الأربعاء، 9 يونيو 2021

خطبة عن الفرقة البريلوية وخطورة افتراق الأمة

الحمدلله الذي أمر عباده بالإعتصام بالكتاب والسنّة وحذرهم من الإختلاف والفرقة وهو ذو الإحسان والمنّة والصلاة والسلام على المبعوث لكافة الأمة نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الفضل والهمة وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى يعصمُ العبد من الضلال والإنحراف ويحثه على السير على نهج الأسلاف ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ) واعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : الإلتزام بالعقيدة على نهج المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصحابه هو سبيل النجاة وهو طريق الخلاص من الفتن ومن الفرقة في الدين ومن التحزب وانتحال الطرق المعوجّة والسبل المنحرفة وإذا كان الله حذّر من التحزب والتشيّع وبرّأ منهم - سبحانه - نبيَّه صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثمّ ينبئهم بما كانوا يفعلون ) وبين المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه سيكون افتراقٌ في هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين وأن هذا الإفتراق أكثر كعدد من افتراق اليهود وافتراق النصارى فلزم من ذلك أن يكون الإنسان على وجل وخوف من أن يزيغ عن سبيل النجاة وجادّة الصواب حتى يلقى الله ويُختم له بخاتمةٍ حسنة .

ولا بدّ أن يبذل في ذلك الأسباب التي تُعينه على التمسك بنهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في كل صغيرة وكبيرة وفي كل مايأتي ويذر وأن يسأل الله لنفسه ولذريته وأهله العافية من الزيغ والإنحراف وسبيل الله واضحٌ لمن سلكه وعليه علامات يهتدي بها السالكون وتنير درب السائرين ولعلنا - إن شاء الله - نبين منهج بعض الفرق المنحرفة في هذه الخطبة وخطب قادمة حتى لايخفى على عامّة الناس ضلال تلك الفرق وانحرافهم وصدّهم عن سبيل الله بغير علم وكذبهم وافتراءهم في كونهم من أهل السنّة والتصاقهم بهم تضليلاً وبهتاناً وتعمية على العامّة .
فكم مدّعٍِ ٍنهج طريقة أحمدٍ * وكم مفترٍ أعمى عن الحقّ سالكه
بزخرف قول واجتذابٍ لتابعٍ * فـأوردهم فيها دروباً حالكـــة
عباد الله : فرقة ظهرت منذ أواخر القرن الثاني الهجري ولها نشاط في الهند والباكستان وهي فرقة صوفية قبورية تُدعى ( البرِيْلَوية ) واسمها مأخوذ من مدينة برِيْلِي في الهند وأصول دعوتهم قائمة على الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي آل بيته والغلو في مؤسس هذه الفرقة ( البرِيْلَوي أحمد رضا خان ) والذي كان يسمي نفسه 
" عبدالمصطفى" وكان يدعو للإستغاثة بالأموات ويقول : " إذا تحيّرتم فاستعينوا بأصحاب القبور " ويقول في غلوه بالنبي صلى الله عليه وسلم : " إن رسول الله متصرّف في كل مكان وهو ملك الأرضين ومالك الناس "  بل يشبه النبي صلى الله عليه وسلم بالذات الإلهية تعالى الله عما يقول السفهاء علواً كبيراً ، ويتهم أيضاً من ينكر الإستمداد بالأنبياء والأولياء أو بقبورهم بأنهم ملحدون ، ويدعي مؤسس وأتباع هذه الفرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر ناظر وأنه حي وينيرون القبور وينادون ويستغيثون : يارسول ، يامحمد وبعضهم ويقبّل أصابعهم بعد الوضوء والأذان وبعد الصلاة ويردد إمامهم بعد كل صلاة : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) ويسخطون بمن يجهر بالتأمين وبمن يرفع يديه في الصلاة ويعتبرونه وهابي كما يقولون ، ويتحلقون بعد صلاة كل جمعة وينشدون ويمدحون بصوت مرتفع ، وبعد ختم القرآن في تراويح رمضان يطهون الطعام ويوزعونه مع الحلويات داخل المسجد ، ويعتبرون أنفسهم أنهم هم أصحاب السنة والعقيدة الصحيحة 
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن الصلاة خلفهم بعد ذكر صفاتهم هذه فأجابوا بقوله : 
" من هذه صفاته لاتجوز الصلاة خلفه ولا تصح ولو فُعلت من عالمٍ بحاله لأن معظمها صفات ٌكفرية وبدعية تُناقض التوحيد الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وتعارض صريح القرآن مثل قوله سبحانه : ( إنك ميّتٌ وإنهم ميتون ) وقوله : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) وينكر عليهم البدع التي يفعلونها بأسلوبٍ حسن فإن قبلوا فالحمد لله وإن لم يقبلوا هجرهم وصلّى في مساجد أهل السنة ، وله في خليل الله أسوة حسنة في قوله تعالى : (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربي عسى أن لاأكون بدعاء ربي شقيا ) . 
وللعلم فإن هذه الفرقة نشأت في الهند أيام الإستعمار البريطاني لها وكثير من الفرق كانت قد نشأت أيام الإستعمار وهي مدعومة من الإستعمار لكي يميتوا الجهاد في البلدان التي يستعمرونها ولهذا تجد في هذا الوقت اتجاه الغرب لدعم الكثير من الفرق الصوفية لأنهم يعلمون أنه إذا استولى التصوف على البلد صرف الناس عن مجاهدة المستعمر فكرياً وعسكرياً وسياسياً واجتماعياً ولذا تجدهم يكرهون السلفيين والمتمسكين بعقيدة أهل السنة والجماعة وينحونهم عن تولي قيادة البلدان عموماً لأنه سينصب لهم العداء ويجاهدهم بما أوتي من قوة . 
فاللهم قيّض لهذه الأمة من يسوسها بالكتاب والسنة ياذا الفضل والمنة واكشف الغمة عن الأمة ياسميع الدعاء أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من الخطايا والأوزار فاستغفروه يغفر لكم إنه هو العزيز الغفار . 

