الحمدلله الذي شرع لنبيه سنن الهدى وبين لنا سبل الردى ولم يخلق الخلق سُدى والصلاة والسلام على خير من اهتدى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن على نهجه اقتفى وسار على سبيله واهتدى وسلّم تسليماً كثيراً أما بعد :
فاتقوا - عباد الله - ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) واعلموا - رحمكم الله - أن خير الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذّ شذّ في النار .
عباد الله : التعبد لله على بصيرة نهج المرسلين وعباد الله المفلحين ولا تستقيم عبادة ولا صوم المسلم إلا إذا كان تعبده على نهجٍ صحيح واعتقادٍ صواب ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) ( وما أمروا إلا ليعبدوا مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) ولابد للعبد أن يتعلم أحكام دينه فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات ويسألَ أهل العلم حينما يُشكل عليه شيء من أحكام الدين لكي لايتعبد لله على جهل وما بُعث الأنبياء إلا ليبينوا للناس أحكام التنزيل والشريعة يقول ربُنا تبارك وتعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون * بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانُزّل إليهم ولعلهم يتفكرون ) .
عباد الله : من الأحكام التي تتعلق بالصوم أن من بقي عليه صيام من رمضان الفائت ولم يقضه تهاوناً وكسلاً فيلزمه التوبة إلى الله من هذا الفعل الآثم وعليه القضاء والكفارة عن عدد الأيام التي أخرها فيطعم عن كل يوم أخره مسكين ويطعمه نصف صاع من البر أوغيره
وأما من لديه عذر فإن عليه التوبة والقضاء وليس عليه كفارة كما أفتى به الشيخ عبدالعزيز بن باز رحم الله الجميع ، وأما استعمال الكحل وكذلك استعمال قطرات العين والأنف والسواك كل ذلك لايفطر به الصائم ولكن لابد من الحذر من السواك الذي به نكهات فإنه لايحل استعماله للصائم وأما بخاخ الربو فيحل للصائم لأن المادة فيه لاتصل إلى المعدة وكذلك غاز الأكسجين وأما استعمال المنظار للمرضى فهذا لايفطر به الصائم إلا إذا استعمله مع مادة دهنية تدخل إلى المعدة فهنا يفطر الصائم بسبب دخول هذه المادة للمعدة وأما بالنسبة .
وأما الحُقن فتختلف فمنها مغذٍ ومنها غير مغذي فغير المغذي منها كحقن الأنسولين والحقن العضلية والحقن الشرجية والمهبلية بالنسبة للمرأة وكذلك التحاميل ضد الحرارة والإبر المسكنة لها فكلها لاتفطر وكذلك اللصقات العلاجية والأدهنة كمرطب الشفتين والمراهم وما يشابهها فهي لاتفطر وكذلك الإبر المخدرة كإبر تخدير الأسنان وقلع الضرس والرعاف ونحوها وكذلك الأقراص التي تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية والذبحة الصدرية وأما الإحتلام الذي يخرج معه المني فإنه لايُفطر
وأما الإبر المغذية فهي تفطر كالتي تحتوي على المواد السكرية وكذلك لصقات النيكوتين فهي تفطر لإحتوائها على مادة تغذي الدم وتعوضه عن النيكوتين الموجود في الدخان فينبغي تجنبها إلى مابعد الإفطار وليس على المرأة في البيت من حرج إذا تذوقت الطعام بشرط أن لاتبتلعه وأن يكون ذلك للحاجة .
والقاعدة في ذلك : " أن ماكان أكلاً وشرباً أو كان في معنى الأكل والشرب من الإبر والحُقن وغيرها فهو مفطّر وما كان سوى ذلك فلا " وكل ماكان من القطرات التي تنفذ للحلق فيجب عدم ابتلاعها وإلا أفطر بها الصائم فلا بد من استخراج الطعوم التي تكون في الحلق من تلك القطرات سواء استعملها المريض عن طريق الأنف أو الأذن .
ومن المفطرات - ياعباد الله - القيء العمد لامن ذرعه القيء - أي خرج رغماً عنه لقوله صلى الله عليه وسلم : " من ذرعه القيء - أي غلبه - فلا قضاء عليه ، ومن استقاء عمداً فليقض ِ " أخرجه الترمذي في سننه . . ومن المفطرات أيضاً الحجامة لقوله صلى الله عليه وسلم لمّا رأى رجلاً يحتجم في نهار رمضان قال : " أفطر الحاجم والمحجوم " وليُعلم أن الحاجم إذا حجم بآلات الحجامة الحديثة فإنه لايُفطر لأن علّة فطر الحاجم هي امتصاص الدم وقد كان في الماضي وأما هذه الأيام فإنه غير متحقق وأما المحجوم فإنه يُفطر ، ومن تلك المفطّرات الإستمناء وهو استعمال العادة السرية في نهار رمضان عمداً وصاحبها آثمٌ أشد الإثم وعليه التوبة والإستغفار وقضاء ذلك اليوم وليس عليه كفّارة كالجماع الذي هو أشدّ المفطرات وكفارته عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يتسطع فإطعام ستين مسكيناً وهي تشبه كفارة الظهار حفظ الله لنا ولكم سائر العبادات مما يُنقصها أو يشوبها وأكمل لنا ولكم الأجر والمثوبة وجنبنا الآثام والعقوبة إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه من كل الآثام والأوزار يغفر لكم إنه هو العزيز الغفار .
============== الخطبة الثانية ================
الحمدلله الكريم المتعال ذو الإنعام والإفضال والعزة والجلال والصلاة والسلام على النبي المصطفى والأصحاب والآل ومن تبعهم بإحسان ٍ إلى يوم المآل أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن من طرأ عليه السفر في نهار رمضان ونوى الإفطار فلا يحلّ له أن يتناول شيئاً من المفطرات حتى يخرج من البلد الذي نوى السفر منه ويخرج خارج العمران ولا يظن أنه بمجرد نيّة السفر يكون مسافراً ومن فعل شيئاً من المفطرات فعليه التوبة والإستغفار وإن كان المفطّر له مما يستوجب الكفارة فتلزمه كمن وقع على أهله قبل أن يغادر البلد وذلك ماأفتى به كبار أهل العلم كاللحيدان والعثيمين وغيرهم ، وهذه المسألة تغيب على كثير من الناس فليحذر المسلم من ذلك .
ومن أكل أو شرب ظناً منه أن الشمس غربت فلا قضاء عليه على الصحيح لما ثبت في صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : " أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس "
والمرأة التي حاضت ثم طهرت في أثناء نهار رمضان فعليها أن تقضي ذلك اليوم وتمسك في بقيتة أو كان العكس بأن نوت الصوم ثم حاضت قبل مغيب الشمس ولو بدقائق فعليها ماأسلفنا أن تمسك وتقضي كما هو قول جماهير أهل العلم ومنهم كبار العلماء في عصرنا وهو القول الراجح .
وللتنبيه ياعباد الله : أهل الفساد في بعض وسائل الإعلام تنشط في بث منكرات شنيعة ومسلسلات هابطة تصّدر لقيم الفساد ، بل تطوّر مكرها في الدعوة للفاحشة والرذيلة علانية وكان من بعضهم التصريح بالإستهزاء بالدين وأهله والله جلا وعلا يقول : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . . ) ومن يشاهدهم له نصيب من الإثم لاريب ولا شك ولو قاطعت الجماهير أمثال هؤلاء ماروجوا لفجورهم وخبثهم ولكن وجدوا لهم من يداهنهم ويأخذ الأمر بتمييع وسخرية فحسبنا الله ونعم الوكيل . . فانجُ بنفسك من السقوط في أوحالهم ودنسهم لاكثر الله من أمثالهم في مجتمعنا وهيأ لولاة أمورنا من يضرب بيد من حديد على يد هؤلاء المستهترين ويكفّ عن المسلمين سفاهاتِهم وشرورِهم والله عزيز ذو انتقام . . ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق