إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله فتح الله به أعيناً وآذاناً صمّاً وقلوباً غلفا ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه إلى يوم الدين وسلّم تسليماً كثيراً . . أما بعد :
فاتقوا الله - معشر المصلين - وكونوا من عباد الله المخبتين الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ماأصابهم ومما رزقناهم ينفقون .
عباد الله خصلة حميدة وصفة مجيدة من أعظم خصال الدين ومن أنبل صفات المؤمنين وهي صفة من أكرم أواصر الأخلاق منالُها بعيدٌ على أهل النفاق ، قريبة ٌ من عباد الله المتقين ومن حزبه المفلحين ، من نال مراتبها ارتفع ، ومن هجرها وُضع ، هي صفة مكتسبة بالتعلّم والتعليم والتربية والتوجيه والإرشاد إلى سلوك خير السبيل ، مع اصطحاب الخوف من الجليل ، مبدؤها التوقير والإحترام ومراعاة الأنام ، مع ضبط الكلام والبعد عن المشين من القول والعمل ، ومكنونها سلامة الفؤاد من الأحقاد والضعائن والبعد عن كل قبيح شائن ، لعلكم أدركتم مضمونها وعرفتم كنهها ألا وهي صفة ( الحياء ) .
دلّ عليها خير الورى صلى الله عليه وسلم وتحلّى بها وكان أشد حياءاً من العذراء في خدرها وقال عنها :
( الحياء لايأتي إلا بخير ) متفق عليه وفي رواية لمسلم : " الحياء خير كلّه " ورواية أخرى " الحياء كلّه خير " ، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل دين خلقاً ، وخلق الإسلام الحياء ) رواه ابن ماجة والطبراني وصححه الألباني ، وأوصى صلى الله عليه وسلم سعيد بن يزيد عندما طلب الوصية فقال له عليه الصلاة والسلام " ( أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح ) رواه الإمام أحمد في المسند والبيهقي في شُعب الإيمان .
وفي صحيح البخاري رحمه الله وإيانا ، أن ابن عباس رضي الله عنه سئل عن قول الله تعالى : (( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم مايُسرون وما يعلنون إنه عليمٌ بذات الصدور )) فقال : " أناسٌ كانوا إذا أرادوا أن يتخلّوا - أي يذهبوا إلى الخلاء لقضاء حاجتهم - فيفضوا إلى السماء ، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء "
عباد الله : لقد كان الرعيل الأول أكثر حياءاً ومروءة من أفراد عصرنا هذا فكانت أخلاقهم سائدة في الكثير من المواقف ، بل كان حتى المشركين من الأوائل يخافون على سمعتهم ومروءتهم ونبلهم من الدنس والتلويث وخير شاهدٍ في ذلك قصة أبي سفيان رضي الله عنه قبل أن يُسلم فعندما سأله هرقل ملك الروم آنذاك عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم وقرّب أصحابه وقال لهم : " إني سائلٌ هذا - أي أبا سفيان - عن هذا الرجل - أي النبي ُصلى الله عليه وسلم فإن كذَبَني فكذّبوه ، فقال أبو سفيان " فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ كذباً لكذبت عليه " فانظر لمن لم يدخل الإسلام والإيمان في قلبه بعد ، فكيف يكون من دخل الإسلام والإيمان في قلبه فلاشك في أنه سيكون أكثرَ حياءاً وأرفع أخلاقاً وأنبل سلوكاً .
عبادالله : الأمة بحاجة للحياء في هذا الزمان أكثرَ من أي وقتٍ مضى وذلك بسبب تكاثر أدوات الهدم التي تهدم الحياء وتقوّضه من وقتٍ مبكر ، فتنشأ - أعاذنا الله وإياكم - في هذا العصر مقوّضات الحياء من طفولة الإنسان المبكرة ، فيعيش مرحلة إنفلاتية ، ويتدرّج في أخطاءٍ سلوكية لايفعلها من كان في سِنّه في ما مضى ، وغفلة الآباء والأمهات عن التوجيه تؤجج مثل هذه الأخطاء فتزداد في الأبناء والبنات فيكونون أبعد الناس عن الحياء في سلوكهم وعلاقاتهم وتعاملهم مع الناس فكيف حالهم مع الله ، فلابد أن يُربّى الأبناء والبنات تربية تقيم سلوكَهم على الحياء من الله أولاً ومن الناس ثانياً ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه : " من لم يستحيي من الناس لايستحيي من الله " وذلك أن الحياء من الناس تجعل المعصية في طيّ الستر عند العبد لايطلع عليها إلا هو ، ومن ثمّ يدخل في العفو المراد نيلُه من الله فقد عُفي لأمة محمد إلا المجاهرين منهم كما أخبر المصطفى عليه السلام . . فاللهم ارزقنا الحياء منك والإنابة إليك وأهلينا وذرارينا ياسميع الدعاء واهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال ياواسع العطاء . . بارك الله لي ولكم في القرآن والسنّة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين إنه هو كريمٌ جوادٌ متين
======== الخطبة الثانية ========
الحمدلله الذي قسم بين عباده أخلاقهم كما قسم أرزاقهم والصلاة والسلام على خير عباده وأزكاهم وأنبلهم خُلقاً وأسماهم نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاهم أما بعد :
عباد الله : إن هناك أعمالٌ تميت الحياء وتخدشه ينبغي لكل فردٍ منّا مسؤولاً أو كان غير مسؤول أن يتنبّه لها ومنها :
- المجاهرةُ بالمعصية فإن المجاهرة بالمعصية يتجاوزُ مسألة الحياء وكأن المجاهر يتحدى ربّه ومجتمعه وهو معرّض لمكر الله أكثر من غيره .