=============== الخطبة الثانية ===============

الحمدلله هدانا للإسلام وعلمنا الحكمة والقرآن والصلاة والسلام على المبعوث بالفرقان نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين بإحسان أما بعد : 
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن من خلّصه الله من الهوى والجهل والتعلق بغير الله فإنه قد نجى من شرّ مستطير قد بُلي به الكثير من العوام ممن ينتسب إلى الإسلام وما يتسلّط الشيطان إلا على مثل هؤلاء ممن يزيّن لهم الشيطان أعمالهم ومن عرف الله بقلبه حق المعرفة وآمن به في صميم فؤاده فإنه لاينجرّ لدعاة جهنم من أصحاب الفرق أهل النِحل أبداً ( فاعلم أنه لاإله إلا الله واستغفر لذنبك . . . )  . 
عباد الله : من يتفكر في كثرة أتباع الضلالة وقلة أتباع الحق يجد أن لذلك أسباب كثيرة منها أسبابٌ تتعلق بالشبهات ومنها أسبابٌ تتعلق بالشهوات فالشبهات مثل محبة البدعة وكراهة السنة والغلو والتنطع في الأمور 
والشهوات مثل المال والجاه والقرب من السلطان والرئاسة وكثرة الأتباع ونحو ذلك وكلٌ من هاذين الجذمين مذموم والعافية منهما سبيل الخلاص وطريق النجاة وصاحب البدعة إن أصرّ على بدعته فلا تُقبل له توبة وقد حجر الله عنه التوبة كما أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام بذلك فقال : " إن الله حجر التوبة على كل صاحب بدعة " ورأس البلية كلها الهوى وترك الهدى وعصيان المصطفى عليه الصلاة والسلام ولذا قال صلى الله عليه وسلم : "  كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل : ومن يأبى يارسول الله قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " رواه مسلم في صحيحه وبين أنه مع الهوى يحصل التفرق والإفتراق ولذا في الحديث عند أبي داوود وأحمد والحاكم من حديث معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وإنه سيخرج من أمتي اقومٌ تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه لايبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله " والكَلَب هو : داء يصيب الكلاب فتكون مسعورة فتعض من تجده من الناس ويسري عن طريق تلك العضه الداء في الجسد فيقتله في الغالب . 
اللهم أعذ المسلمين من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء ياسميع الدعاء يارب الأرض والسماء ، ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . . . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...