثم صلوا وسلموا على رسوله فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . . 


الخميس، 1 ديسمبر 2022

خطبة عن دفع الله الناس بعضهم ببعض وعن الحركات الإصلاحية

  إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفاً فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) . 

عباد الله : إن من سنة الله تعالى التي لاتتبدل ولا تتغير على مرّ الزمان هو دفع الناس بعضهم ببعض وذلك الكافر بالمسلم ويُدفع الكافر المعتدي بكافرٍ مثله ب وحتى يُدفع مسلمٌ معتدٍ بمسلم مثله ، وذلك لكفّ العدوان ولحصول الأمن في البلدان ولعدم فساد الأرض وذلك قول الله تعالى في سورة البقرة : ( ولو دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضلٍ على العالمين ) وقال في موضعٍ آخر في سورة الحج : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلواتٌ ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) والصوامع هي صوامع الرهبان والبيع هي كنائس النصارى واختلفوا في الصلوات فقيل أنها كنائس اليهود وهو أقرب وقيل أنه عنى بذلك مساجد لأهل الكتاب وللمسلمين بالطرق ولكن الصلوات هي كنائس اليهود لأنهم يسمون الكنيسة " صلوتا " بالعبرية وهو الذي رجحه ابن جرير الطبري رحمه الله وإيانا أجمعين . 

عباد الله : قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية السابقة بعد استعراض جملة من أقوال المفسرين : " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال إن الله تعالى ذكره ، أخبر أنه لولا دفاعه الناس بعضهم ببعض ، وكفّه المشركين بالمسلمين عن ذلك : ومنه كفّه ببعضهم التظالمَ ، كالسلطان الذي كفّ به رعيته عن التظالم بينهم ، ومنه كفّه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم لمن قِبَله حق ونحو ذلك ، وكل ذلك دفعٌ منه الناس بعضهم عن بعض ، ولولا ذلك لتظالموا ، فهدم القاهرون صوامع المقهورين وبيعهم وما سمّى جلّ ثناؤه ، ولم يضع الله تعالى دلالة في عقل على أنه عنى من ذلك بعضاً دون بعض - أي من تلك المعاني التي ذكر - ولا جاء بأن ذلك كذلك خبر يجب التسليم له ، فذلك على الظاهر والعموم على ماقد بيّنته قبل ، لعموم ظاهر ذلك جميع ماذكرنا " انتهى كلامه وفيه دلالة واضحة على أنه يشمل غالباً كلَّ اعتداء من طرف أو فرد على آخر فإن الله يدفعه ويدفع الشر والفساد في الأرض ببعض عباده من المسلمين والكفار ولا يستطيع الكاتب أو المؤرخ إحصاء كلَّ مايكون من دفع الله الناس بعضهم ببعض ، ولكن لعلنا أن نشير لبعض ذلك من خلال السيرة النبوية ، وما ورد بعدها من أحداث على عُجالة إلى يومنا هذا ، وإن أعظم شرّ دفعه الله عن الناس هو الشرك الذي ظهر قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو من إفساد الناس وكان زعيم ذلك عمرو بن لحي الخزاعي الذي جلب الأصنام للجزيرة العربية ، وقد كانت خالية من الشرك ودعا الناس لها ، فاستحسنوا ذلك وسار داء الشرك إلى القبائل وبقي من عامّة القبائل من هو متمسكٌ بدين إسماعيل ، وهو الحنيفية السمحة على دين أبيه ابراهيم ، ومن ثمَّ قيض الله لهذا الفساد نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فقضى على أرباب الشرك وخلّص العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد ، ولمّا ارتد من ارتد العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم قيّض الله لذلك أبا بكر الصديق فحارب المرتدين ورد من تاب منهم لصراط رب العالمين ، ولمّا ظهرت فتنة الخوارج قيّض الله لها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فردّهم إلى مذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقُتل من قُتل منهم كفاية للمسلمين من شرّه وكانت هناك فتن في الدولة الأموية  ومنها فتنة ابن الأشعث الذي خرج على والي العراق للدولة الأموية فصدّ الله فتنته وأخمدها  وأما ماكان من مقتل الحسين بن علي وابن الزبير رضي الله عنهم أجمعين فهذه حادثة في أصلها أريد بها الإصلاح ، وليس الخروج فيها للإفساد  ، وفي عصر الدولة العباسية تصدّى هارونُ الرشيد لفتنة البرامكة والتي أرادت أن تتسلل للحكم وتنازع الخليفة العباسي ، وفي القرن الخامس قويت شوكة الدولة البويهية الرافضية والتي انشقت عن الدولة العباسية وأفسدت في الأرض حتى سيطروا على بغداد في العراق فقيّض الله لها الدولة السلجوقية التركية فأسقطتها وقضت عليها ولله الحمد ، وفي نفس القرن لما غزا الصليبيون بيت المقدس وماحولها سلّط الله عليهم الدولة الأيوبية بقيادة صلاح الدين الأيوبي فطهرت بيت المقدس من رجسهم ،  ولما غزا التتار بلاد المسلمين وفعلوا الأفاعيل وأكثروا في الأرض الفساد سلّط الله عليهم الدولة المملوكية بقيادة مظفر الدين قطز والظاهر بيبرس وكان في ذلك الجيش شيخ الإسلام ابن تيمية الذي حث الناس على قتال الأعداء وأقسم لهم بأن يُنصروا وأقسم على الله - كما ورد بعض المؤرخين - أن ينصرَ المسلمين فأبرّ الله قسمه في معركة عين جالوت ، ولمّا ظهرت الدولة الصفوية الرافضية في القرن العاشر الهجري تُشيّع وتُفسد في البلاد بقوة السلاح قيض الله لها الدولة العثمانية فقضت عليها ولله الحمد ،  ولما تسلّط الإستعمار على بلدان المسلمين ونثر سمومه وأزهق الكثير من دماء الأبرياء ظهرت حركات جهادية تقاومه وتقضي عليه فظهر ضد الإستعمار الفرنسي بلقاسم النَكَادي أو ( أبو القاسم البوزكاوي ) في المغرب  ، وفي الجزائر عبدالقادر بن محيي الدين الجزائري ، وفي تونس محمد الدغباجي ، وفي ليبيا عمر المختار الهلالي ضد الإستعمار الإيطالي وفي مصر ظهر ثوّار كثُر ومناضلون ضد الإستعمار الإنجليزي ، وظهر في الشام سلطان الأطرش ضد الإستعمار الفرنسي وغيرهم كثير رحمهم الله جميعاً ، ولما كان الشرك أعظم فساد ظهر في هذه البلاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب مناضلاً ضد الشرك بدعمٍ من قائد الدولة السعودية الأولى محمد بن سعود رحمهم الله جميعاً فقضوا على مظاهر الشرك وأرسوا الأمن في البلاد وقد سارت هذه الدولة على ذلك النهج ولله الحمد ، وظهرت حركات إصلاحية سلفية في الكثير من بلدان المسلمين يطول المقام بذكرها ، فاللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان ووحد صفوفهم واجمع كلمتهم على الحق والدين واحقن دمائهم في كل مكان وألف بين قلوبهم واهدهم سبُل السلام وجنبهم الفتن والشرور ياعزيز ياغفور ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم  . 