- ومنها صحبة الفسّاق وأصدقاء السوء حتى لو كانوا كبارَ سنّ فإن الصاحب السيء - أعاذنا الله وإياكم - يجرّئ على الحرمات والإنسانُ بطبعه يميل للتقليد ويتأثر حتى لو كان راشداً وذلك لايأتي إلا من كثرة المخالطة .
- ومنها البعد عن كل مظهر من مظاهر الريبة والفتنة فإن ذلك يفسد الخلق ويرفعُ الحياء
- ومنها : إجتناب كل مايخدش الحياء من الأعمال والأقوال فبعض الفضوليين هداهم الله إذا جلس في مجلس ما أخذ بقبيح الألفاظ فدنّس بها أسماع الحاضرين وأمرض بها قلوب الناشئة
- ومنها أيضاً : تجنّب الألبسة التي يستقبحها الشرع والفطرة للرجال والنساء وقد ظهرت مثل هذه الألبسة في زمننا هذا كثيراً وظهر ذلك خاصة في فئات الشباب من يلبس لباساً يبين العورة ويمشي مفتخراً بذلك أمام الناس في المضامير والطرق فبالله عليك يامن تصنع ذلك أين الحياء من الله ؟ وأين الحياء من الناس بالدرجة الثانية ؟ وأين الحفاظ على السمعة والكرامة والمروءة والشهامة
يعيش المرء مااستحيا بخير * ويبقى العود مابقي اللحاء
فلا والله مافي العيش خيرٌ * ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
. . .
فاتقوا الله - معشر المصلين - وكونوا من عباد الله المخبتين الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ماأصابهم ومما رزقناهم ينفقون .
عباد الله خصلة حميدة وصفة مجيدة من أعظم خصال الدين ومن أنبل صفات المؤمنين وهي صفة من أكرم أواصر الأخلاق منالُها بعيدٌ على أهل النفاق ، قريبة ٌ من عباد الله المتقين ومن حزبه المفلحين ، من نال مراتبها ارتفع ، ومن هجرها وُضع ، هي صفة مكتسبة بالتعلّم والتعليم والتربية والتوجيه والإرشاد إلى سلوك خير السبيل ، مع اصطحاب الخوف من الجليل ، مبدؤها التوقير والإحترام ومراعاة الأنام ، مع ضبط الكلام والبعد عن المشين من القول والعمل ، ومكنونها سلامة الفؤاد من الأحقاد والضعائن والبعد عن كل قبيح شائن ، لعلكم أدركتم مضمونها وعرفتم كنهها ألا وهي صفة ( الحياء ) .
دلّ عليها خير الورى صلى الله عليه وسلم وتحلّى بها وكان أشد حياءاً من العذراء في خدرها وقال عنها :
( الحياء لايأتي إلا بخير ) متفق عليه وفي رواية لمسلم : " الحياء خير كلّه " ورواية أخرى " الحياء كلّه خير " ، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل دين خلقاً ، وخلق الإسلام الحياء ) رواه ابن ماجة والطبراني وصححه الألباني ، وأوصى صلى الله عليه وسلم سعيد بن يزيد عندما طلب الوصية فقال له عليه الصلاة والسلام " ( أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح ) رواه الإمام أحمد في المسند والبيهقي في شُعب الإيمان .
