مدونة تدون فيها خطب عصرية عامة تفيد الخطباء وتنشر محتوى في الشبكة يستفيد منه الجميع ، وعلى مذهب أهل السنة والجماعة وبكل فخر . أعدها للخطباء : فاعل خير عفا الله عنه ، ويطلب من المتصفحين والقراء الدعاء له ولوالديه وذريته
الأحد، 30 أكتوبر 2022
خطبة عن الشفاعة وأهميتها ولمن تكون ؟ ومن تنفع ؟
الخميس، 20 أكتوبر 2022
خطبة عن الصيد والقنص
الحمدلله الذي منّ على عباده بالطيبات من الرزق ، أحمده وهو الجواد الحق ، وأصلي وأسلم على من بعثه الله بالإخلاص والصدق ، نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات والتسليم عدد قطرات الودق ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : الله جل وعلا أمر بالأكل من الطيبات فقال جل وعلا : ( ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم ) . . " الحديث وهذا يدلل على إباحة الأكل من الطيبات ووجوب اجتناب المحرمات والخبائث من المشروبات والمأكولات ، ومن أوصاف نبينا النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته أنه يُحل لأمته ولأهل الكتاب الطيبات ويُحرّم عليهم الخبائث كما ورد في كتاب الله جل وعلا ، ومن الكسب الطيب مايكسبه المرء بالصيد سواءاً كان ذلك الصيد بالبنادق أو الصقور أو الكلاب - أكرمكم الله - أو السهام ونحوها ، ولكن يجب أن يعرف العبد من أحكام الصيد مايُبيح ذلك الطير أو الحيوان المصطاد ، وفي شأن الصيد وإباحته يقول الحق تبارك وتعالى : ( يسألونك ماذا أحل ّ لهم قل أحلّ لكم الطيباتُ وماعلّمتم من الجوارح مكلّبين تعلمونهن مما علّمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب ) .
عباد الله : الجوارح في الصيد كل حيوانٍ وطير مُعلّم حتى لو كان ذا ناب كالأسد والنمِر والفهد فليس مقصوراً على الصقور والكلاب ونحوها فقط ، ولكي يُباح الصيد بالجوارح المُعلّمة يُشترط في ذلك شروط منها : أن يكون مُعلّماً وهذا بالإتفاق والإجماع بين العلماء وكذلك أن لايكون الحيوان المُرسل صاد لنفسه فلو صاد لنفسه فلا يحل الأكل من ذلك الحيوان أو الطير المصيد وكذلك أن يجرح الصيد الحيوان في أي موضع فينهر الدم وأما إن كان اصطاده بعض أو صدم ٍ فمات فلايحل أكله ، وهذا الشرط يُشترط في آلة الصيد أيضاً ، فلو رمى مِعراضاً وهي - خشبة يُصطاد بها - رماها فأصابت بعرضها ولم تُنهر الدم لم يُبح ، وكذلك أن يُسمّي عند الإرسال والتسمية واجبة فلا تسقط ، وكذلك أن يكون مُرسل الصيد مسلماً لايُشاركه في جارحته إلا مسلم مثلُه ، فلو شاركه في جارحته أو كلبه وثني أياً كان جنسه فإنه يحرم أخذاً بقاعدة : ( إذا اجتمع الحلال والحرام غُلّب الحرام ) وأن لايقعُد مدة طويلة عن طلب الصيد حين وقوع الإصطياد لأنه لايدري حينها فرُبما الجارحة أكلت منه وهو لايعلم ، ولو قطعت الجارحة عضواً من الحيوان المصيد وهو حي فإن العضو المنفصل المُبان من ذلك الحيوان يحرُم أكله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ماقُطع من البهيمة وهي حيّة فهي ميْتَة " رواه أبو داود وصححه الألباني . وبالنسبة لصيد الصبي غير المميز أو الصبي المجنون فلا يحل الأكل من صيده وهو قول جماهير أهل العلم وذلك لأن الصبي غير العاقل أو غير المميز ليس من أهل الذكاة أصلاً وبالنسبة للحيوان المصيد يشترط أن يكون حلال اللحم فلا يحل صيد المحرّم من الحيوان كالخنازير البرية أو الحيوانات المفترسة من أجل أكلها ، وكذلك أن يكون الحيوان المَصيد متوحش أصلاً أي بأصل خلقته فلا يُمكن التحصل عليه إلا بحيلة وهي الصيد وأما الحيوانات الأهليه المملوكة فلا يحل صيدها ، وأن لايكون من صيد الحرم ، فالصيد الذي يعيش في حرم مكة والمدينة محرّم اصطياده على المُحل والمُحرم .
