الاثنين، 28 فبراير 2022

خطبة عن خطر الفتوى وأثرها وضوابطها

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفاً فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )
( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : القول على الله بغير علم سبيلٌ من سبُل الجحيم وأثره على الفرد والمجتمع والمفتي والمستفتي عظيم والله جلّ وعلا ذكر من خلقه من المشركين ومن سار على طريقتهم أنهم يجادلون ويضلون بأهوائهم بغير علم فقال جلا وعلا : ( وإن كثيراً ليُضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين ) وقال سبحانه : ( ومن الناس من يُجادل في الله بغير علم ويتبع كلّ شيطانٍ مريد ) وقال أيضاً : ( ومن الناس من يُجادل في الله بغير علم ولاهدىً ولا كتاب منير ) والجدال في أصله مذمومٌ ولذا قال صلى الله عليه وسلم : " ماضلّ قومٌ بعد هدىً كانوا عليه إلا أوتوا الجدل " ثم قرأ : ( ماضربوه لك إلا جدلا ) أي - عيسى عليه السلام - وفي هذا الحديث يدل على أن الذي يتوغل في الجدل ويُعرض عن النصوص أو يأوّل النصوص أن عنده ضلال قطعاً بنص الحديث ، وكان أهل الجدل من المتكلمين الذين ظهر أوائلهم في أواخر عصر الصحابة رضوان الله عليهم فظهرت المبتدعة والمتكلمين في القدر وأنكر بعضهم الصفات وتناول القرآن والسنة جدلاً ومناظرة فمنهم من تأوّل النصوص بما لايصح تأويلها به ومنهم من أنكرها ، وكان أول من تكلّم بالقدر معبد الجهني وغيلان الدمشقي وظهر بعده الجعد بن درهم الذي يقول بخلق القرآن ونفي الصفات ثم تتابع أناسٌ بعدهم كلٌ يأتي برأي يُخالف منهج السلف ويُناكف به أهل الحق ويشاقق به الله ورسوله والمؤمنون وكما قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاثٌ مهلكات : شحٌ مُطاع وهوى متّبع وإعجاب المرء بنفسه " رواه الطبراني والبزّار بسندٍ جيّد .
وفي حديث أبي برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى " رواه الإمام أحمد في مسنده والطبراني في المعاجم الثلاثة ورُوي عن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : " إن أخوف ماأتخوّف عليكم اثنتان : طول الأمل واتباع الهوى ، فأما طول الأمل فيُنسي الآخرة وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق " .
عباد الله : ومن القول على الله بغير علمٍ واتباع للهوى الفتوى بجهلٍ متعمداً ومستهيناً بهذا العمل ، ولا يحلّ لامرئ أن يُفتي إلا من توافرت فيه شروط الفتوى وكان عالماً بالمسألة التي أفتى بها بدليلها أو تعليلها الفقهي السليم من المناقضة والذي أقرّه أهل العلم ومن شروط الفتوى والإجتهاد مايلي :
* ان يكون عالماً بكتاب الله وبمعانيه وخصوصاً أدلة الأحكام ومايتعلق بها من المسائل الشرعية وماتبني عليه من الأدلة التي تحوي الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيّد وما يكتنف تلك المسائل .
* ومنها أن يكون عالماً بالسنة بشكل عام وما يتعلق بها من روايات مرتبطة وأدلة صحيحة وضعيفة ، وما تقدّم من الأدلة وما تأخر فإن ذلك مما يُبنى عليه الحكم الشرعي علماً أن أدلة السنة واسعة وفيها من التفصيل ماليس في كتاب الله ، وقد ظهر قومٌ يستهينون بالسنة ولا يهتمون بأدلتها أو يقصونها ويكفيهم زجراً قول النبي الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجلٌ شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه " أخرجه أبوداود في سننه .