وفي صحيح البخاري رحمه الله وإيانا ، أن ابن عباس رضي الله عنه سئل عن قول الله تعالى : (( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم مايُسرون وما يعلنون إنه عليمٌ بذات الصدور )) فقال : " أناسٌ كانوا إذا أرادوا أن يتخلّوا - أي يذهبوا إلى الخلاء لقضاء حاجتهم - فيفضوا إلى السماء ، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء "
عباد الله : لقد كان الرعيل الأول أكثر حياءاً ومروءة من أفراد عصرنا هذا فكانت أخلاقهم سائدة في الكثير من المواقف ، بل كان حتى المشركين من الأوائل يخافون على سمعتهم ومروءتهم ونبلهم من الدنس والتلويث وخير شاهدٍ في ذلك قصة أبي سفيان رضي الله عنه قبل أن يُسلم فعندما سأله هرقل ملك الروم آنذاك عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم وقرّب أصحابه وقال لهم : " إني سائلٌ هذا - أي أبا سفيان - عن هذا الرجل - أي النبي ُصلى الله عليه وسلم فإن كذَبَني فكذّبوه ، فقال أبو سفيان " فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ كذباً لكذبت عليه " فانظر لمن لم يدخل الإسلام والإيمان في قلبه بعد ، فكيف يكون من دخل الإسلام والإيمان في قلبه فلاشك في أنه سيكون أكثرَ حياءاً وأرفع أخلاقاً وأنبل سلوكاً .
عبادالله : الأمة بحاجة للحياء في هذا الزمان أكثرَ من أي وقتٍ مضى وذلك بسبب تكاثر أدوات الهدم التي تهدم الحياء وتقوّضه من وقتٍ مبكر ، فتنشأ - أعاذنا الله وإياكم - في هذا العصر مقوّضات الحياء من طفولة الإنسان المبكرة ، فيعيش مرحلة إنفلاتية ، ويتدرّج في أخطاءٍ سلوكية لايفعلها من كان في سِنّه في ما مضى ، وغفلة الآباء والأمهات عن التوجيه تؤجج مثل هذه الأخطاء فتزداد في الأبناء والبنات فيكونون أبعد الناس عن الحياء في سلوكهم وعلاقاتهم وتعاملهم مع الناس فكيف حالهم مع الله ، فلابد أن يُربّى الأبناء والبنات تربية تقيم سلوكَهم على الحياء من الله أولاً ومن الناس ثانياً ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه : " من لم يستحيي من الناس لايستحيي من الله " وذلك أن الحياء من الناس تجعل المعصية في طيّ الستر عند العبد لايطلع عليها إلا هو ، ومن ثمّ يدخل في العفو المراد نيلُه من الله فقد عُفي لأمة محمد إلا المجاهرين منهم كما أخبر المصطفى عليه السلام . . فاللهم ارزقنا الحياء منك والإنابة إليك وأهلينا وذرارينا ياسميع الدعاء واهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال ياواسع العطاء . . بارك الله لي ولكم في القرآن والسنّة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين إنه هو كريمٌ جوادٌ متين
======== الخطبة الثانية ========
الحمدلله الذي قسم بين عباده أخلاقهم كما قسم أرزاقهم والصلاة والسلام على خير عباده وأزكاهم وأنبلهم خُلقاً وأسماهم نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاهم أما بعد :
عباد الله : إن هناك أعمالٌ تميت الحياء وتخدشه ينبغي لكل فردٍ منّا مسؤولاً أو كان غير مسؤول أن يتنبّه لها ومنها :
- المجاهرةُ بالمعصية فإن المجاهرة بالمعصية يتجاوزُ مسألة الحياء وكأن المجاهر يتحدى ربّه ومجتمعه وهو معرّض لمكر الله أكثر من غيره .
- ومنها صحبة الفسّاق وأصدقاء السوء حتى لو كانوا كبارَ سنّ فإن الصاحب السيء - أعاذنا الله وإياكم - يجرّئ على الحرمات والإنسانُ بطبعه يميل للتقليد ويتأثر حتى لو كان راشداً وذلك لايأتي إلا من كثرة المخالطة .
- ومنها البعد عن كل مظهر من مظاهر الريبة والفتنة فإن ذلك يفسد الخلق ويرفعُ الحياء
- ومنها : إجتناب كل مايخدش الحياء من الأعمال والأقوال فبعض الفضوليين هداهم الله إذا جلس في مجلس ما أخذ بقبيح الألفاظ فدنّس بها أسماع الحاضرين وأمرض بها قلوب الناشئة
- ومنها أيضاً : تجنّب الألبسة التي يستقبحها الشرع والفطرة للرجال والنساء وقد ظهرت مثل هذه الألبسة في زمننا هذا كثيراً وظهر ذلك خاصة في فئات الشباب من يلبس لباساً يبين العورة ويمشي مفتخراً بذلك أمام الناس في المضامير والطرق فبالله عليك يامن تصنع ذلك أين الحياء من الله ؟ وأين الحياء من الناس بالدرجة الثانية ؟ وأين الحفاظ على السمعة والكرامة والمروءة والشهامة
يعيش المرء مااستحيا بخير * ويبقى العود مابقي اللحاء
فلا والله مافي العيش خيرٌ * ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
. . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق