الحمدلله الذي هدى لطريقه طالب الحق والهدى ، وجنّب المتقين سبل الردى ، ولم يخلقِ الخلق سُدى ، والصلاة والسلام على النبي المجتبى والرسول المصطفى ومن بهديه اهتدى وعلى نهجه سار واقتفى إلى يوم الدين ، أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فللمتقين نورٌ به يهتدون ، ومن قبسه يميزون ، وهم على الحق سائرون مسترشدون ( ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ) .
عباد الله : مفاهيم خاطئة انتشرت بين الناس - مع الأسف -في شأن العبادات في الوضوء والصلاة والزكاة خاصة يحتاج العبد المسلم أن يتوقف عندها ويصححها ويسأل عنها عند الجهل كما أمره الله بذلك : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون * بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانُزّل إليهم ولعلهم يتفكرون )
وتصحيحها أمر محتم لابد منه وخصوصاً لمن بلغه العلم وترك ذلك بعد بلوغ العلم مكابرة وإصرارٌ على الباطل يجرّ صاحبه إلى المهالك والبوار في الآخرة ، وذلك لأن الأخطاء تتفاوت فإذا كانت في أصل الدين وأركان الإسلام كان الأمر عظيماً وصاحبُها معرّض للوعيد والعقاب ولذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أناساً قد غسلوا أقدامهم ولم يمس الماء من أقدامهم قدر الدرهم قال قولته المشهورة : ( ويلٌ للأعقاب من النار ) ولعنا أن نذكر بعض هذه الأخطاء لكي يحذر العبد منها أشدّ الحذر ويُعلمَّ غيره ويكون معيناً لرفع الجهل عن المسلمين فمنها في الوضوء :
* البدء بالمضمضة والإستنشاق قبل غسل اليدين حين الوضوء وهذا مخالف للهدي النبوي ولما كان يفعله صلى الله عليه وسلم .
* ومنها : أن يُدخل المضمضة والإستنثار في الوضوء مع غسل الوجه ولا يُفردهما بالغسل فالمضمضة والإستنشاق لهما غرْفة مستقلة وكذا الوجه له غرفة مستقلة باليدين جميعاً.
* ومنها : تعمّد ترك التسمية وكان الإمام أحمد رحمه الله يرى وجوبها
* ومنها : غسل اليدين إلى المرفقين مبتدءاً بمفصل الكف وهذا خطأ لابد من تصحيحه وهو أن يبتدئ بالغسل من أطراف الأصابع .
* ومنها : عدم الرجوع باليدين لمقدم الرأس أثناء المسح ، فيجب أن يرجع إلى مقدم الرأس أثناء المسح ، فيبدأ بمسح الرأس من مقدم الناصية والشعر ويرجع من حيث ابتدأ ولا ينتقل لمسح الأذنين قبل أن يرجع لمقد الرأس .
* ومنها : مسح الأذنين بطريقة خاطئة والصحيح أن يمسح أذنية وذلك بوضع السبابة بفتحة الأذن والإبهام خلف شحمة الأذن ويديره إلى أعلى الأذن ويعود لشحمة الأذن مرة أخرى ، وذلك كما فعل عليه الصلاة والسلام .
* ومنها تخطي رقاب الناس من أجل الوصول للصف الأول أو كان المكان لا يتسع لشخص فيضايق الناس من أجل ذلك فهو كمن يفعل سنة ويرتكب محرماً فأيهما أولى بالفعل لاشك أن ترك المحرم أوجب وألزم .
* ومنها رفع الصوت حال قراءة القرآن وقد ورد النص النبوي بالنهي عن ذلك وهذا أذية للناس فلا تتقرب لله بأذية خلقه ياعبد الله .
* ومنها : الأكل من الثوم والبصل أو شرب الدخان والحضور إلى الصلاة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من صنع ذلك ألا يقرب المساجد .
* ومنها : في الصلاة عدم رفع اليدين لحذو المنكبين أثناء التكبير وأكثر مايكون في النافلة فبعضهم هداه الله تجد رفع يدية إلى حذو بطنه أو لحذو صدره.
* ومنها : رفع القدمين حين السجود وهذا تبطل به الصلاة أو رفع أنفه حين السجود وهذا خطأ لأن السجود يكون على الأعضاء السبعة ومنها الجبهة والأنف جميعاً والقدمين .
* ومنها في شأن الزكاة اعتقاد عدم وجوب الزكاة في مال اليتيم ومال الضعفاء عندما يحول عليه الحول وهذا خطأ بحجة أن الزكاة تأكل مالهم ولا تبقي لهم شيئاً إذا كان المال قليلاً وقد ثبت عن عمر بن الخطاب أنه قال : " اتجروا بأموال اليتامى لاتأكلها الزكاة " رواه الدار قطني والبيهقي وقال البيهقي : " إسناده صحيح " .
* ومنها : دفع زكاة الفطر في بلد لم يكن بالأصل بلد المزكي ، والأصلُ أن المزكي يدفع زكاة الفطر في البلد الذي هو فيه أثناء وجوبها .
* ومنها : اعتقاد أنه لايجوز تكميل نصاب الذهب والفضة بالورق النقدي أثناء إخراج الزكاة وهذا اعتقاد خاطيء فيكمّل نصاب بعضهما ببعض أثناء إخراج الزكاة .
* ومنها : اعتقاد البعض أنه تجب الزكاة في ذات العقارات المؤجرة والذي تجب فيه الزكاة هي الأموال والأرباح التي تُجنى من هذه الأبنية والعقارات مالم تُعرض للبيع فإن عُرضت وجب في قيمتها عند بيعها الزكاة .
فلنحذر معشر الإخوة المصلين من الوقوع في مثل هذه الأخطاء التي تنقص أجر الصلاة أو تذهب بأجر الصلاة بالكلية ولنتعاون جميعاً في تصحيحها وتنبيه الآخرين عليها أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من الخطايا والأوزار فاستغفروه يغفر لكم إنه هو العزيز الغفار .
======= الخطبة الثانية =======
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن تصحيح المفاهيم في العبادات وغيرها من أفضل السبل لمرضاة الله تعالى وهو من أجل طلب العلم وطلب العلم هو الطريق لنيل الخيرية والتي رتب الله على نيلها الفقه في الدين وبابٌ لنيل سلعة الله الغالية دار الكرامة وجنة عدن التي وعد الله بها عباده فهل من ساعٍ إليها ومشمرٍ لها بنشر العلم وتعلمه وتعليمه حتى يُعبد الله في الأرض على بصيرة ويحقق الناس العبودية التي هي أرفع درجات الخلق قال عنها المصطفى " إنما أنا عبدٌ فقولوا عبدالله ورسوله" ويؤدوا شعائر دينهم كما أمرهم الله تعالى وأمرهم به الحبيب عليه الصلاة والسلام ، والفقه في الدين أمره جليلٌ يصطفي له الله الخلّص من عباده ( وما كان المؤمنون لينفروا كافّة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) ومن نشر العلم وتعلمه تصحيح هذه الأخطاء والمفاهيم الخاطئة والتي يغذيها أمور منها :
- الجهل الذي يحيط بالمسلم والذي يترك معه تعليم نفسه وكثرة أنشغاله بما لاينفعه في دينه خاصة
- وكذلك ترك السؤال حين الجهل بالشيء والزهد بالعلم وفضله وبما ينبغي أن يتعلمه مع وجوب ذلك في مايختص بالصلاة خاصة والتي هي الفاصل بين الإسلام والكفر وهو معذور مع عدم القدرة .
ولكن التكاسل عموماً عن السؤال فيما يُشكل في أي مسألة من المسائل مصيبة أبتلي بها الكثير من المسلمين ولها أسبابها وعلى المسلم أن يحرص دائماً على التعوذ من العجز والكسل لعل الله أن يطردَه عنه ويبعدَه .
- وكذلك عدم خشية الله تعالى بشكل عام فيورثه ذلك الإستهانة بأحكام العبادات وبشعائر الدين وأركانه وواجباته الحتمية
فاللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة وارزقنا الفقه في الدين والإفادة واجعلنا ممن ينفعه علمَه واجتهادَه يارب العالمين .