============ الخطبة الثانية ============

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأكمل التسليم أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - وكونوا مع الصادقين واعلموا أنه لاتزال هذه الأمة تقدّم صفحاتٍ مشرقة ونماذج يكونون للناس قدوة وأسوة في الإصلاح ، ومحاربة الفساد وردّ الناس لحياض السنّة ومجاهدة أعداء الدين ، بالقول والنفس ، وفي سنن ابن ماجه وصحيح ابن حبّان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لايزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته " وفي الحديث الآخر في سنن أبي داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدّدُ لها دينها " ومن فضل الله تعالى أن " من " هنا اسم موصول يُفيد الإطلاق فيشمل الفرد أو الجماعة من الناس كما فسره الكثير من العلماء بذلك ، وهذا يُشجع ويقوي عزيمة الفرد المسلم  ويستحث خُطاه لفعل الخير والإجتهاد في نشر الإسلام وتعليمه وإحياء السنن ورفع الجهل الذي استشرى في كل مكان ونبذ الخرافة والبدعة ونحو ذلك ، فليكن لكل فرد منّا دورٌ في عملية الإصلاح والبناء ومحاربة الفساد ونشر هذا الدين واستغلال الأعمار بما يُقرّب للواحد القهار جل جلالُه وعمّ الناس نواله ، ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل عليماً : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) . 

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...