الأربعاء، 18 نوفمبر 2020

خطبة استسقاء مختصرة

الحمدلله المعطي الصبور الغفور الشكور وإليه تصير الأمور وبيده مقاليد السماوات والأرض  وهو الغفور القهار يحلُم على عباده سبحانه مع كثرة الخطايا والأوزار ، ويمهلهم وهو الكريم الغفار يتوب إليه مسيء الليل والنهار فيقبل توبته ويرضى عنه ويدله على فعل الأبرار ويقيه عذاب الجحيم والنار ، والصلاة والسلام على النبي المختار صفوة الأخيار وعلى آله وصحبه أولي الفضائل والآثار ومن تبعهم بإحسان إليى يوم القرار أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى يفتح أبواب السماء بالخيرات ويغلق أبواب الشرور والبليّات ويدفع المصائب والآفات ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) . 

عباد الله : لايخفى عليكم أهمية الماء والغيث وضرورته لكل كائنٍ حي ، والله سبحانه يحبسه لحكمة ويمنعه بعدله ليستيقظ العباد من غفلتهم ويفيقوا من سباتهم ويحاسبوا أنفسهم ويُصلحوا من أحوالهم وعلاقتهم بربهم ، فيصرفه الله من بلدٍ إلى بلد ومن قطرٍ إلى قطر ، كـُلّ ذلك ليتوب العباد لربهم ويستغفرونه ويذرون من المعاصي مايأتونه ( ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) ومع هذا التصريف وانقطاع الغيث يُصر ثلّة من عباد الله على غيهم وعنادهم ، فهم على الآثام مقيمون ، وفي غيهم يعهمون ، ولكل كبيرة من الكبائر يأتون ، ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) . . ياعبدالله يامن أنعم الله عليك بنعمة الحياة وحرم غيرك إياها ، يامن أنعم الله عليك بالعافية وسلبها غيرَك من البشر ، يامن أعطاك من النعم وغيرُك معدوم أو محروم ، يامن أولاك وأعطاك ربك من كل خير فلم ينقصُك مما تريد شيئا وغيرُك يبحث عن عشر ماأعطاك . . هل من توبة قبل ساعات المرض والوهن وهل من توبة قبل حلول الأجل وهل من توبة قبل مباغتة المنايا ، وهل من توبة وإنابة قبل حلول البلايا ، فالله يُقلب الأقدار وبيده الملك وإليه المصير فأنت بالتذكر والتوبة جدير ، وأنت حين المواعظ سميعٌ بصير فما عذرك حينما تُعرض على العلي الكبير . 

عباد الله :  لاأفضلَ من الإستغفار لفتح أبواب السماء بالغيث والأمطار ، فرسالة نوحٍ  أبي البشر الثاني لقومه واضحةُ المعالم جليّةُ المعاني رسالة أبديّة لكل البريّة في حال انقطاع الغيث عن الأرض والبرّيّة ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ٍويجعل لكم أنهارا ) وقال هودٌ لقومه أيضاً: ( وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ) والخروج إلى الصلاة معشر المؤمنين ينبغي أن يكون بخشوع وتواضع وتضرع وتبذل وكذلك كان يصنع عليه الصلاة والسلام فقد كان يخرج إلى الصلاة متواضعاً متبذلاً متخشعاً متضرعاً . . والتبذل هو : ترك الزينة في اللباس  

عباد الله : رد الحقوق والمظالم من أعظم أسباب الغيث ولطف الله بعباده فلا يسقيم دعاء من يطلب من الله الغوث والسقيا وهو مطلوبٌ من عباد الله قد أكل مال هذا وجحد مال ذاك وإخراج الزكاة سبب رئيسٌ من أسباب استغلاق الرحمة ومنع القطر من السماء وفي الحديث الذي أخرجه ابن ماجه والطبراني والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل : " ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يُمطروا " ونقص المكيال والميزان موجب لقحط السنين والأعوام وفي الحديث الصحيح أيضاً : " ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم " 

فاللهم لطف ورحمتك أعظم من ذنوبنا وعفوك أجلّ من أوزارنا فامحُ بنزرٍ من عفوك جليلَ ذنوبنا وسالفِ خطايانا ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيمٌ ودود . 

========== الخطبة الثانية ==========

الحمدلله المحمود بكل لسان والصلاة والسلام على النبي والأصحاب والخلان ومن تبعهم إلى يوم الدين بإحسان أما بعد : 

فاتقوا الله -عباد الله - ثم اعلموا رحمكم الله أن فتح أبواب السماء على  قومٍ دون قوم ليس هو محبة لأولئك الذين أجرى الله لهم الأمطار والأنهار على حساب قومٍ ممحلين مجدبين ، فقد يكون المجدبون خيرٌ وأحب إلى الله من أولئك ولكن الأمر هو في الواقع فتنةٌ وابتلاء ، ( إنا جعلنا ماعلى الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا والكثير منّا اطلع على مافي بلاد الكفار والنصارى من نزول القطر ودوامه عليهم واكتساء الأرض بالخضرة والزينة وهم في حال لايرتضيها الله من الكفر والشرك وذلك موجب لسخط الرب - سبحانه - وعقوبته ، ولكن كما قال الله : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ماترك على ظهرها من دابّة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ) 

والدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ومتاع الكافر فيها قليل ، فاللهم تداركنا برحمتك وافتح لنا باب الفضل والإحسان يالطيف يامنان 

اللهم إنك ترى مكاننا وتسمع كلامنا وتعلم سّرنا وعلانيتنا ، لايخفى عليك شيء من أمرنا نحن البؤساء الفقراء ، المستغيثون المستجيرون الوجلون المشفقون المقرون المعترفون بذنبه ، اللهم لاتجعلنا بدعائك أشقياء ، وكن بنا رؤوفاً رحيما ياخير المسؤولين وياخير المعطين 

اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا 

اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت 

اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ، اللهم على الظراب ومنابت الشجر اللهم حوالينا ولا علينا . . 

" اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً طَبَــقاً مجللاً عاجلاً غير رائث نافعاً غير ضار عامّاً سحا دائماً  " يارب العالمين 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...