إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن محمدا ًعبده ورسوله أرسله إلى الأنام فأبان به دعائم الإسلام بجوامع الكلام عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه وأتياعه وحزبه إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله وأنيبوا إليه واستغفروه وتوبوا إليه واشكروه واجتنبوا حرماته ممّا بين في محكم آياته واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : الأشهر الحُرُم هي أشهرٌ حرّم الله فيها البداءة بالقتال وغلّظ سبحانه المعصية فيها وحثّ سبحانه على عدم ظلم النفس فيها وذلك إما بالشرك أو المعصية أو نشر الضرر وإلحاق الأذى والتعدي بوجه عام وهذا التحريم قديمٌ قدم الزمان فقد قال ربنا جل جلاله في سورة التوبة : ( إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرضَ منها أربعة ٌحرم ذلك الدين القيّم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافّة كما يقالتلونكم كافّة واعلموا أن الله مع المتقين ) .
وكل هذا يدلّل أن شريعة الأنبياء منذ أن خلق الله آدم شريعة ٌ متشابهة متقاربة إن لم تكن واحدة ، فالدين واضحٌ وجليّ ليس به لبسٌ ولا خفاء ، يهتدي إليه أصحاب الفِطَر السليمة والقلوب الصافية النقيّة بلا عناء .
عباد الله : إن تحريم هذه الأشهر أخذ به الأنبياء قبل محمدٍ عليه الصلاة والسلام وهذا يدلل أن تأريخ الأشهر القمرية هو المعتمد لكل نبي سبقنا وذلك لكون الله تعالى حرّم الأربعة أشهرٍ القمرية لاالشمسية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ورجب مضر ولو ماعرفها الأنبياء قبلنا لكان ذلك أوقعهم بالقتال فيها فهل نتأمل ذلك ولكن قد تختلف التسمية للشهر وأما ذات الشهرِ فلا يتغيّر .
عبادالله قد ذمّ الله المشركين الذين يحتالون على الناس ويُخادعون الله - وهو خادعهم - وذلك بأن يؤخرون حرمة الأشهر أو بعضها إلى الشهر الذي بعده وأخير سبحانه بأن ذلك كفرٌ على كفر وظلمٌ على ظلم ، وتعدي وضلال ، فكانوا إذا دخل المحرّم استحلوه وحرّموا الشهر الذي بعده وهو صفر عاما ً وفي عام آخر يحرّمون المحرم ويحلّون صفر وهكذا فقال الله عز وجل فيهم : (( إنما النسيء زيادةٌ في الكفر يُضلّ به الذين كفروا يُحلّونه عاماً ويُحرّمونه عاماً ليواطئوا عدّة ماحرم الله فيُحلّوا ماحرم الله زُيّن لهم سوء أعمالهم والله لايهدي القوم الكافرين )) وهذا من التحايل لارتكاب المعصية وذلك أقبح وأغلظ في العقوبة من إتيان المعصية على وجهها ، وذلك من شأن اليهود ومن أطباعهم التحايل ومخادعة الله جلّ سبحانه فيما يحرّم عليهم كما فعلوا في يوم السبت وفي شحوم الميتة ففي يوم السبت حرّم الله عليهم صيد السمك فنصبوا الشباك يوم الجمعة وأخذوها يوم الأحد وفي شحوم الميتة عندما حرّم الله عليهم تلك الشحوم أذابوها ثمّ باعوها فأكلوا ثمنها فاستحقوا سخط الله وعقوبته ونقمته نسأل الله العافية .
عباد الله : من الحكم التي حرّم الله من أجلها هذه الأشهر أمان الطريق للحج والعمرة وأمان الهدي والقوافل والحاجِّ عامّة والإبل المقلّدة التي ستذبح في الحرم وكان من عادة بعض العرب في الجاهلية قطع الطريق وترويع الحجاج وأخذ زادهم ومتاعهم وتركهم يموتون جوعاً وعطشاً في تلك الصحاري فمن رحمة الله تعالى أن حرّم الله القتال والعدوان في هذه الأشهر وشدّد فيها الإثم وغلّظ فيها المعصية وخصوصاً عندما تكون تلك المعصية تتعلّق بحقوق العباد ، فالحذر ثمّ الحذر من حقوق الغير واقدُم على ربّك ياعبدالله ولا أحدٌ من عباده يطلبك بمظلمة أو حقّ ٍ أياً كان نوعه .
وتأمل في قول الله تعالى : (( ياأيها الذين آمنوا لاتُحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد لا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنّكم شنئان قوم ـ أي بغض قوم ٍـ أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ))
معشر المسلمين : إن الحج شعيرة ظاهرةٌ وركنٌ من أركان الإسلام وواجب على المستطيع مالم يقُم عذرٌ أو يحول خطرٌ يعرّض فيه الإنسان نفسه للموت - كما في هذه الأيام - فإن الله سيعذره ولو قُدّر أن توفّاه الله قبل أداء هذه الفريضة فالله أرحم بعباده من أن يحاسبهم عن الحج في أيام الوباء والمرض ، ومن عادة الحليم الإمهال والعبرة في التفريط في أيامٍ ماضية وليس هذا العام وذلك لأن الحج في هذه السنة أعدادٌ محدودة والأحكام التي تجري على العبد في الظروف والأزمات ليست مثل الأحكام التي تجري عليه في الظروف الإعتيادية . . فاللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك وعوّضنا بالصالحات في مستقبَل الأوقات وعاملنا بلطفك ياجواد ياكريم . . أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه يغفر لكم إنه غفور حليم .
======== الخطبة الثانية =========
الحمدلله المحمود بكل لسان ذو الفضل والإمتنان والصلاة والسلام على عبده الذي أنزل عليه الفرقان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أما بعد :
عباد الله لو علم العبد مايبلُغ بالنيّة لحرص على إحضارها في كل وقتٍ وحين فمن لم يتمكن على سبيل المثال من الحج في هذه السنة للأسباب المذكورة آنفاً وكان لديه النيةَ الجازمة التي لايصحبها في الرغبة بالحج لكُتب له الأجر الوفير بإذن العلي القدير وذلك لما ورد في صحيح مسلم بن الحجاج من حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه قال : " كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال : " إن بالمدينة لرجالاً ماسرتم مسيراً ولا قطعتُم وادياً إلا كانوا معكم ، حبسهم المرض " وفي رواية العذر " وفي رواية أخرى رواها وكيع رحمه الله : " إلا شركوكم في الأجر " وكانت تلك الغَزاة غزوة تبوك فالشاهد من قوله : " إلا شركوكم في الأجر " أن الإنسان يبلغ بنيته أجر الغازي أو الحاج بشرط أن تكون نيّته صادقةٌ جازمة لايطرأ لها الشك وذلك من فضل الله على عباده .
والقاعدة عند أهل العلم : " كم من عملٍ صغير كبرته النيّة ، وكم من عملٍ كبيرٍ صغرته النية " فالحمد لله على فضله وإحسانه وجوده وعطائه ، فاللهم ضاعف لنا الأجور وآمنا يوم البعث والنشور ياعزيز ياغفور ، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله فقد قال عزّ من قائلٍ عليما : ( إن الله وملائكته يُصلّون على النبي ، ياأيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما ) .
فاتقوا الله عباد الله وأنيبوا إليه واستغفروه وتوبوا إليه واشكروه واجتنبوا حرماته ممّا بين في محكم آياته واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : الأشهر الحُرُم هي أشهرٌ حرّم الله فيها البداءة بالقتال وغلّظ سبحانه المعصية فيها وحثّ سبحانه على عدم ظلم النفس فيها وذلك إما بالشرك أو المعصية أو نشر الضرر وإلحاق الأذى والتعدي بوجه عام وهذا التحريم قديمٌ قدم الزمان فقد قال ربنا جل جلاله في سورة التوبة : ( إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرضَ منها أربعة ٌحرم ذلك الدين القيّم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافّة كما يقالتلونكم كافّة واعلموا أن الله مع المتقين ) .
وكل هذا يدلّل أن شريعة الأنبياء منذ أن خلق الله آدم شريعة ٌ متشابهة متقاربة إن لم تكن واحدة ، فالدين واضحٌ وجليّ ليس به لبسٌ ولا خفاء ، يهتدي إليه أصحاب الفِطَر السليمة والقلوب الصافية النقيّة بلا عناء .
عباد الله : إن تحريم هذه الأشهر أخذ به الأنبياء قبل محمدٍ عليه الصلاة والسلام وهذا يدلل أن تأريخ الأشهر القمرية هو المعتمد لكل نبي سبقنا وذلك لكون الله تعالى حرّم الأربعة أشهرٍ القمرية لاالشمسية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ورجب مضر ولو ماعرفها الأنبياء قبلنا لكان ذلك أوقعهم بالقتال فيها فهل نتأمل ذلك ولكن قد تختلف التسمية للشهر وأما ذات الشهرِ فلا يتغيّر .
عبادالله قد ذمّ الله المشركين الذين يحتالون على الناس ويُخادعون الله - وهو خادعهم - وذلك بأن يؤخرون حرمة الأشهر أو بعضها إلى الشهر الذي بعده وأخير سبحانه بأن ذلك كفرٌ على كفر وظلمٌ على ظلم ، وتعدي وضلال ، فكانوا إذا دخل المحرّم استحلوه وحرّموا الشهر الذي بعده وهو صفر عاما ً وفي عام آخر يحرّمون المحرم ويحلّون صفر وهكذا فقال الله عز وجل فيهم : (( إنما النسيء زيادةٌ في الكفر يُضلّ به الذين كفروا يُحلّونه عاماً ويُحرّمونه عاماً ليواطئوا عدّة ماحرم الله فيُحلّوا ماحرم الله زُيّن لهم سوء أعمالهم والله لايهدي القوم الكافرين )) وهذا من التحايل لارتكاب المعصية وذلك أقبح وأغلظ في العقوبة من إتيان المعصية على وجهها ، وذلك من شأن اليهود ومن أطباعهم التحايل ومخادعة الله جلّ سبحانه فيما يحرّم عليهم كما فعلوا في يوم السبت وفي شحوم الميتة ففي يوم السبت حرّم الله عليهم صيد السمك فنصبوا الشباك يوم الجمعة وأخذوها يوم الأحد وفي شحوم الميتة عندما حرّم الله عليهم تلك الشحوم أذابوها ثمّ باعوها فأكلوا ثمنها فاستحقوا سخط الله وعقوبته ونقمته نسأل الله العافية .
عباد الله : من الحكم التي حرّم الله من أجلها هذه الأشهر أمان الطريق للحج والعمرة وأمان الهدي والقوافل والحاجِّ عامّة والإبل المقلّدة التي ستذبح في الحرم وكان من عادة بعض العرب في الجاهلية قطع الطريق وترويع الحجاج وأخذ زادهم ومتاعهم وتركهم يموتون جوعاً وعطشاً في تلك الصحاري فمن رحمة الله تعالى أن حرّم الله القتال والعدوان في هذه الأشهر وشدّد فيها الإثم وغلّظ فيها المعصية وخصوصاً عندما تكون تلك المعصية تتعلّق بحقوق العباد ، فالحذر ثمّ الحذر من حقوق الغير واقدُم على ربّك ياعبدالله ولا أحدٌ من عباده يطلبك بمظلمة أو حقّ ٍ أياً كان نوعه .
وتأمل في قول الله تعالى : (( ياأيها الذين آمنوا لاتُحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد لا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنّكم شنئان قوم ـ أي بغض قوم ٍـ أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ))
معشر المسلمين : إن الحج شعيرة ظاهرةٌ وركنٌ من أركان الإسلام وواجب على المستطيع مالم يقُم عذرٌ أو يحول خطرٌ يعرّض فيه الإنسان نفسه للموت - كما في هذه الأيام - فإن الله سيعذره ولو قُدّر أن توفّاه الله قبل أداء هذه الفريضة فالله أرحم بعباده من أن يحاسبهم عن الحج في أيام الوباء والمرض ، ومن عادة الحليم الإمهال والعبرة في التفريط في أيامٍ ماضية وليس هذا العام وذلك لأن الحج في هذه السنة أعدادٌ محدودة والأحكام التي تجري على العبد في الظروف والأزمات ليست مثل الأحكام التي تجري عليه في الظروف الإعتيادية . . فاللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك وعوّضنا بالصالحات في مستقبَل الأوقات وعاملنا بلطفك ياجواد ياكريم . . أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه يغفر لكم إنه غفور حليم .
======== الخطبة الثانية =========
الحمدلله المحمود بكل لسان ذو الفضل والإمتنان والصلاة والسلام على عبده الذي أنزل عليه الفرقان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أما بعد :
عباد الله لو علم العبد مايبلُغ بالنيّة لحرص على إحضارها في كل وقتٍ وحين فمن لم يتمكن على سبيل المثال من الحج في هذه السنة للأسباب المذكورة آنفاً وكان لديه النيةَ الجازمة التي لايصحبها في الرغبة بالحج لكُتب له الأجر الوفير بإذن العلي القدير وذلك لما ورد في صحيح مسلم بن الحجاج من حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه قال : " كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال : " إن بالمدينة لرجالاً ماسرتم مسيراً ولا قطعتُم وادياً إلا كانوا معكم ، حبسهم المرض " وفي رواية العذر " وفي رواية أخرى رواها وكيع رحمه الله : " إلا شركوكم في الأجر " وكانت تلك الغَزاة غزوة تبوك فالشاهد من قوله : " إلا شركوكم في الأجر " أن الإنسان يبلغ بنيته أجر الغازي أو الحاج بشرط أن تكون نيّته صادقةٌ جازمة لايطرأ لها الشك وذلك من فضل الله على عباده .
والقاعدة عند أهل العلم : " كم من عملٍ صغير كبرته النيّة ، وكم من عملٍ كبيرٍ صغرته النية " فالحمد لله على فضله وإحسانه وجوده وعطائه ، فاللهم ضاعف لنا الأجور وآمنا يوم البعث والنشور ياعزيز ياغفور ، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله فقد قال عزّ من قائلٍ عليما : ( إن الله وملائكته يُصلّون على النبي ، ياأيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما ) .