الخميس، 8 أبريل 2021

خطبة عن استقبال رمضان والإجتهاد فيه

الحمدلله الذي من على عباده بمواسم الخيرات وحثهم على الإجتهاد فيه لنيل الدرجات ووفق من يشاء لنيل المكرمات ، وأشهد أن لاإله إلا الله رب الأرض والسماوات وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالنور والبينات إلى كل البريّات عليه وعلى آله وصحبه أزكى التسليم والصلوات أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس ٍواحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )
عباد الله : من نعمة الله على العباد منته عليهم بإدراك مواسم فاضلة تُضاعف فيها الأعمال والأجور ويُزلفهم الله بأعمالهم قربى إليه ودرجاتٍ رفيعة لديه ويغفر لهم ويعتقهم في تلك الأزمنة من النار وهانحن ياعباد الله نستقبل شهر رمضان الذي فضله الله على سائر الشهور بنزول القرآن وفضله الله بمضاعفة الحسنات ومغفرة الذنوب والسيئات على مافيه من هداية الناس لما ينفعهم ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّةٌ من أيام أُخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون )  . 
شهرٌ يبدأ فيه الخير من أول ليلة والخير في كل ليلة فقد روى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:ٍ (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، ويَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ )
عباد الله : الصيام له منافع عظيمة للأجساد ومنافع للأرواح فمن منافع الجسد أنه يبعد الإنسان عن الأسقام والآفات ويُعالج الكثير من الأمراض ويريح المعدة ويعالج أمراض الدم وغيرها وفي المقابل منافعه للروح أنه يربّي المسلم على الصبر والإحتساب ويكسر حدة الشهوة ويذكّر بحال الفقير والمسكين ويُرضي الرب سبحانه ، ويحوز المسلم من وراءه أعظم الأجور وينال المغفرة والشفاعة وفي الحديث : " عليك بالصوم فإنه لاعدل له " وفي رواية : " فإنه لامثل له ".
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .
وروى البخاري ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
وروى أحمد في مسنده، بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: 
{ الصيام والقرآن يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَا } .
عباد الله : شهر رمضان فرصة عظيمة لتصحيح المسار والتوبة والإستغفار من الآثام والأوزار فيا أسيرَ المعاصي، يا سجينَ الشهوات ، هذا شهرٌ يُفَكّ فيه العاني، ويعتَق فيه الجاني، ويتجَاوَز فيه عن العاصي، فبادِر الفرصَة قبل حلول الآجال ، وانقطاع الأعمال ، وانتهز فُرص الفراغ قبل وقت الأشغال ، ولا تكن ممّن أبى، وخرج رمضان ولم ينَل فيه الغفرانَ والمُنى والرضا ، صعد رسول الله المنبَر فقال: ((آمينَ آمينَ آمين))، فقيل: يا رسول الله، إنّك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين!! فقال : ((إنّ جبريل عليه السلام أتاني فقال: مَن أدرك شهرَ رمضانَ فلم يُغفَر له فدخَل النار فأبعَده الله قل: آمين، قلت: آمين)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان .
عباد الله : تنظيم الأوقات مع حلول الشهر الكريم أمرٌ مطلوب وواجب لمن يقصرّ في الصلاة أو ينام عنها ، ويأثم من يتعمّد النوم عن الصلاة ، وفتوى أهل العلم أن من تعمّد النوم عن الصلاة حتى خرج وقتُها كصلاة الظهر مثلاً فإنه يكفر بذلك فهو كمن يضبط المنبه على وقت العمل والدوام ولا يضبطه على وقت الصلاة فالأمر في ذلك خطير وليس بالهيّن فلا تغتر - ياعبدالله - بإمهال الله لك ، واتق الله بحفاظك على الصلاة المفروضة مع جماعة المسلمين في المسجد وتأمل كيف يستقيم صيامُ عبدٍ قصّر في الصلاة أو تركها حتى خرج وقتُها ، واعلم أنك إن جاهدت نفسك في هذا السبيل حتى تستقيمُ لك فأنت من خير الناس وإلا كنت من شرّهم  ومن عالج السهر لديه ورتّب وقتَه وسأل الله العون والتوفيق حقّق ونال الخير وأدّى الفرائض كما أُمر وسابق للخير وبلغ المراد وما يُنال المراد إلا بالحرص والإجتهاد . 
فاللهم وفقنا لاغتنام الأزمنة الفاضلة يامن لايرد سائلَه وبارك اللهم لنا في الكتاب والسنة وانفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
============ الخطبة الثانية =============
الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أهل الفضل والتقوى وعلى من تبعهم بإحسانٍ  صلاة وسلاماً دائبين ملء الأرض والسماوات العلى أما بعد : 
فاتقوا الله - عباد الله - 
عباد الله : من أقصر الطرق لمرضاة الله وخير مايتعبد اللهُ به في الشهر الفضيل - سلامة الصدور وصلاح السرائر ، وهذا الشهرُ الفضيل فرصة لتطهير القلوب من شتى الخطايا القلبية والمكنونات الخفية فإن بعض الخطايا التي يجنيها الرجل بقلبه كالكبر والحسد ونحوها هي كبائر من الذنوب لها عظيم الأثر على دين العبد وأعماله ، فالخلاص منها خلاص من كبائر مهلكة تُذهب الحسنات والأجور للعبد وتقضي عليها ،وسلامة للمرء من عذاب الله في مستقبل أمره .

أخي المبارك : لاتدع لنفسك فراغاً في هذا الشهر الفضيل فهو موسمٌ يفوت ورمضان وقتٌ محددٌ وموقوت ، فمن أدركه الملل في وسطه أو أوله أو آخره فعليه بما يجمع عليه قلبه ويُعظم رغبته سواءٌ كان ذكراً أم تلاوة قرآن أم عبادة فالنفس تمَلّ في بعض الأحيان ، ولكن ليلتزم العبد قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إن للقلوب إقبالاً وإدباراً ، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل وإن أدبرت فألزموها الفرائض . 
وإن مما يُستقبل به الشهر الفضيل الدعاء بالعون والتوفيق والقبول ، فالداعي مقرّب والدعاء مجرّب ولاتغفل عن الحوقلة ففيها حمل الأثقال وإنجار الأعمال فالزمها إذا كللت وأكثرمنها ومن الإستغفار إذا مللت . 
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مرسل أنه كان إذا استهل هلال شهر رمضان أقبل على الناس بوجهه ثم قال : " اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والعافية المجلّله ودفع الأسقام والعون على الصيام والصلاة وتلاوة القرآن ، اللهم سلّمنا لرمضان وسلمه لنا وتسلّمه منا حتى يخرج رمضان وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا  " وهذا الحديث وإن كان فيه ضعف فهو من باب الدعاء وفضائل الأعمال  وهو مما أباح أهل العلم أن يُعمل به وقد ورد عن بعض السلف أنه كان يقول إذا دخل الشهر : " اللهم سلمني لرمضان وسلّم رمضان لي وتلّمه مني متقبلاً " . . وإن لم يحفظ العبد مثل هذه الأدعية فليدعو بما ورد في رؤية الهلال وهو حديث حسّنه الترمذي وبعض أهل العلم من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال : " اللهم أهِلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله " وأما رواية : " هلال رشدٍ وخير " ففيها ضعف ، اللهم إنا نسألك أن تُبلغنا الشهر الفضيل وتعيينا على صيامه وقيامه وتجعله عصمة لنا من الذنوب والمعاصي ياذا الجلال والإكرام  . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...