* ومنها أيضاً أن يكون عالماً باللغة العربية ولسان العرب وذلك لتمييز الحكم الشرعي وإخراج مايُخرجه الخطاب الإلهي أو النبوي وإدخال مايُدخله الخطاب وهذا مهمٌ في استنباط الأحكام .
* وأن يكون عالماً بالإجماع وبمواطن الخلاف والمذاهب والآراء الفقهية لتوضيحها وبيانها وبيان ماينصره الدليل منها لكي يُفتي بها ويُبلّغه لطالب الحق والصواب .
* العلم بمقاصد الشريعة والقواعد الفقهية وأصول الفقه لكي يرد المسائل الجزئية للقواعد الكليّة ويتضح للمستفتي مراد الله وحكمه ويكون المُفتي على قاعدة بيّنة واضحة فلا يموج به الرأي حين ورود المسائل الفقهية ، ويضطرب في الجواب ويُجانب الحق والصواب حين الإستفتاء .
* ومن الشروط أيضاً العلم بأحوال الناس وعُرفهم وهذا ينبني عليه الحكم الشرعي في المسائل التي لادليل عليها صريحٌ واضح والعادة محكّمة كما هي القاعدة المعروفة مالم تكن متعارضة مع شرع الله الحكيم .
عباد الله : شرع الله صالح لكل زمان ومكان وهذه حقيقةٌ مسلّمة لاينكرها إلا من جهل أو تعامى عن الحق ولكن الكثير من المتعالمين أو طلاب العالم يجهلون مايُسمّى بفقه النوازل والتعامل مع المستجدات الحديثة ، فيضطرب ويجهل ماينبغي أن يتكلم به أو يبلّغه للناس حين وقوع النازلة التي ينبغي أن يردّ علمها والإفتاء فيها لذوي الإختصاص من العلماء الذين حرّروا الفقه ودرسوه وتعمّقوا في قواعده وأصوله وكليّاته وجزئياته ، والذين هم أهل الصنعة والديانة فلا ينبغي أن يجتهد رأيه في ذلك وليس مؤهلاً حتى لو كان طالب علم لأنه يعلمُ القليل ويجهل الكثير فيزلّ مزلّة تهوي به في دركات الجحيم ، وكان في منأى لو أنه ردّ العلم لأهله .
عباد الله : هُناك مسائل فقهية قد يُثيرها أعداء الإسلام تهكماً بالإسلام وأهله ، ويطبّل لها أناس من بني جلدتنا ممن يندس في صفوف هذه الأمة ، فإياك أخي المُبارك أن تكون معول هدم بنشر تلك الأباطيل التي لها جواب في كتاب الله أو سنة رسوله أو الحجج العقلية ولكن يجهلها الكثير من الناس لجهلهم ولضعف إيمانهم ومجالستهم ومحاورتهم أولئك الأراذل من الخلق ، والله حذّر من هذا الصنيع حيث قال جل وعلا : ( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذاً مثلُهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ) .
فمن لم يحاورهم بالحجة ويُقارعهم بالحق مع تمكنه من العلم الشرعي المؤصل إن كان ذلك ينفعهم ويطلبون في ذلك الحق وإلا فالواجب عليه أن يتجنبهم ويحذَر ويُحذّر منهم وهذا مادلت عليه الآية وأرشدت إليه وإن لم يفعل فهو مثلُهم فويلٌ له إن لم يتداركه الله بتوبة ورحمة نسأل الله لنا ولكم العافيه والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة وأن يثبتنا على دينه ويقمع أهل الزيع والفساد والعناد إنه جوادٌ كريم ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم . 
============== الخطبة الثانية ===============
الحمدلله الذي يهدي من يشاء بنعمته ورحمته ويُضل من يشاء بعدله وحكمته والصلاة والسلام على المبعوث للعباد بفضل الله ومنّته نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وأهل ملّته صلاة وسلاماً نرجو بها نرجو بها الدخول في شفاعته أما بعد : 
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن للفتوى أثراً على الدين والنفس والفرد والمجتمع وأمن البلاد بشكلٍ عام ، وكل ذلك سببه عدة أمور منها :  
- عدم الرجوع للأئمة الراسخين في العلم وذلك أن من الناس من عنده علمٌ شرعي ومن الممكن أن يُفتيك ويعرف بعض المسائل ولكن ليس من الراسخين في العلم ، فالرسوخ في العلم منزلة أعلى قلّ من ينالها - ياعباد الله - وذلك أنه في زمن الفتنة يُقدم بعض المنتسبين إلى العلم وأهله تنازلات قد تصل إلى التنازل عن مسلّمات في الشريعة وذلك كما يقولون بسبب ضغط الواقع واسترضاء الرأي العام ، فيعزّ عليهم هذا الأمر فيزلّون في هذا الشأن وتكون فتواهم دخيلة ليست متجرّدة لله ورسوله وهنا يأتي دور الراسخين في العلم ويعضُّون على الحق ولو كرههم كل مخلوق ، ومن ثمّ يظهر بعد ذلك للناس فضلهم وعلو منزلتهم بسبب هذه المِحن والإبتلاءات التي مرّوا بها ، ولهذا أهل العلم يقولون كلمتهم المشهورة : " إذا أقبلت الفتنة عرفها العلماء فإذا أدبرت عرفها الدهماء " والدهماء عوام الناس  . 
- وترك المشورة في الأمور المُعضلة سبب من أسباب الإنزلاق في الشرور والمشورة بإمكان كل شخصٍ عاقل لبيب أن يُقدمها ، فليست مثلُ الفتوى التي تختص بعلماء مُختصين . 
- وكذلك الحماس والتسرّع لدى بعض الشباب الذي يجرّه لتجاوز حدود الله عاقبته الندامة وخسارة الدنيا والآخرة وطاقة الشباب معشر الآباء والمصلحين لابد من استثمارها في عمل الخير وصناعة المجد لهذه الأمة فالشباب هم أس نهضتها الذي تقوم به ، فلذا وجب على كل مربٍّ ومسؤول أن يُرشد ويدل كل من تحت يده التوجيه الأمثل فهم أمانة ونعمة ، ولا يجعل هذا الشاب تتلقفه أيدٍ آثمة تورده مالا يُحمد عقباه ويطال الجميع بلواه . 
وختاماً - ياعباد الله - ينبغي أن يحذر العبد من انتقاء الفتوى حين خلاف أهل العلم ، فبعض الناس يتخذ ذلك ذريعة لأن يتخير من أقوالهم مايناسب حاله وهواه ولا يحرص على اتباع من يتبع الدليل منهم ولو أن كل شخصٍ عمل هذا العمل في كل أحواله لاجتمع فيه الشرّ كله ، وذلك أن لكل عالم مهما بلغت منزلته لابد أن يخرج له قولٌ مرجوح في مسألة من فروع المسائل مع أنه على خير ويُصيب في أكثر المسائل - وأبى الله إلا أن يكون الكمال له جلّ وعلا - فيأتي هذا الذي ينتقي من الأقوال مايوافق هواه فيختار هذا القول ويعمل به وينشره ويدعو إليه فيضل ويُضل ، ولذا أجمع العلم على هذه المقولة : " من تتبع الرُخص تزندق " ونقل الإجماع ابن عبدالبر وابن حزم رحمهما الله ، فنسأل الله أن يهدينا سواء السبيل ويقينا شرّ أنفسنا والشيطان في سائر الأحوال فهو المستعان وإليه المآل . . ثم صلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير فقد قال جلّ في علاه : ( إن الله وملائكته يُصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) . . 

الثلاثاء، 15 فبراير 2022

خطبة عن عوائق الطرق والآبار المكشوفة وخطرها وآثارها

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفاً فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : إن من كمال هذا الدين وعدله أن أمر شارعه وهو ربنا جل وعلا بحفظ الأنفس من التلف والإتلاف وكذلك الأموال وجعل حفظ النفوس والأموال من الضروريات الخمس التي أتت بحفظها الشرائع والله جل وعلا بين أن النفوس معصومة وحرّم الله سفك دمها أو التسبب بموتها وإلحاق الضرر بها بأي صورة كانت وتجريم وتعزير من يفعل ذلك ، وليس حفظ النفس واجبٌ على ولي الأمر فقط بل هو واجبٌ وفرضٌ على المجتمع المسلم كلّه ولذا ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " قُتل غلامٌ غيلة وذلك في اليمن - فقال عمر : لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به " وهذا الحديث من إخراج البخاري ، ومن حفظ النفوس - ياعباد الله - إزالة كل عائق يكون بطريق أو مكان يأوي إليه الناس وذلك إبعاداً للضرر عن المسلمين كافة والمصطفى صلى الله عليه وسلم بين أن من شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق ومن إماطة الأذى عن الطريق الإبلاغ للمسؤول المعني بذلك عن كل مايؤذي المسلمين سواءاً كانت شجرة أو حُفرة أو أي نوعٍ من المؤذيات في الطريق إذا كان لايستطيع إزالته بنفسه .
عباد الله : كثُرت في وقتنا هذا الدحول والصدوع والآبار المكشوفة في الأراضي البرية التي تؤذي أو تهلك المتنزهين وذلك لجهلهم بالمكان الذي يرتادونه ، وأكثر مايتعرض لذلك إما الأطفال وإما أصحاب الدراجات النارية ويأتي بدرجة أقل سائقوا السيارات وترك الإبلاغ عن مثل هذه الدحول أو الآبار المكشوفة يُعرض النفوس للهلاك أو الضرر فلذا ينبغي التعاون على البر والتقوى في هذا المجال وقد خصصت له الجهات المسؤولة الرقم 939 لتسهيل عملية الإبلاغ والحل لمثل هذه المخاطر التي تهدد حياة المتنزهين ومرتادي البراري والأودية والشعاب .
عباد الله : ومما يُعيق الطريق ويؤذي المارّة البهائم السائبة التي تُترك بلا رعاية ولا حفظ وهذا يأثم صاحبها إثماً عظيماً إذا فرّط في حفظها وذلك حينما يتسبب بحوادث مُهلكة لقواد المركبات بسبب إهماله هذه البهائم وهو مسؤولٌ عن تفريطه بحفظ هذه البهائم من الإضرار بالمارّة .
عباد الله : في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العجماء جُبار والبئر جُبار والمعدن جُبار وفي الركاز الخُمُس " ومعنى جُبار أي هدر لاضمان فيه وهو نص عام مقيّد بما سيذكر ، وهذا الحديث يتناول البهائم السائبة والآبار المكشوفة ويقول النووي رحمنا الله وإياه : " العجماء جُبار فمحمولٌ إذا ماأتلفت شيء بالنهار أو بالليل بغير تفريط مالكها " وقال الحافظ العراقي : قال مالك والشافعي وأحمد والجمهور : " إنما يجب الضمان على أصحاب البهائم إذا كان ذلك نهاراً ، فأما إذا كان بالليل فإن عليهم حفظُها ، فإذا انفلتت بتقصير منهم وجب عليهم ضمان ماأتلفته ، واستدلوا على ذلك بما رواه أبوداود والنسائي وابن ماجه من رواية الزهري عن حرام بن محيِّصة الأنصاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطاً فأفسدت فيه ، فكلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها ، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها ، وأن على أهل المواشي ماأصابت ماشيتهم بالليل " وهذا الحديث معشر الإخوة يقيّد حديث " العجماء جُبار " فليس معنى الحديث أن ما أتلفت البهيمة غير مضمون في كل حال وإنما من فرّط فيها بالليل فيضمن .
وأما قوله : " والبئر جُبار " أي هدر أي لاضمان على صاحبها إذا كانت في أرضه وسقط فيها إنسان ، وقد بوّب البخاري : " بابٌ من حفر بئراً في أرضه لم يضمن " ويقول النووي أيضاً في قوله : " البئر جُبار " : أنه يحفرها في ملكه أو في موات - أي أرضٍ موات - فيقع فيها إنسانٌ أو غيره ويتلف فلا ضمان ، وكذا لو استأجره لحفرها فوقعت عليه فمات فلا ضمان .
وأما قوله : " والمعدن جُبار " أي أنه لو استأجر للعمل في المعادن والحديد فهلك بسبب ذلك إفلا شيء على من استأجره إذا لك يكن فرّط في ذلك ويؤيد ذلك روايةٌ أوردها الإمام مسلم في صحيحه : " والمعدِن جرحُها جُبار " ويقول ابن حجر صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري : " ويلتحق بالبئر والمعدِن كل أجير على عمل كمن استؤجر على صعود نخلة فسقط منها فمات - أي أنه لايضمن - ردّ الله عنا وعنكم الشرور والمخاطر ووفقنا لكل عمل يرضى به عنّا
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم

=============== الخطبة الثانية ===============
الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - " واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ماكسبت وهم لايظلمون "
عباد الله : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق أن في الركاز الخُمُس والركاز هو أموال مدفونة من عصر الجاهلية وعليها علامة تدل على ذلك وسمّي ركازاً لأنه مركوز وثابت مستقر في الأرض التي وُجد بها .
ويجب إخراج الخمُس لبيت مال المسلمين والباقي لواجده ، ولا يدخل في الركاز المعادن الموجودة في باطن الأرض كالذهب والفضة والنحاس وغيرها ، ولا يدخل في الركاز ماعليه علامة للمسلمين أو لدولة إسلامية بائدة فإن هذا يسميه الفُقهاء لُقَطة يملكها صاحبُها إذا تقادم عهدها وإن كانت حديثة فيجب تعريفُها والبحث عن أصحابها عاماً كاملاً فإن لم يجدْ صاحبَها ملكَها من وجدها على أن يردها لصاحبها إن وجده فيما بعد ، وقد جاء في الموسوعة الفقهيّة : " أن لا خلاف بين الفُقهاء في أنّ دفين أهل الإسلام لُقطة ، وقال ابن قُدامة في المغني : " وإن كان على بعضه - أي الركاز أو اللقطة - علامة الإسلام وعلى بعضه علامة الكفر فكذلك - أي لُقطة - لأن الظاهر أنه صار إلى مسلم ولم يُعلم زواله عن مِلكِ المسلمين ، فأشبه مالو كان على جميعه علامة المسلمين " وذكر في الموسوعة أيضاً أن قول ابن قدامة هذا هو قول بقيّة الفقهاء وليس الحنابلة وحدهم ، ومن اشترى أرضاً ووجد فيها ركازاً من دفن الجاهلية فالصحيح أنه لمن اشترى الأرض أو وُهبت له وهو مذهب الإمام احمد في رواية وبعض المالكية لأن الرّكاز لايُملك بمُلك الأرض وإنما يُملك بالظهور عليه " .
ومن وجد ركازاً في بلد غير إسلامي فإن الخُمُس يوزعه على الفقراء والمحتاجين ولا يعطيه لحكومة الدولة الكافرة كما ذكر ابن باز رحمه الله ، وهذا النصيب من الزكاة ( أي الخُمس ) هوخاصٌ بالركاز وكذلك الغنائم في الحروب ونصيب الزكاة المشتهر في الأموال هو ربع العشر كما تعلمون إلا ماكان في الخارج من الأرض فما سُقي منه بمؤونة وكُلفة نصف العشر وما سُقي بلا مؤونة ولا كُلفة العشرُ منه ، فاللهم أعنا على طاعتك ومرضاتك في كل أحوالنا وأعنا على أمور ديننا ودنيانا إنك أنت المستعان وعليك التكلان . . ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عزّ من قائل عليما : ( إن الله وملائكته يُصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) . . 

الأربعاء، 2 فبراير 2022

خطبة عن فضل الصحابة رضوان الله عليهم

 الحمدلله الذي أرسل رسوله بالهدى والبينات والفُرقان إلى الثقلين الإنس والجان ، أحمده سبحانه وهو العزيز المنّان وأصلي وأُسلم على النبي المختار صلاة وسلاماً دائمين دائبين على مرّ الزمان وعلى صحبه وحزبه أهل الفضل والعرفان الذين ساروا على نهجه حتى فارقوا الأهل والخلاّن ، وبذلوا في حياتهم المُهَج والأبدان وجاهدوا في الله مع نبيه أهل الكفر والعصيان حتى علت راية التوحيد على سائر الأوطان والبلدان وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين بإحسان أزكى الصلاة والتحايا من رب البرايا  أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .

عباد الله : على مرّ العصور كان لكل نبي أصحابٌ يأخذون عنه شرع الله ويطبقون وصاياه ويستنون بسنته ويهتدون بهديه فكان لموسى عليه السلام أصحابٌ ولعيسى حواريون مقرّبون ولمحمد صلى الله عليه وسلم أصحابٌ أجلاّء وهم خير أصحاب الأنبياء على الإطلاق ، وقد جرى على جميع صحب الرسل الإبتلاء فجرى أصحاب موسى أنه أمرهم ذات مرّة أن يدخلوا الأرض المقدسة وهي أرض فلسطين اليوم فأبوا بحجّة أن فيها قوماً جبّارين وكان يحكمها  رجال من الحيثانيين والكنعانيين  والفزريين كما ورد في المراجع وقال رجلان منهم وهم يوشع بن نون وكلاب بن يافنا ( ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون * وعلى الله فتاوكلوا إن كنتم مؤمنين ) فأبوا أن يدخلوها وقالوا كلمتهم لموسى ( إنا لن ندخلها أبداً مادموا فيها فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) وحرّم الله دخولها عليهم أربعين سنة كما ورد في كتاب الله ، ومات موسى عليه السلام على حدود أرض فلسطين عليه السلام ومات جلّ أصحابه في أرض التيه في سيناء إلا هذان الرجلان منهم فدخلوها منتصرين فيما بعد وقد قيل أن يوشع بن نون وهو نبي من أنباء بني اسرائيل  سأل الله أن تُحبس له الشمس لكي يدخل الأرض المقدسة فاتحاً منتصراً بمن معه فأجيب لذلك وقد ورد في السنة أن الشمس لم تُحبس لنبي إلا له ، ولايوجد نبي يشبه نبياً قط في جهاده ودعوته كما يُشبه موسى نبيَّنا محمداً صلى الله عليه وسلم فيشبهه في الجهاد لأعداء الدين عامّة وفي جهاد قومه خاصّة ويُشبهه بكثرة الأتباع وأنزلت التوراة كتاب في أحكامٌ وتشريع وكذلك القرآن أعمّ وأشمل وأما عيسى فلم يجاهد حتى رُفع عليه الصلاة والسلام وسيرجع يجاهد أعداء الدين في آخر الزمان . 

عباد الله : وجرى على أصحابه الإبتلاء وابتلوا في إيمانهم لمّا رأى عيسى عليه الصلاة والسلام كفر بني إسرائيل حيث ييقول جلّ وعلا : ( فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنّا مسلمون )  ولما رُفع عيسى عليه السلام وألقي شبهه على بعض أصحابه فأمسك به اليهود وقتلوه وصلبوه ثم عدوا على أصحابه فيما بعد فعذبوهم وأورد ذلك ابن الجوزي رحمنا الله وإياه في كتبه : " المنتظم في تاريخ الملوك والأمم " ونسبه لابن إسحاق وهو محمد بن اسحاق المدني الذي توفي في منصف القرن الثاني الهجري  .

وأما أصحاب نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم فهم من أشدّ الناس بلاءاً وذلك لمحبة الله لهم ولسابقتهم لهذا الدين ولقوة إيمانهم وصبرهم وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل ؟ أي الناس أشد بلاءاً قال : " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، فيُبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقّة ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ماعليه خطيئة " أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه . 

فهاهو أبوبكر رضي الله عنه يضرب حتى يسيل الدم على وجهه وضُرب عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأوذي من أجل ترك الإسلام والرجوع إلى الشرك فأبى وهاهو عمار يعذبه المشركون هو وأبوه وأمه رضي الله عنهم أجمعين فلا يصده ذلك عن دين الله وكان يسميه النبي صلى الله عليه وسلم بالطيّب المُطيّب وهاهو بلال رضي الله عنه  يُعذّب في بطحاء مكة ويفرش جسده في الظهيرة ويُلقى على صدره صخرة عظيمة فيأبى أن يرجع عن الإسلام ويقول أحدٌ أحد رضي الله عنه وكذلك وخباب بن الأرتّ وسلمان الفارسي وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم والذين منهم لم يتعرض للتعذيب في السِّلم تعرّض للتعذيب في الحروب ، كما جرى لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة فقد قُطعت يمينه وشماله ولم يتوانى بحمل الراية حتى سقط شهيداً وكذلك قُتل فيها زيد بن حارثة وكذلك عبدالله بن رواحة رضي الله عنهم أجمعين هكذا كانوا في المعارك سواء مع النبي صلى الله عليه وسلم في معاركه مع المشركين أو حين يبعثهم سرايا وغُزاة فكانوا يُبلون بلاءاً حسناً ويُقدمون ويبذلون الغالي والنفيس من أجل نصرة هذا الدين ورفع كلمة الله في كل بلد ووطن يطؤونه . 

عباد الله : فضل الصحابة على هذه الأمة عظيم وأجل من أن يُحصر وحفظهم للسنة وبذلهم للعلم وتعليمهم للناس وجهادهم بكل مايملكون من قولٍ أو عمل يفوق الوصف والتعبير ، ولذا كانوا أئمة في الدين ومشكاة هدى ومشاعل نورٍ وهداية بداية بالخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتمسك الناس بسنتهم بعد سنّته عليه الصلاة والسلام فقال : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ " ومروراً بسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وقد روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : " اقتدوا بالّذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد عبدالله بن مسعود " وفي رواية : " وماحدثكم ابن مسعودٍ فصدقوه " وأما قوله وتمسكوا بعهد ابن مسعود أي بما يوصيكم به وينصحكم بفعله رضي الله عنهم وعنّا أجمعين أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم . 

=========== الخطبة الثانية ===========

الحمدلله الذي بيده الفضل والإحسان أحمده وهو اللطيف المنّان وأصلي وأسلم على المبعوث بالكتاب المنزّل والتبيان وعلى آله وصحبه أولي المكارم والعرفان ومن تبعهم إلى يوم الدين بإحسان أما بعد : 

فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن الله جلّ وعلا امتدح صحابة نبيه وقد ذكر لهم مثلاً مشرّفاً  في التوراة والإنجيل فامتدحهم في الكتب المنزلة رضوان الله عليهم أجمعين وبين أن من كره أعيانهم فهو كافرٌ كما قال الله تعالى في كتابه : ( محمدٌ رسول الله والذين معه أشدّاء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركّعاً سُجداً يبغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كرزع ٍ أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذي آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما ) ولذا قال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله وإيانا أجمعين : " من أصبح في قلبه غيظ على أحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية . 

عباد الله : معرفة حق الصحابة والترضي عنهم والدعاء لهم نهجٌ أمر الله به عباده في كتابه حيث قال جل وعلا : ( والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيم ) فهم قومٌ رضي الله عنهم كما قال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم )  ومن أشد ماوري في فضل الصحابة رضوان الله عليهم ماأخرجه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه ( فضائل الصحابة ) عن عبدالله بن مُغفّل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله الله في أصحابي ، لاتتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل ، ومن آذى لله يوشك أن يأخذه " وكذلك حديثٌ أخرجه الطبراني ورواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سبّ أصحابي فعليه لعنه الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين " وهذا الحديث يصححه بعض أهل العلم وقد ورد بألفاظ كثيرة . 

عباد الله : الإطلاع في سيرة الصحابة ومن تبعهم من أخيار هذه الأمة يزيد في الإيمان والصبر ويجعل العبد يحذو حذوهم ويجاهد نفسه كجهادهم لأنفسهم ويسلّي العبد فيما يصيبه من بلوى ومشقة في هذه الحياة ليصعد في درجات الإيمان عند الله بصبره وعزيمته فكم من موقف لصحابي أو تابعي من السلف كان له تأثير كبير على من أتى بعدهم من الخلف وكل ذلك لايُنال إلا بالإخلاص والصدق مع الله في أحوال العبد كلّها جعلني وإياكم من عباده الصادقين المخلصين ومن حزبه المفلحين وأولياءه المتقين ، ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاو والسلام عليه . .


خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...