عباد الله : أجمع حديث ورد عن النبي صلى الله في أحكام الصيد حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه حيث قال : قلت يارسول الله ، إني أرسل الكلاب المُعلّمة فيُمسكن علي وأذكر اسم الله ؟ فقال - أي النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أرسلت كلبك المعلّم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك " قلتُ : وإن قتلن ؟ قال : " وإن قتلن مالم يشْرَكُها كلبٌ ليس منها " قلتُ : فإني أرمي بالمِعراض الصيد فأصيب ؟ فقال : " إذا رميت بالمعراض فخَزَق - أي شق ونفذ وأنهر الدم - فكلْه ، وإن أصابه بعرضٍ فلا تأكُله " وحديث الشعبي عن عدي نحوه وفيه : " إلا أن يأكل الكلب فإن أكل فلا تأكل ، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه ، وإن خالطها كلابٌ من غيرها فلا تأكل ، فإنما سمّيت على كلبك ولم تُسمّ على غيره " وفيه : " إذا أرسلت كلبك المُكلّب فاذكر اسم الله ، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه ، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكُلْه ، فإن أخْذَ الكلب ذكاتُه " وفيه أيضاً : " إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله " وفيه : " فإن غاب عنك يوماً أو يومين - وفي رواية : اليومين والثلاثة - فلم تجد فيه إلا أثر سهمك ، فكلْ إن شئت ، فإن وجدْتَه غريقاً في الماء فلا تأكل ، فإنك لاتدري ، الماءُ قتلَه أو سهمك " متفق عليه ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .============== الخطبة الثانية ===============
الحمدلله الذي هدى لدينه وأكرم ، ورزق من واسع فضله وأنعم ، والصلاة والسلام على النبي المكرّم الذي دل على سبيل ربه وأعلم ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى من تبعهم بإحسان ومن بالله آمن واعتصم أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن ماقيل في الجوارح من وجوب التسمية قبل إطلاق الجارحة وصيدها وكذلك كونه ينهر الدم ويخرق فإن ذلك يقال كذلك في مايُصاد بالآلات النارية كالبندقية مثلاً وقد أجاز أهل العلم الصيد بها ولكن يجب ذكر اسم الله عند إطلاق الطلقة من البندقية وليس عند إدخالها والعلة في ذلك أنك ربما أدخلتها ومكثت وقتاً لم تصدْ فكأنك لم تسمّ على مااصطدته من صيد ولذا لمّا سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذه المسألة قال : " الواجب ذكرُ اسم الله عند الرمي ولا يكفي ذكر ذلك عند إدخال الطلقة في البُندقيّة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله " متفق على صحته من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه واللفظ لمُسلم " انتهى كلامه وقد تقدّم أنك إذا أدركت الصيد به حياة مستقرة فإنك تسمي الله وتذبحه لأن من شروط حل الصيد أن يموت من أثر فعل الصيد ، وإذا كان حينها لم يمُت فهنا وُجدت حياة مستقرة فمن لم يسم الله ويذبحه الذبح الشرعي فإنه لايحل له ، فلا بد من موت الحيوان المصيد من أثر فعل الصيد وهذا ينبغي أن يتنبه له الصائد .
عباد الله : من الأدوات المحرمة التي لايجوز أن تُستخدم في الذبح السن والظفُر وذلك لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظُفُر ، أما السن فعظم وأما الظُفُر فمُدى الحبشة " وبناءاً على هذا الحديث فلا يجوز الذبح بالعظام ولا استخدام الأظفار للذبح وذلك بتطويلها لتكون أداة لذبح الطيور الصغيرة كما يفعل الأحباش الوثنيون .
عباد الله : لايجوز اتخاذُ أرواحِ الحيوان غرضاً يُرمى بأي حال كأن يضع حمامة مثلاً ويتراماها رُماة عدّة ، فمن فعل ذلك فهو مستوجب للعن ففي حديث ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم رحمه الله أنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً " نسأل الله العافية من كبائر الذنوب وصغارها ، وشرور المعاصي وآثارها وأن يجنبنا الجهل والضلال ، فهو المسؤول في كل حين وإليه الإنابة والمآل . . ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل عليما : ( إن الله وملائكته يُصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
الأربعاء، 19 أكتوبر 2022
خطبة عن كلام الله وصفة الكلام
عباد الله : من صفات الله جل وعلا والتي هي صفة كمال وجلال هي صفة الكلام ، فالله سبحانه الذي عظُمت أسمائه وجلّت صفاته يتكلم بكلام مسموع بحرف ٍوصوت بطريقة لاندركها ولا نعلمها سبحانه وتعالى ، وقد كلّم موسى عليه الصلاة والسلام بدليل قوله تعالى : ( وكلّم الله موسى تكليما ) أثبت سبحانه وتعالى بأن هذا القرآن كلامه فقال جل وعلا : ( وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه . . ) الآية وقال في شأن اليهود : ( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه وهم يعلمون ) الآية وهذا مذهب الفرقة الناجية لا كما يقول الأشاعرة أن القرآن عندهم معنى قائم بذاته عبارة عن كلام الله ليس حرفاً ولا صوتاً ويقولون عنه بأنه مخلوق وأما المعتزله فهم يثبتون كلام الله بالقرآن حقيقة ولكنهم يقولون عنه بأنه مخلوق وكلا الطائفتين على ضلال فكلام الله منزلٌ غير مخلوق وكلام الله تكلم به بحرف وصوت وليس عبارة ولا حكاية عن كلام الله ونثبت لفظه ومعناه من الله كله ، وما سوى ذلك فهو ليس على طريق الحق الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسبب الضلال لهذه الطوائف التي تدعي أنها على الحق - ياعباد الله - هو أن الإثبات لصفة الكلام لله بهذه الطريقة يعني تشبيه الله بخلقه وليس الأمر كما يعتقدون فإثبات الصفات لله لايقتضي التشبيه ومن اعتقد ذلك فعنده سوء فهم وقصور في الإدراك فهل صوت الناس يشبه بعضه بعضاً وهل صوت الحيوان يُشبه الإنسان ولله المثل الأعلى والوصف الأكمل والصفات الحسنى والأجمل ولكن الأمر كله هداية وتوفيق من الله وإقصاء للعقل في مقابل النص فلا يؤخذ بما تجيزه العقول في مقابل النص الشرعي وما ضل من ضلّ في المسائل العقدية خاصّة إلا بسبب تقديم العقول القاصرة على النصوص الظاهرة ، ومن عوفي من الإنحراف في المسائل العقدية فليحمد الله على العافية وعلى عدم الخوض في ذلك إلا ببرهان وبينة واتباع للدليل ، والمؤمن يدور مع الدليل ويتبع نهج النبي الجليل وأصحابه في الإثبات والنفي والتعليل ، وبهذا يسلم من زلة القدم في مثل تلك المسائل والقول على الله ورسوله بغير علم : ( قل إنما حرم الفواحش ماظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم يُنزّل به سُلطاناً وأن تقولوا على الله مالاتعلمون ) .
عباد الله : ربنا جل وعلا سيُكلم عباده في الآخرة وبين في كتابه عن أقوام من أصحاب الموبقات أنه لن يكلمهم الله في الآخرة وذكر منهم الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب وكذلك الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً من متاع الدنيا الزائلة فقال جل شأنه :
( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك مايأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يُزكّيهم ولهم عذابٌ أليم ) وقال سبحانه : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولا يُكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يُزكيهم ولهم عذابٌ أليم ) وذكر المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح فقال : " مامنكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه تُرجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ماقدم ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ماقدّم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) رواه البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه .
وهذا دلالة واضحة على صفة الكلام التي يتحدث بها الله جل وعلا مع عباده بكلام مفهوم بصوت وحرف ، فمن أنكر مثل هذه النصوص الصريحة الواضحة ففي قلبه مرضٌ ومصيره دار البوار إن لم يتداركه الله بتوبة قبل الموت ، فاللهم أحينا على نهج القرآن والسنة وتوفنا عليهما ياذا الفضل والمنّة ، واجعل مثوانا أعلى الدرجات في الجنة ياذا الجلال والإكرام ، أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
================ الخطبة الثانية ================
الحمدلله ذي الأسماء الحسنى والصفات العُلى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى وآله وأصحابه أولي الفضل والنهى ، ومن على نهجهم اقتفى وسلك سبيلهم واهتدى ، ثم أما بعد :
عباد الله : من كمال نعيم الله على عباده في الجنة كلامه لهم ، ورؤيتهم إياه جل جلاله فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : ياأهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ، فيقولون : ومالنا لانرضى وقد أعطيتنا مالم تُعطِ أحداً من خلقك ، فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ قالوا : يارب وأيُ شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أُحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ، وروى مسلم عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال : يقول الله تبارك وتعالى : " تريدون شيئاً أزيدكم " فيقولون : " ألم تُبيّض وجوهنا ، ألم تُدخلْنا الجنة وتنجنا من النار ! قال : فيُكشف الحجاب ، فما أُعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل .
عباد الله : كلام الله لايتبدل ولا يتغيّر فليس مثل كلام البشر القابل للتغيير والإزالة ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فمن ذلك ماورد في وعد الله وكرامته لأولياءه المتقين ( ألا إن أولياء الله لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لاتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) وفي المقابل من حق عليه القول من الأشقياء - نسأل الله العافية - فسوف تدركه كلمة الله النافذة التي حقت على من قبله من الأشقياء والكفار : ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) ويُقال لهم وللشياطين من قرنائهم : ( لاتختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * مايبدل القول لدي وما أنا بظلامٍ للعبيد ) .
الأربعاء، 12 أكتوبر 2022
خطبة عن تفسير سورة الهمزة
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غُلفاً فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون )( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ثم اعلموا أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : الهمز واللمز وصفان ذميمان وخُلقان مقيتان مستنكران ومستبشعان توعد الله صاحبهما بالويل والثبور ووصف الله صاحبهما بالظلم والفسق والفجور وتوّعد من لم يتب منهما بسوء المصير ، فقال الله عز وجل في سورة الهُمَزة - والتي هي من السور المكية متقدمة النزول - ( ويلٌ لكل هُمَزة لُمزة * الذي جمع مالاً وعدّده * يحسب أن ماله أخلده * كلا ليُنبذنّ في الحُطمة * وما أدراك ماالحُطمة * نار الله المُوقدة * التي تطّلع على الأفئدة * إنها عليهم مُؤصدة * في عمدٍ ممدّدة ) وقال جل وعلا : ( الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات والذين لايجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذابٌ أليم * استغفر لهم أو لاتسستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لايهدي القوم الفاسقين ) وقد اختلف أهل العلم وأهل اللغة في معنى الهمز واللمز فقال بعضهم : الهمز بالقول واللمز بالفعل وقيل اللمز بالوجه واللمز في حال الغَيْبة ، وقيل : الهُمزة اللُمزة الطعان العياب الذي يعيب الناس والغالب أن الهمز يكون بالفعل واللمز يكون بالقول بدليل الآية السابقة : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات . . . . ) وكذلك قوله : ( هماز مشاء بنميم ) ففي الآية الأولى روي عن ابن عباس أنه قال فيها مامضمونه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس يوماً فنادى فيهم : ان اجمعوا صدقاتكم ، فجمع صدقاتُهم ، ثم جاء رجل من آخرهم بمنٍّ من تمر فقال : يارسول الله هذا صاعٌ من تمر ، بتُّ ليلتي أجرّ بالجرير الماء ، حتى نلتُ صاعين من تمر فأمسكتُ أحمدهما وأتيتك بالآخر ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينثُره في الصدقات ، فسخر منه رجالٌ وقالوا : والله إن الله ورسوله لغنيان عن هذا ، وما يصنعان بصاعك من شيء ، ثم إن عبدالرحمن بن عوف رجلٌ من قريش من بني زُهرة ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل بقي من أحد من اهل هذه الصدقات ، فقال : " لا " ، فقال عبدالرحمن بن عوف إن عندي مائة أوقية من ذهب في الصدقات ، فقال له : " أمجنون أنت " فقال : " ليس بي جنون " فقال : " فعلمنا ماقلت " ، فقال : نعم ، مالي ثمانية آلاف ، أما أربعة آلاف فأُقرضها ربي ، وأما أربعة آلاف فلي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بارك الله لك فيما أمسكت ، وفيما اعطيت ، وكره المنافقون فقالوا ، والله ماأعطى عبدالرحمن عطيته إلا رياءاً وهم كاذبون إنما كان به متطوعاً ، فأنزل الله عذره وعذر صاحبه المسكين الذي جاء بالصاع من التمر ، فقال الله في كتابه : " الذين يلمزون المطوعين . . " الآية وأما قوله تعالى : ( همّاز مشاء بنميم ) فهو الوليد بن المغيره وقيل غيره وهو أهل عداوة وعدوان لدين الله .
عباد الله : نهى الله عن العدوان بالهمز واللمز وبين أنهما من صفات المنافقين الذين يفسدون في الأرض ولا يُصلحون والنهي للمؤمنين جليٌ واضح وصريح في قوله : ( ياأيها الذين آمنوا لايسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساء عسى أن يكنّ خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) ويعود اللمز في أصله لاحتقار من اللامز لمن يلمز وسخرية منه وكره ، فالسخرية تجر إلى اللمز واللمز قد يجر إلى التعدى والعدوان ، وإذا كان الإعتداء والتعدي سُجلت على العبد حق مظلوم سيوفيه العبد طال به الزمان أو قصُر في الدنيا أو في الآخرة ولذا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " المستبان ماقالا فعلى البادئ مالم يعتدِ المظلوم " أخرجه مسلم .
