السبت، 26 يونيو 2021

خطبة عن القاديانية وخطرهم - سلسلة الفرق -

الحمدلله الذي له الحمد في السماوات والأرض وهو الحكيم القدير ، يُضل من يشاء ويهدي من يشاء وإليه المصير أبان طريق الهداية وحذر من سبل الغواية وهو السميع البصير والصلاة والسلام على المبعوث بالرشد والخير العظيم الوفير نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ ومن على نهجهم يسير أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى رأس الأمر كلّه فمن اتقى الله كفاه وهداه ومن تنكب عن التقوى أضله الله بهواه ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) . واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : وفي حديثنا عن الفِرق التي ظهرت في شبه القارة الهندية والتي كانت متزامنة مع الإستعمار البريطاني للهند ظهرت فِرقة ( القاديانية ) نسة إلى قاديان في ولاية البنجاب في الهند ويسمون أنفسهم بالأحمديين أو الفرقة الأحمدية نسبة مؤسسها ميرزا غلام أحمد القادياني وقد نشأت هذه الفرقة في الربع الأول من القرن الرابع الهجري في حدود عام 1318 للهجرة وكان مؤسسها ممن عُرف بالأمراض وحدة المزاج وإدمان المخدرات وكذلك كان مؤسسوا كثير من الفرق فإنهم كانوا أشخاصاً غير سويين في فكرهم وسلوكهم وكان مؤسسها ادعى في الأول أنه مجدد وأنه ملهم من الله حتى يلتف حوله الأتباع ويكثر أنصاره ويكوّن له مؤيدين ومناصرين حتى يدعموا دعوته وينشروها في المجتمع ومن ثم زعم أنه هو المهدي المنتظر وتدرّج به الحال حتى ادعى النبوة وتقوم أصول القاديانية على عدة أمور منها :
* يعتقد أتباع مؤسس الفرقة الضآل أن جبريل ينزل عليه وأن يوحي إليه كما يُوحى إلى محمد عليه الصلاة والسلام والأنبياء قبله وأنه ابن لله تعالى وتقدّس .
* ألفوا كتاباً أسموه ( الكتاب المبين ) ويعتقدون فيه أنه منزل من عند الله كما يدّعون وأنه أعلى شرفاً من القرآن وأرفع منزلة قاتلهم الله .
* يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى يصوم ويصلي ويحج وأنه يُجامع كالبشر عليهم من الله مايستحقون وتعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا .
* يعتقدون أنه الله لم يختم الرسالة بمحمد عليه الصلاة والسلام وأن أتباع الغلام أحمد كالصحابة
* يتعتقدون أن الحج إلى قاديان أفضل من الحج لمكة وأن قاديان أفضل من مكة والمدينة وأن أرضها حرم نسأل الله العافية .
* يحرّمون الجهاد ضد المحتل وينادون بالطاعة العمياء لحكومة الإنجليز وأنهم أولياء الأمر بنص القرآن كما يزعمون بل ويدعو زعيمهم ربّه بالإنجليزية متنكباً للغته الأم ويزعم أن ربّه إنجليزي كما يزعم .
* يعتقدون أن كل مسلم عندهم كافر إذا لم يعتقد باعتقاد القاديانية كما يدّعون .
* يؤمنون بعقيدة التناسخ والحلول كما يؤمن الهندوس والبوذيون والسيخ ومعنى التناسخ أن الروح تنتقل بعد الموت من جسده الميت إلى جسد آخر إنسان أو حيوان أو نبات والحلول أن الذات الإلهية تحل في جسد الإنسان بحيثِ أنهما يمتزجان فتذوب الروح البشرية في الذات الإلهية وهذا المعتقد يُعدّ كفر في الإسلام بإجماع أهل العلم .
* ويجيز القاديانيون شرب الخمور وإدان المخدرات والمسكرات عامّة  . 
ومن يمعن النظر في هذه الفرقة يجد أنها خليط من مسميات إسلامية ومعتقدات وثنية شركية ونصرانية ويهودية وهندوسية وهذا في غاية التخبط والضلال والفساد ( أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يُضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله خبيرٌ بما يصنعون ) .
وكان من مكر القاديانيين بالإسلام وأهله أن زعيماً منهم قدّم نسخة محرفة من ترجمة القرآن بالإنجليزية وليس بالأمر الغريب إذا علمنا أن بينهم وبين اليهود والإنجليز تعاون بالكيد للإسلام وأهله وقد مكنهم الإنجليز من مناصب قيادية وكذلك اليهود وفتحوا لهم المدارس والمساجد في أفريقيا بل وفي أوروبا والأمريكتين وقد تمكن رجل منهم في الباكستان بتولي منصب في البرلمان وقامت ثورة شعبية تطالب بإقالته وباعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة في الباكستان ونجحوا في ذلك والحمدلله ، فاللهم اردد كيد أعداء الإسلام في نحورهم وأعذ المسلمين والدين من شرورهم وأصلح للمسلمين سائر أمورهم ياذا الجلال والإكرام . . أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .

=========== الخطبة الثانية ====
=======

الحمدلله القوي المتين والصلاة والسلام على النبي الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان ٍإلى يوم الدين أما بعد : 

عباد الله : إن التصدي لأعداء الإسلام أمرٌ واجب متحتم على كل من يستطيع مواجهتهم بالحجة والبرهان وذلك بكشف كفرهم وشركهم وتبيين تلبيسهم على وخلطهم الحق بالباطل إن كان لديهم حق فهذا من أعظم الجهاد في سبيل الله وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أبوداود في سننه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " ومجاهدة أهل الملل والنحل أفضل مايكون باللسان لأن العامّة يغترون بالقول والبيان إذا لُبّس بلبوس الإسلام فانبثق للغلام أحمد زعيم القاديانية العالم الهندي الشيخ أبو الوفاء ثناء الله الآمْرِتْسَري رحمه الله وكان أمير جمعية أهل الحديث في الهند فناظره وأفحم حجته وبيّن كفره وضلال دعوته ولمّا لم يرجع هذا الغلام باهله أبوالوفاء - والمباهلة تقضي بأن يستفتح المباهَل والمباهَـل بأن يُلعن الكاذب من الفريقين وأن يدعو على نفسه بالهلاك ويموت الكاذب منهما في حياة الصادق ، فلمّا أتمّ المباهلة أبوالوفاء وهذا الزنديق لم تمرّ أيامٌ قلائل حتى هلك المرزا غلام القادياني زعيم القاديانية وكان ذلك في ربيع الثاني من عام ستة وعشرين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية ، وقد تكررت المباهلة في التاريخ وليست بالأمر المستجد وهي مثل القول الفصل والآية الساطعة على كذب المفتري . . ولكن أهل الضلال يُعميهم الله عن مثل هذه الآيات وعندما زاد خطرهم وكثُر أتباعهم انعقد في شهر ربيع الأول من العام أربعة وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة مؤتمرٌ كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وحضره من جميع الدول الإسلامية ممثلون لبلدانهم ، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وضلالها وخروجها عن الإسلام وطالبوا بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين ، ثم صلوا وسلموا على النبي المختار وصفوة الأبرار نبينا محمد  . . 

الأربعاء، 9 يونيو 2021

خطبة عن الفرقة البريلوية وخطورة افتراق الأمة

الحمدلله الذي أمر عباده بالإعتصام بالكتاب والسنّة وحذرهم من الإختلاف والفرقة وهو ذو الإحسان والمنّة والصلاة والسلام على المبعوث لكافة الأمة نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الفضل والهمة وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى يعصمُ العبد من الضلال والإنحراف ويحثه على السير على نهج الأسلاف ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ) واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : الإلتزام بالعقيدة على نهج المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصحابه هو سبيل النجاة وهو طريق الخلاص من الفتن ومن الفرقة في الدين ومن التحزب وانتحال الطرق المعوجّة والسبل المنحرفة وإذا كان الله حذّر من التحزب والتشيّع وبرّأ منهم - سبحانه - نبيَّه صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثمّ ينبئهم بما كانوا يفعلون ) وبين المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه سيكون افتراقٌ في هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين وأن هذا الإفتراق أكثر كعدد من افتراق اليهود وافتراق النصارى فلزم من ذلك أن يكون الإنسان على وجل وخوف من أن يزيغ عن سبيل النجاة وجادّة الصواب حتى يلقى الله ويُختم له بخاتمةٍ حسنة .

ولا بدّ أن يبذل في ذلك الأسباب التي تُعينه على التمسك بنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في كل صغيرة وكبيرة وفي كل مايأتي ويذر وأن يسأل الله لنفسه ولذريته وأهله العافية من الزيغ والإنحراف وسبيل الله واضحٌ لمن سلكه وعليه علامات يهتدي بها السالكون وتنير درب السائرين ولعلنا - إن شاء الله - نبين منهج بعض الفرق المنحرفة في هذه الخطبة وخطب قادمة حتى لايخفى على عامّة الناس ضلال تلك الفرق وانحرافهم وصدّهم عن سبيل الله بغير علم وكذبهم وافتراءهم في كونهم من أهل السنّة والتصاقهم بهم تضليلاً وبهتاناً وتعمية على العامّة .
فكم مدّعٍِ ٍنهج طريقة أحمدٍ * وكم مفترٍ أعمى عن الحقّ سالكه
بزخرف قول واجتذابٍ لتابعٍ * فـأوردهم فيها دروباً حالكـــة
عباد الله : فرقة ظهرت منذ أواخر القرن الثاني الهجري ولها نشاط في الهند والباكستان وهي فرقة صوفية قبورية تُدعى ( البرِيْلَوية ) واسمها مأخوذ من مدينة برِيْلِي في الهند وأصول دعوتهم قائمة على الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي آل بيته والغلو في مؤسس هذه الفرقة ( البرِيْلَوي أحمد رضا خان ) والذي كان يسمي نفسه 
" عبدالمصطفى" وكان يدعو للإستغاثة بالأموات ويقول : " إذا تحيّرتم فاستعينوا بأصحاب القبور " ويقول في غلوه بالنبي صلى الله عليه وسلم : " إن رسول الله متصرّف في كل مكان وهو ملك الأرضين ومالك الناس "  بل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم بالذات الإلهية تعالى الله عما يقول السفهاء علواً كبيراً ، ويتهم أيضاً من ينكر الإستمداد بالأنبياء والأولياء أو بقبورهم بأنهم ملحدون ، ويدعي مؤسس وأتباع هذه الفرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر ناظر وأنه حي وينيرون القبور وينادون ويستغيثون : يارسول ، يامحمد وبعضهم ويقبّل أصابعهم بعد الوضوء والأذان وبعد الصلاة ويردد إمامهم بعد كل صلاة : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) ويسخطون بمن يجهر بالتأمين وبمن يرفع يديه في الصلاة ويعتبرونه وهابي كما يقولون ، ويتحلقون بعد صلاة كل جمعة وينشدون ويمدحون بصوت مرتفع ، وبعد ختم القرآن في تراويح رمضان يطهون الطعام ويوزعونه مع الحلويات داخل المسجد ، ويعتبرون أنفسهم أنهم هم أصحاب السنة والعقيدة الصحيحة 
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن الصلاة خلفهم بعد ذكر صفاتهم هذه فأجابوا بقوله : 
" من هذه صفاته لاتجوز الصلاة خلفه ولا تصح ولو فُعلت من عالمٍ بحاله لأن معظمها صفات ٌكفرية وبدعية تُناقض التوحيد الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وتعارض صريح القرآن مثل قوله سبحانه : ( إنك ميّتٌ وإنهم ميتون ) وقوله : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) وينكر عليهم البدع التي يفعلونها بأسلوبٍ حسن فإن قبلوا فالحمد لله وإن لم يقبلوا هجرهم وصلّى في مساجد أهل السنة ، وله في خليل الله أسوة حسنة في قوله تعالى : (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربي عسى أن لاأكون بدعاء ربي شقيا ) . 
وللعلم فإن هذه الفرقة نشأت في الهند أيام الإستعمار البريطاني لها وكثير من الفرق كانت قد نشأت أيام الإستعمار وهي مدعومة من الإستعمار لكي يميتوا الجهاد في البلدان التي يستعمرونها ولهذا تجد في هذا الوقت اتجاه الغرب لدعم الكثير من الفرق الصوفية لأنهم يعلمون أنه إذا استولى التصوف على البلد صرف الناس عن مجاهدة المستعمر فكرياً وعسكرياً وسياسياً واجتماعياً ولذا تجدهم يكرهون السلفيين والمتمسكين بعقيدة أهل السنة والجماعة وينحونهم عن تولي قيادة البلدان عموماً لأنه سينصب لهم العداء ويجاهدهم بما أوتي من قوة . 
فاللهم قيّض لهذه الأمة من يسوسها بالكتاب والسنة ياذا الفضل والمنة واكشف الغمة عن الأمة ياسميع الدعاء أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من الخطايا والأوزار فاستغفروه يغفر لكم إنه هو العزيز الغفار . 

