الجمعة، 8 يوليو 2022

خطبة ثانية لعيد الأضحى المبارك

الحمدلله الذي امتن على عباده بمواسم القُربات وأسبغ عليهم النعمة ووفهم للطاعات وبلغهم عشر ذي الحجة ورزقهم من الطيبات والصلاة والسلام على خير البريّات وأرفعهم في الدرجات وأعلاهم في المنازل والمقامات نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل التحايا وأزكى الصلوات أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى ينالُ ربَّ العزة والجلال ، ويرفع له العمل الصالح بالليل والنهار مادامت الأزمنة والآجال ومالهم من دونه من وال ، فالتقوى ياعباد الله عليه مدار الأعمال وخير ماتقرب به المتقربون وتنسك به المتنسكون ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ماهداكم وبشر المحسنين ) .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله : إن أعظم مامن الله به على عباده هو الهداية لهذا الدين وسلوك سبيل المؤمنين ، في وقت ضل عن طريق الله المستقيم خلقٌ لايحصيهم إلا الله فمنهم من حرّم عليه الطيبات من البهائم التي تعارف الكثير من البشر على أن اقتناءَها وذبحَها أمر طبعي وعادة إنسانية فحرّموا عليهم البقر ومنهم من حرّم على نفسه الغنم ، ومنهم من حرّم بعض بهيمة الأنعام من الإبل لأصنامهم وأوثانهم التي ماأنزل الله بها من سلطان فجعلوا منها البَحيرة وهي الناقة التي تُقطع أذنها إذا أنجبت عدداً معيناً وجعلوا منها السائبة وهي الناقة التي تسيّب للأصنام إذا بلغت سناً معيّنة وجعلوا منها الوصيلة التي تصل إنجاب أثنى بأنثى وجعلوا منها الحام وهو فحل الإبل الذي ينتج من صلبه عدد معين فيتركونه ولا يذبحونه وغيره ممن ذُكر كل هذا كذباً وافتراءاً على الله فرد الله ضلالاتهم عليهم فقال : ( ماجعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الكذب وأكثرهم لايعقلون ) .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله : تقديم القرابين سنّة عند جميع الأمم باختلاف دياناتهم ، بل هي سنّة لكل أمة سبقتنا من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم ( ولكل أمّة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على مارزقهم من بهيمة الأنعام . . ) ولكن هذه البهائم إما أن تكون حسرة وعذاب لمن ذبحها بغير حقها وذكر عليه اسم غير الله أو تكون بهجة وفرحاً ونعيماً لصاحبها حينما تأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وشعرها شاهدة لصاحبها وكذلك كون الدم يقع عند الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فهنا تعرف نعمة الله عليه بالتوفيق والهداية والعمل الصالح المرضي الذي ارتضاه رب العزة والجلال وأضلّ عن هذا النسك وعن صراط الله المستقيم عامة كثيرٌ من البشر ممن يخبط في هذه البهائم التي سخرها للبشر ولذا ينبغي على كل من يستخدم من العمالة أن يتأكد من ديانته فلا تصح ذبيحة المشرك بأي حال .
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
عباد الله : وفي شأن الأضاحي لابد أن نراعِ السلامة من العيوب فالسلامة من العيوب أمرٌ مطلوب ولا يُجزئ في الأضاحي أربع كما قال عليه الصلاة والسلام : " لاتجزئ في الأضاحي أربعة : العوراء البين عورها ، والعرجاء البين عَرَجها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لاتُنقي " أي الهزيلة التي ليس بها مخ في أركانها وقد أخرج الحديث أصحاب السنن الأربعة من حديث البراء بن عازب ولا يُضحى أيضاً بمكسورة القرن بالكليه أو التي ذهب أكثر قرنها ولا بالعمياء ولا المصابة بصعق أو حرق حتى يزل مابها من عاهة ولا يضحى بالعاجزة عن المشي ولايُضحى أيضا بمقطوعة الإلية ويكره التضحية بمخروقة الأذن ومقطوعة الأذن ، وبعض العلماء يحرّم ذلك وكلما كانت الأضحية أسلم من كل عيب كلما كان ذلك أحب إلى الله وأقبل للأضحية الله أكبر الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ويجب أن يسمي وأن يكبر عند الذبح ولو نسيها لحلت ذبيحته لامتعمدا والأفضل أن يذبح بيده ويطبق السنة ويقول " اللهم عني وعن أهل بيتي " ويجعل رجله على صفحة عنق الذبيحة ويسن أن يوجهها إلى القبلة ويمسح على ظهرها ويهدئ من روعها ويسن شفرته وسكينه ويجهز على الذبيحه رحمة بها قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتله وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبحة وليحدّ أحدكم شفرته وليُرح ذبيحته "
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
وأفضل أيام الذبح هذا اليوم الذي هو أفضل الأيام عند الله والذي يُسمّى بيوم الحج الأكبر ويوم النحر ثم اليوم الذي بعده - يوم القرّ - الذي به يقر الحجاج في منى لقوله عليه الصلاة والسلام " أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرّ " ووقت الذبح يبدأ من بعد صلاة العيد ويمتد إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر أي يوم العيد وثلاثة ايام بعده
ويجب الصدقة على الفقير من الأضحية ولو بالشيء اليسير والأفضل الثلث فما فوق لقوله تعالى في سورة الحج : " . . . فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير " ولقوله أيضاً : " ... فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون "
وإن أكل ثلثاً وأهدى ثلثاً وتصدق بلثٍ فقد أحسن .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله : استشعار هذه الشعيرة أمرٌ ينبغي الحرص عليه وأن يطيب العبد بهذه الذبيحة نفساً وأن يخرج من طور العادات التي مضى عليها السلف إلى طور العبادات ، فهذه عبادة ينبغي للعبد الفطن أن يحرص على التعبد لله بهذه الشعيرة ممتثلاً قول الله تعالى : " فصل لربك وانحر " كل ذلك تعبداً لاعادة مضى عليها الأولون وسار عليها السابقون من الآباء والأجداد عليهم رحمة رب العباد .
=================== الخطبة الثانية =================
الحمدلله ولي المتقين الذي وفق عباده لسلوك طريق المفلحين وأنعم عليهم بوافر النعم في كل وقتٍ وحين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :


عباد الله : الفرح والإبتسامة والسرور في أيام العيد وإظهار الأنس سنة عن المصطفى عليه الصلاة والسلام كيف لا وقد كان أحسن الناس خُلقاً ، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفّه عن نفسه وعن أهله وأبناء بنته وغيرهم وروى ابن ماجة عن يعلى بن مرّة : " أنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام دُعُوا له ، فإذا حسين - ابن فاطمة يلعب في السِّكة قال : فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم وبسط يديه فجعل الغلام يفر هاهنا وهاهنا ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبّله " وكان يمازح أصحابه ويأخذون بأشعار الجاهلية في المسجد ويبتسم ، بل كان الحبشة يلعبون في المسجد ولم يكن ينهرهم ويستر عائشة وهي تنظر إليهم ويقول لهم : " خذوا بني أرفدة ، حتى يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة " ولهذا لاينبغي التثريب والزجر للأطفال في أيام العيد خاصة فرفهوا عنهم وعن أنفسكم بما لايجاوز حدود الشرع فلا إسراف ولا مضرّة
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله : الكثير من المسلمين يُعاني خصومات وشحناء وبغضاء في قلبه على رجل من المسلمين أو عدة أشخاص وهذا الرجل أنهك قلبه وفكره بما لايعود عليه إلا بالمضرة في دينه وجسده واعلم أن أي خصومة أو خلاف تدوم في القلب أكثر من ثلاث ليال معرّض صاحبها للوعيد ففي الحديث : " لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، فمن هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار " أخرجه أبوداود عن أبي هريرة بإسناد صحيح فينبغي للعبد أن يُصلح قلبه ويجاهده فلا يستوي ذو القلب السليم مع القلب المشاحن أبداً لاعند الله ولا عند الخلق فليكن العبد كما قال الشاعر :
لمّا عفوت ولم أحقد على أحدٍ * أرحت قلبي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته * لأدفع الشر عني بالتحيات
وأُظهر البشر للإنسان أبغضه * كما أن قد حشى قلبي محبات
الناس داءٌ دواء الناس قربِهم * وفي اعتزالهم ُ قطع المودات
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا

معاشر النساء : ماتقربت امرأة لربها بمثل العفة والحياء والقرار في البيوت وتربية الأبناء على الأخلاق النبيلة والأهداف السامية وهدم البيوت يبدأ بإفساد المرأة فإن تمكن العدو من إفسادها فقد تهدم البيت وخارت أركانه فكوني سداً منيعاً ولا تؤتى البيوت من قِبلك ، والحذر من دعاة الفتنة وزعماء تحرير المرأة التي بانت أكاذيبها وألاعيبها ولكن في المرأة الغربية عبرة فقد وصلت إلى منتهى الطريق فكانت سلعة رخيصة تباع بأبخس الأثمان لاقيمة لها ولا وزن في الدنيا مع النكال والعذاب الأليم في الآخرة ، فاللهم من أراد نساءنا وديننا وأهلنا بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له ياذا الجلال والإكرام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطبة عن حسن الخاتمة وأسبابها

  الحمدلله الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير ، خلق الخلق ليعبدوه ووعدهم بالعاقبة الحميدة وهو اللطيف الخبير، والصلاة والسلام ع...