عباد الله : حين يصدر اللمز والسب من الإنسان فإن الشياطين تتخذ ذلك المجلس الذي لايُذكر فيه اسم الله ، ويُذكر فيه معائب الناس وعوراتهم محتضراً لهم ومكاناً يأوون فيه ، وإذا كانت هناك خصومة وسباب ، كان المستبان شيطانان كما ورد في حديث عياض رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان " أخرجه الإمام احمد وابن حبان ، والهتْرُ هو قول الباطل والزور ، وتلك استعارة لأن الشيطان يدفعهما دفعاً شديداً للكذب وقول السوء وقبيح الأقوال ، لتمكنه منهما حال الغضب وكذلك حال الإنسان حين الغضب الذي يجب أن يجتنبه ويدفعه عن نفسه ويتعوذ حينها من الشيطان الرجيم ، وإن عدوان الإنسان على عرض أخيه كبيرة كأكل الربا وفي الحديث الذي اخرجه أبوداوود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكبر الكبائر عرض الرجل المسلم والسُبّتان بالسُبّة " وورد في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السُبتان بالسبة ربا " فمن ابتُلي بمثل ذلك فأفضل الأحوال أن تُعرض عن ذلك الجاهل الذي نال منك بقبيح قوله امتثالاً لقول الله تعالى : " خذ العفو وأمُر بالعُرف وأعرض عن الجاهلين " ، ومن ابتُلي فلا يزد في الرد عن ماقاله البادئ فإن ذلك تجاوز لحدود الله ورباً في الأعراض سيجني عاقبة قوله أجارنا الله وإياكم من سيء الأقوال والأفعال وسوء المآل .
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي رحيمٌ ودود .
============== الخطبة الثانية ===============
الحمدلله الكريم المتعال ، ذو العزة والجلال والصلاة والسلام على نبينا محمد ، الذي جعله الله للناس خير مثال صلى الله عليه وعلى الصحب والآل ومن تبعه بإحسان إلى يوم المآل أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - واحرصوا - رحمكم الله - على صون ألسنتكم عما حرم الله من سيء الكلام والأقوال وتذكروا قول الحق تبارك وتعالى : ( مايلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد ) وقول الله تعالى : ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجُلهم بما كانوا يعملون ) فالمؤمن يحفظ لسانه ويكف لسانه عن الخوض في أعراض الناس كافّة وليحذر من اتهام الناس تماشياً مع الظن ورمي الكلام حدساً وجزافاً ، فإنه ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال في مؤمن ماليس فيه ، أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال " أخرجه أبوداود من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه ، وردغة الخبال : هو عصرة أهل النار - قيحهم وصديدهم - فنعوذ بالله من سوء المصير وحال أهل السعير .
وفي حادثة الإفك يقول الحق تبارك وتعالى محذراً بعضُ أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم وواعظاً لهم : ( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ماليس لكم به عمل وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم مايكون لنا ان نتكلّم بهذا سُبحانك هذا بُهتانٌ عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين * ويُبين الله لكم الآيات والله عليمٌ حكيم )
وهناك علاجٌ نبوي يُعالج يدرأ الإعتداء والإستطالة على الغير والهمز واللمز والسباب والظلم وهو كما قال المصطفى عليه السلام : " إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لايفخر أحدٌ على أحدٌ ولا يبغي أحدٌ على أحد " أخرجه الإمام مسلم رحمه الله وإيانا أجمعين ، ويشهد لذلك كتاب الله حيث يقول جلا وعلا لنبيه : ( واخفض جناحك للمؤمنين ) وكذلك : ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) فالتواضع هو العلاج لكبرياء النفس والتعالي على الآخرين وهو خلقٌ رفيع ، وما تواضع عبدٌ لله إلا رفعه ) كما ورد عن المصطفى عليه الصلاة والسلام . . ثم صلوا وسلموا
خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها
الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...
-
الحمدلله الذي الذي خلق الخلائق من عدم وأكرم عباده بالنعم وأسبغ عليهم من وافر الكرم وأبان لهم طريق الثبات والقيم والصلاة والسلام على النبي ال...
-
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و...
-
الحمدلله ولي المؤمنين وقاهر العباد أجمعين والصلاة والسلام على النبي الأمين الذي أنار درب السالكين وأبان سبل الغواية للحائرين ودل أمته على ...