=============== الخطبة الثانية ===============

الحمدلله هدانا للإسلام وعلمنا الحكمة والقرآن والصلاة والسلام على المبعوث بالفرقان نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين بإحسان أما بعد : 
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن من خلّصه الله من الهوى والجهل والتعلق بغير الله فإنه قد نجى من شرّ مستطير قد بُلي به الكثير من العوام ممن ينتسب إلى الإسلام وما يتسلّط الشيطان إلا على مثل هؤلاء ممن يزيّن لهم الشيطان أعمالهم ومن عرف الله بقلبه حق المعرفة وآمن به في صميم فؤاده فإنه لاينجرّ لدعاة جهنم من أصحاب الفرق أهل النِحل أبداً ( فاعلم أنه لاإله إلا الله واستغفر لذنبك . . . )  . 
عباد الله : من يتفكر في كثرة أتباع الضلالة وقلة أتباع الحق يجد أن لذلك أسباب كثيرة منها أسبابٌ تتعلق بالشبهات ومنها أسبابٌ تتعلق بالشهوات فالشبهات مثل محبة البدعة وكراهة السنة والغلو والتنطع في الأمور 
والشهوات مثل المال والجاه والقرب من السلطان والرئاسة وكثرة الأتباع ونحو ذلك وكلٌ من هاذين الجذمين مذموم والعافية منهما سبيل الخلاص وطريق النجاة وصاحب البدعة إن أصرّ على بدعته فلا تُقبل له توبة وقد حجر الله عنه التوبة كما أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام بذلك فقال : " إن الله حجر التوبة على كل صاحب بدعة " ورأس البلية كلها الهوى وترك الهدى وعصيان المصطفى عليه الصلاة والسلام ولذا قال صلى الله عليه وسلم : "  كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل : ومن يأبى يارسول الله قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " رواه مسلم في صحيحه وبين أنه مع الهوى يحصل التفرق والإفتراق ولذا في الحديث عند أبي داوود وأحمد والحاكم من حديث معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وإنه سيخرج من أمتي اقومٌ تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه لايبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله " والكَلَب هو : داء يصيب الكلاب فتكون مسعورة فتعض من تجده من الناس ويسري عن طريق تلك العضه الداء في الجسد فيقتله في الغالب . 
اللهم أعذ المسلمين من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء ياسميع الدعاء يارب الأرض والسماء ، ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . . . 

الثلاثاء، 8 يونيو 2021

خطبة عن سلامة القلب وخطورة الحسد .

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله إلى الناس كافّة وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صمّاً وقلوباً غُلفا أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تُقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الذين الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) .
عباد الله : القلب السليم السالم من كل غشٍ وخبيئة سيئة وحقدٍ وضغينة هو أسعد بالعيش الهنيء والدرجة العالية من غيره من القلوب وهو أسرع الطرق في رفعة الدرجات والسلامة من وعيد الله وعذابه يوم الدين ( يوم لاينفع مالٌ ولا بنون * إلا من أتى الله بقلبٍ سليم ) وفي صحيح ابن ماجه من حديث عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : أي الناس أفضل ، فقال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان " قالوا : صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ، قال : " التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد " .
عباد الله : لايظن البعض أن سلامة القلب أمرٌ يدركه الكثير من الناس وخصوصاً في هذا الوقت التي انتشرت فيه أمراض القلوب ، بل من يتحصّل عليه فهو من المرحومين المهديين ولا يدرك إلا بتزكية القلوب من أمراض الشهوات خاصة وبالدعاء الطويل وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه أن يكنز هذا الدعاء إذا كنز الناس الذهب والفضة وأن يسأل الله قلباً سليماً فقال : ( اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسالك قلباً سليماً ولساناً صادقاً وأسألك من خير ماتعلم وأعوذ بك من شرّ ماتعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علّام الغيوب ) والحديث رواه لاإمام أحمد والطبراني وابن حبان وحسّنه جمعٌ من أهل العلم وكان الصحابة رضوان الله عليهم مع صحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم كانوا من أسلم الناس قلوباً وأبرهم لهذه الأمة فصار فضلهم وأجرهم مضاعفاً مع علمهم يقول عنهم رضوان الله عليهم وعلينا أجمعين : " من كان متأسياً فليتأس بأصحاب محمدٍ صلى الله عليهم وسلم فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلّفاً وأقومها هدياً وأحسنها حالاً ، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدي المستقيم ) .

عباد الله : إن من أعظم أمراض القلوب وأشدها فتكاً فيها مرض الحسد فمن سلم منه فقد سلم من شرّ عظيم وبلاءٍ جسيم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسد وبين أنه يأكل الأجر والثواب ويُذهب الحسنات وربط - عليه الصلاة والسلام بينه وبين حب الدنيا وبينه وبين التدابر والبغضاء ففي حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا فُتحت عليكم فارس والروم ، أيُّ قومٍ أنتم ؟ قال عبدالرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو غير ذلك ، تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون أو نحو ذلك ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض " وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه سيصيب هذه الأمة داء الأمم ليحذر العباد منه ففي الحديث الذي أخرجه الطبراني والحاكم وحسنه بعض أهل العلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سيصيب أمتي داء الأمم " قالوا : يانبي الله وما داء الأمم ؟ قال : " الأشر والبطر والتكاثر والتشاحن في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج " .

عباد الله : من أصيب بحسد وابتلي به فإنه يخفيه ولا يبديه ويستعين بالله عليه ويستعيذ من كيد الشيطان ووسوسته ونفثه فإنه من كيد الشيطان للإنسان وليستعذ بالله من الشح فإنه يُثير الحسد في القلوب ويجعلها تغلّ على المحسود ، ويقول ابن تيمية في رسالته : " أمراض القلوب وشفاؤها " : " الجسد مرض من أمراض النفس وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا القليل من الناس ولذا يُقال ماخلا جسد من حسد ، لكن اللئيم يُبديه والكريم يُخفيه ، وقد قيل للحسن البصري : أيحسد المؤمن فقال ماأنسا إخوة يوسف لاأبا لك ولكن عمّه في صدرك - أي أخفه - فإنه لايضرك مالم تعدُ به يداً ولا لساناً فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك في نفسه وكثيرٌ من الناس الذين عندهم دين لايعتدون على المحسود فلا يعينون من ظلمه ولكنهم أيضاً لايقومون بما يجب من حقّه بل إذا ذمّه أحد لم يوافقوه على ذمّه ولا يذكرون محامده وكذلك وكذلك لو مدحه أحدٌ لسكتوا وهؤلاء مدينون في ترك المأمور في حقّه مفرّطون في ذلك لامعتدون عليه ، وجزاؤهم أنهم يُبخسون حقوقهم فلا يُنصفون أيضاً في مواضع ولا يُنصرون على من ظلمهم كما لم ينصروا هذا المحسود وأما من اعتدى بقول ٍأو فعل فذلك يعاقب ، ومن اتقى الله وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه " انتهى كلامه .

فاللهم أصلح قلوبنا وسلّمنا من الحسد وأهله وزكّ نفوسنا وآتها تقواها ياحي ياقيوم أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .

=========== الخطبة الثانية ===========

الحمدلله يهدى من اتقاه ويعين على مرضاته من طلب هداه والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسانٍ إلى يومِ نلقاه أما بعد :

فاتقوا الله -عباد الله - واعلموا أنه عندما يأتي الحسد في الشرع على وجه الإمتنان فالمقصود به الغبطة وليس الحسد الذي معناه تمني زوال النعمة عن الغير ، فتمني زوال النعمة عن الغير هو الحسد المذموم الذي أول من عمل به إبليس عليه لعنة الله عندما حسد آدم بعدما أمره الله بالسجود له ولذا كانت العين والتي مصدرها العائن هي تسلط من الشياطين على ابن آدم فيؤذون من أصابته العين ويكونون جنوداً للعائن ومن أتى ذلك إلا بسبب الحسد ولذا أرشد الله المسلم أن يستعيذ بالله من شرّ الحاسد حينما يحسد وهي برهة من الزمن يسيرة فقال : " ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد " .

وأما الغبطة - ياعباد الله - فهي تمني مثل ماللغير وليس تمني زوال النعمة عن الغير كما هو معنى الحسد ولذا في الحديث الصحيح المتفق عليه : " لاحسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الله وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار " وحديث آخر متفقٌ عليه أيضاً : " لاحسد إلا في اثنتين رجلٌ آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق - أي على ذهاب ذلك المال في سبيل الله - ورجلٌ آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويُعلمها " .

ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . .

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...